طبيب بريطاني يفضح المغالطات بما يخص أزمة خدمات الصحة البريطانية
يواجه الأطباء في قطاع الصحة البريطاني ضغوطًا كبيرة للبقاء على رأس عملهم، في ظل استمرار أزمة خدمات الصحة البريطانية التي تدهور أدائها بشكل كبير بعد أن كانت واحدة من أفضل المنظمات الطبية في العالم.
وقال طبيب بريطاني:” لقد تعبنا كثيرًا نحن مطالبين بالعمل تحت مظلة هيئة الصحة البريطانية للتغطية على حقيقة انهيار خدمات الصحة في بريطانيا”.
وقد عانت بريطانيا من موجة أزمات واضطرابات خلال عام 2022، حيث ازدادت تكاليف المعيشة، بينما استقال اثنين من رؤساء الوزراء خلال العام الماضي، في ظل سلسلة من الإضرابات التي شلت العديد من الخدمات العامة.
وعل الرغم من ذلك يطالب كثيرون بوضع أزمة هيئة خدمات الصحة البريطانية على رأس أجندة رئيس الوزراء ريشي سوناك، لأن توقف الخدمات الطبية العامة في بريطانيا سيهدد حياة الكثير من المرضى، بينما تداعت الخدمات الطبية تحت وطأة الأعداد الكبيرة للمرضى وطالت الأزمة أكثر مما اعتقد الناس في البداية.
أزمة خدمات الصحة البريطانية بدأت قبل 15 عامًا!
تتناول وسائل الإعلام البريطانية بشكل شبه يومي أزمة هيئة خدمات الصحة البريطانية، وتعرض العديد من الدراسات حول تردي نظام الرعاية الصحية خاصة في قسم الإسعاف، إلا أن الكثير من الناس يعتقدون بأن انتشار وباء كورونا سابقًا هو السبب الرئيسي للأزمة الأمر الذي لا يتفق معه الطبيب البريطاني بيتر نيفيل .
ونشر نيفيل مجموعة تغريدات على تويتر لفضح وتصحيح المغالطات المتعلقة بأزمة خدمات الصحة في بريطانيا.
وبخبرته الممتدة إلى 30 عامًا من العمل في مستشفيات بريطانيا وضع نيفيل يده على الجراح التي تعاني منها هيئة خدامات الصحة البريطانية ونشر مجموعة من التغريدات لاقت صدى واسعًا في بريطانيا.
وقال نيفيل في إحدى تغريداته :” لقد شهدنا زيادة كبيرة في الطلب على الرعاية الصحية الشاملة أو الرعاية الخاصة المقدمة في المستشفيات خلال الخمسة عشر عامًا الماضي، وقد كان ذلك متوقعًا من قبل خبراء الإحصاء، بعد ارتفاع متوسط الأعمار في بريطانيا حيث يعيش كبار السن لفترة أطول من قبل”.
وبحسب مكتب الإحصاء الوطني فإن عدد كبار السن في بريطانيا آخذ في الارتفاع، وقد تجاوز 1.7 مليون بريطانيا عمر 85 عامًا بحلول عام 2020 ، ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 3.1 مليون شخص بحلول عام 2045 ، ما يمثل 4.3 في المئة من إجمالي سكان بريطانيا.
وأضاف نيفيل:” يستهلك كبار السن لدينا نسبة كبيرة جدًا من موارد هيئة خدمات الصحة البريطانية، وهو أمر بديهي لأنهم الأكثر عرضًة للإصابة بأمراض الضعف والخرف، وبالتالي فهم بحاجة إلى المزيد من الرعاية الاجتماعية والرعاية الصحية المقدمة من المستشفيات، علمًا أنهم يعيشون لفترة أطول”.
وأشار نيفيل إلى أن المهاجرين في بريطانيا لا يتطلبون من الكثير العناية الطبية.
(NHS) وتمويل المجالس المحلية
وكانت الدكتورة ليلى مكاي المسؤولة عن وضع سياسات هيئة خدمات الصحة البريطانية قد أشارت في شهر آب/ أغسطس عام 2022 إلى أن هيئة خدمات لصحة البريطانية ستحتاج إلى 3, 4 مليار باوند لتعويض التضخم الحاصل خلال عام 2022 وحده، في الوقت نفسه فإن التمويل الحكومي لهيئة خدمات الصحة البريطانية لم يرق إلى نسبة التضخم خلال الخمسة عشر عامًا الماضية.
وقال الدكتور نيفيل:” إن زيادة تمويل خدمات هيئة الصحة البريطانية ترافقت مع ارتفاع التضخم وزيادة الطلب على الخدمات الصحية، وقد أدى ذلك إلى تراجع الإنفاق على الحاجات الطبية لكل شخص، في ظل زيادة الطلب على الخدمات الطبية بنسبة 2 في المئة، وهذا هو السبب الأساسي لفشل القطاع الطبي”.
ومن الجدير بالذكر أن مشكلة الرعاية الصحية للمسنين عادت للظهور مرة أخرى بسبب نقص التمويل المقدم للمجالس المحلية في بريطانيا.
For those who don't fully understand what is up with the NHS, here is a thread for you that might help.
I'm a consultant physician working as a doctor in the NHS in Yorkshire and Wales for 32 years now. I have experienced the NHS at its best (2008) and its worst (2022).
— Peter Neville (@peteneville65) January 2, 2023
ويقول الدكتور نيفيل إن هيئة خدمات الصحة البريطانية ليست مسؤولة عن تقديم الرعاية الاجتماعية، وأضاف: “عندما يدخل كبار السن المستشفيات، يعتادون على الإقامة في المستشفى ويحتاجون إلى تلقي المزيد من العلاج الفيزيائي لاستعادة قدرتهم على الحركة، ولذلك لابد أن يحصلوا على الرعاية الاجتماعية، ويجب أن تلعب دُورُ الرعاية دورًا في ذلك”.
“بينما يعاني موظفو خدمات الرعاية الاجتماعية ضغوطًا كبيرة، وهو ما يؤدي إلى تأخر إرسال المرضى إلى منازلهم، إذا لا يمكن إرسال المرضى بأمان إلى منازلهم قبل أن يحصلوا علي الرعاية المطلوبة، ما يزيد من أوقات انتظار المرضى الآخرين”.
وتظهر الدراسة التي نشرتها الغارديان حول بيانات المستشفيات الإنجليزية أن واحد من كل ثلاثة مرضى أي حوالي 33 في المئة من المرضى الذين يشغلون الأسرة في بريطانيا يمكنهم مغادرة المستشفى، لكن بقاءهم يطيل مدة انتظار المرضى الآخرين رغم حاجتهم الماسة للأسرة، كما يؤخر ذلك تقديم الرعاية الاجتماعية للمرضى الآخرين في المستشفى، وينتهي ذلك بتدهور صحة المرضى.
وأضاف:” نحن نعمل ب 66 ف المئة من استطاعتنا ، حيث تعاني أقسام الإسعاف من ازدحام شديد، و لا يحظى المرضى بالخصوصية الكافية ضمن أقسام الإسعاف، لأن بيئة العمل أصبحت سيئة للغاية، وقد ازدادت سوءًا خلا السنوات الحمس الماضية.
غضب الكوادر الطبية في بريطانيا
تواجه هيئة خدمات الصحية البريطانية نقصًا كبيرًا في عدد الموظفين، ووجدت خر الإحصائيات أن عدد الشواغر في هيئة خدمات الصحة البريطانية وصل إلى 133.446 في أيلول/ سبتمبر 2022 بمعدل 9.7 في المئة.
وقال نيفيل:” يعمل موظفو هيئة خدمات الصحة البريطانية على تقديم أفضل رعاية طبية ممكنة، لكنهم عانوا من تجميد سقف الرواتب طوال سبع سنوات من التقشف وعدم تقديم أي تعويض منذ ذلك الحين، بينما يحتاج الأطباء إلى ما يكفي من الأموال لسد ديونهم بعد التخرج من الجامعة”.
وأشار نيفيل إلى أن الرواتب التقاعدية المرتفعة كانت من أفضل مميزات العمل في هيئة خدامات الصحة البريطانية، لكن بحسب خطة الحكومة الخاصة بالمتقاعدين في هيئة خدمات الصحة البريطانية لعام 2015، لابد أن يعمل موظفو الرعاية الصحية لفترة أطول، وأن يدفعوا المزيد من الضرائب”.
ويضيف:” يبدو أن الرواتب التقاعدية لم تعد حافرًا للعديد من الموظفين في هيئة خدمات الصحة البريطانية، حيث يستقيل الأطباء والممرضين ترك من هيئة خدمات الصحة البريطانية ويعملون لحسابهم الخاص، و يتقاضون رواتب أعلى بكثير، ويمكنهم تحديد لساعات العمل، وهو امتياز لا يتمتعون به ضمن هيئة خدمات الصحة البريطانية”.
وفي ظل كثرة الشواغر ضمن هيئة خدمات الصحة البريطانية، تعمل الكوادر الطبية فوق طاقتها، بينما تطول قوائم الانتظار بشكل كبير، ويشير نيفيل إلى أن هيئة خدمات الصحية البريطانية لا يمكنها ملء الشواغر لعدم وجود كوادر طبية كافية في البلاد”.
إدانة الممرضات!
أدان الجمهور البريطاني مشاركة الممرضات في موجة الإضرابات رغم ارتفاع رواتبهم، لكن نيفيل يؤكد أن الممرضات يشاركن في الإضراب بسبب إجبارهن على ملء الشواغر الأخرى”.
وأضاف:” تعلم الممرضات أنه في حال لم ترتفع الأجور، وتتحسن ظروف العمل في القريب العاجل فإن الكوادر الطبية ستنهار وسنواجه استقالات جماعية، وحالات تقاعد مبكر، لقد أصبحت مهنة الطبابة في ورطة، كما أن تمسك الحكومة بموقفها سيؤدي إلى انهيار سلك التمريض”.
وقال أيضاً: “لقد عملت في هيئة خدامات الصحة البريطانية طوال حياتي، ولم يمر القطاع الطبي بأسوأ من هذه الأزمة، رغم ذلك تحاول الحكومة إلقاء اللوم على الممرضات، ياللعار”.
من الجدير الذكر أن الأطباء المتدربون في بريطانيا قد يشنون إضرابًا كبيرًا، وبحسب استطلاع الرأي الذي أجرته الجمعية الطبية البريطانية فإن 40 في المئة من الأطباء المتدربين يخططون لترك العمل في هيئة خدمات الصحة البريطانية بمجرد العثور على وظيفة أخرى.
ونصح الدكتور نيفيل الجمهور بعدم الانخداع بالأخبار المضللة والأرقام المزيفة التي يعرضها الإعلام حول هيئة خدمات الصحة البريطانية ويقول:” لا تنخدعوا بما يقوله الإعلام حول تكاليف العلاج، إن هيئة خدمات الصحة البريطانية بحاجة إلى المزيد من الأموال”.
“تذكروا أنكم إذا تهاونتم في ذلك، فستدفعون هذه الأموال بطريقة أخرى، إما من خلال نظام تأمين صحي حكومي جديد أو تأمين خاص” وأضاف:” تنفق بريطانيا 9 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي على الرعاية الصحية بينما تنفق الولايات المتحدة الأمريكية 15 في المئة “.
“وبالنسبة لأولئك الذين يقولون بأن خدمات هيئة الصحة البريطانية مرتفعة الثمن، أنصحكم بمقارنة رسوم العلاج هنا، بالبلدان الأخرى، وفي النهاية سيحصل الناس على الخدمات الطبية مقابل ما يدفعونه، وفي كل الأحوال فإن الأموال ستدفع من جيوب دافعي الضرائب”.
اقرأ أيضاً :
تعطل خط طوارئ هيئة الصحة البريطانية بعد تعرضه لهجوم إلكتروني
كيف يمكنني تقديم شكوى على خدمات هيئة الصحة الوطنية NHS ؟
ترند بريطانيا: الضغط الهائل على الخدمات الصحية يثير الرأي العام
الرابط المختصر هنا ⬇