أزمة أمريكا في عهد ترامب قد تصبح مكسبًا استراتيجيًا لبريطانيا

في الوقت الذي تدخل فيه الولايات المتحدة مرحلة جديدة من الاضطراب السياسي والاقتصادي مع عودة دونالد ترامب إلى الرئاسة، تجد بريطانيا نفسها أمام فرصة نادرة لإعادة تموضعها على الساحة الدولية.
فبينما تتزايد شكوك الحلفاء في استقرار السياسات الأمريكية وتراجع جاذبية واشنطن كمركز علمي واقتصادي، يمكن للمملكة المتحدة أن تستثمر هذا التراجع لصالحها، من خلال جذب الكفاءات والمواهب، وتعزيز مكانتها كمركز بديل للعلم، والاستثمار، والاستقرار القانوني.
الفرصة الاستراتيجية لبريطانيا في عهد عودة ترامب

إذ أن عودة ترامب إلى الحكم بدأت تُلقي بظلالها على العلاقات الدولية، وخصوصًا على الشراكة التاريخية بين لندن وواشنطن. فقرارات ترامب العشوائية، وانسحابه المتكرر من التزاماته الدولية، إلى جانب نهجه المتوتر في التعامل مع المؤسسات، جعلت من الولايات المتحدة شريكًا أقل موثوقية.
ويُرجّح أن تمارس إدارته ضغوطًا على بريطانيا لعدم تعميق علاقاتها التجارية مع أوروبا أو الصين، مقابل وعود بتسهيلات جمركية. غير أن الانصياع لهذه الضغوط قد يُقيد خيارات بريطانيا الاستراتيجية ويقوّض استقلال قرارها الاقتصادي.
كما تزداد المؤشرات على تراجع أميركا كمحطة جذابة للعلماء والطلاب والباحثين. فالهجمات على المؤسسات الأكاديمية، ومحاولات تسييس الجامعات، والتهديدات الموجهة للطلبة والأكاديميين الأجانب، كلها عوامل تدفع بالكفاءات العالمية إلى البحث عن وجهات بديلة أكثر استقرارًا وانفتاحًا.
تعزيز مكانة بريطانيا كمركز للعلم والاستثمار

وفي هذا السياق، تُعد بريطانيا – بما تملكه من جامعات مرموقة ونظام قانوني راسخ – الخيار الأوفر حظًا لاحتضان هذه النخبة العلمية والفكرية.
وتتزايد الحاجة اليوم إلى إصلاحات في السياسة البريطانية لاستثمار هذه الفرصة، لاسيما في ما يتعلق بنظام التأشيرات والهجرة. فبينما تثير أرقام الهجرة مخاوف داخلية، فإن القدرة على استقطاب العلماء ورجال الأعمال والطلاب المتفوقين باتت ضرورة اقتصادية واستراتيجية.
ورغم إلغاء نظام “المقيم المؤقت” الذي كان يوفر إعفاءات تنافسية ضريبية، إلا أن الأوضاع الجديدة في الولايات المتحدة قد تدفع بالعديد من كبار المستثمرين وأصحاب رؤوس الأموال إلى التفكير مجددًا في نقل إقامتهم إلى لندن، ما يتطلب مراجعة مستهدفة للسياسات الضريبية المعنية بالأجانب من ذوي الدخل المرتفع.
صحيح أن السياسات الأمريكية في عهد ترامب قد تلحق أضرارًا بالاقتصاد البريطاني على المدى القريب، خصوصًا إذا شملت عقوبات تجارية أو تراجعًا في التعاون الأمني، إلا أن التحرك البريطاني الذكي، القائم على رؤية جريئة واستباقية، قد يحوّل تلك الأزمات إلى مكاسب استراتيجية. فبين تراجع الثقة في الولايات المتحدة، وصعود الحاجة إلى مراكز بديلة للعلم والاستثمار، تقف بريطانيا أمام مفترق طرق يمكن أن يعيد تعريف دورها العالمي في مرحلة ما بعد ترامب.
المصدر: Newstatesman
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇