آلاف المرضى مهددون بعد ضياع إحالات الأطباء في معاملات الصحة NHS
كشف “هيلث ووتش إنجلترا” (Healthwatch England) — هيئة مراقبة المرضى التابعة لهيئة الصحة الوطنية NHS — أن واحدًا من كل سبعة أشخاص في إنجلترا ممن يحتاجون إلى رعاية بالمستشفى لا يحصلون عليها بسبب ضياع إحالتهم من الطبيب العام (GP) أو رفضها أو تأخرها. وأظهر البحث أن 14% من الإحالات تتعطل بين عيادات الأطباء العامين والمستشفيات، بما يترك المرضى في حالة غموض وقلق حول موعد الفحوصات أو بدء العلاج.
ضرر صحي واسع النطاق وصمت في التواصل

بحسب النتائج، فإن ثلاثة أرباع المتضررين (75%) من “الثقب الأسود للإحالات” يتعرضون لضرر في الصحة الجسدية أو النفسية نتيجة عدم إدراجهم على قوائم الانتظار الخاصة بالفحوصات أو العلاج. كما اتضح أن التواصل مع المرضى يتسم بالضعف الشديد؛ إذ إن سبعة من كل عشرة (70%) لا يكتشفون أن إحالاتهم لم تُسجّل على قائمة الانتظار إلا بعد أن يلاحقوا NHS بأنفسهم، بسبب عدم إبلاغهم بوجود عائق أو تأخير. وفي بعض الحالات، تبيّن أن الإحالات التي وافق عليها الأطباء لم تُرسل أصلًا من عياداتهم إلى المستشفى.
وقال كريس مكّان (Chris McCann)، نائب الرئيس التنفيذي لـHealthwatch، إن كل إحالة متأخرة أو مفقودة أو مرفوضة تمثل “قصة إنسانية من الألم والتوتر وعدم اليقين”، مشيرًا إلى أن كثيرين يشعرون بأنهم “يعيشون للبقاء لا للحياة” بسبب طول الانتظار وما يرافقه من ارتباك.
جمعية المرضى: خلل “مقلق للغاية”
من جهتها وصفت رايتشل باور (Rachel Power)، الرئيسة التنفيذية لـجمعية المرضى (Patients Association)، النتائج بأنها “مقلقة للغاية”، مؤكدة أن تأخير الإحالات قد يجعل بعض المرضى يخشون مغادرة منازلهم. ولفتت إلى أن اكتشاف فشل الإحالة بالصدفة عبر المراجعة الذاتية — بدلًا من الإبلاغ الرسمي — يعني أن “شيئًا ما خاطئ على نحو خطير”، خصوصًا أن المرضى يكونون أصلًا تحت ضغط القلق وانتظار العلاج، فيما قد تتدهور حالتهم لأنهم لم يكونوا “حتى داخل الطابور”.
واستندت نتائج Healthwatch إلى استطلاع أجرته YouGov على عينة وطنية ممثلة قوامها 2,622 بالغًا في إنجلترا تلقّوا إحالة من طبيب عام لإجراء فحوصات أو علاج خلال العام الماضي. وتطرح النتائج تساؤلات حول دقة أرقام قوائم الانتظار بوصفها مرآة للحاجة الفعلية للرعاية، في ظل وجود 6.24 مليون شخص ينتظرون 7.39 مليون فحص أو علاج.
ضغط إضافي على خدمات NHS… واللجوء للقطاع الخاص

أظهر الاستطلاع أن 53% من المحالين يطلبون مساعدة طبية أو استشارة أثناء انتظار تحرك NHS. وبينما يلجأ 7% إلى الرعاية الخاصة، يطلب 20% دعمًا من خدمات أخرى داخل NHS، مثل طبيب عام مختلف أو خدمات الرعاية العاجلة. وخلص التقرير إلى أن تأخيرات الإحالات قد تسهم في زيادة الضغط على خدمات أخرى داخل المنظومة.
أشار التقرير إلى أن نسبة الإحالات التي تُفقد أو تُرفض أو تتأخر — 14% — تمثل تحسنًا مقارنة بنسبة 21% في بحث مماثل أُجري عام 2023. ومنذ ذلك الوقت، حاول الوزراء ومسؤولو الخدمات الصحية الحد من المشكلة عبر تسهيل تتبع الإحالات عبر تطبيق NHS، وتوسيع دور الصيدليات لمساعدة من يُشتبه بإصابتهم بالسرطان. ومع ذلك، أكدت Healthwatch أن كثيرًا من المرضى ما زالوا يتحدثون عن ضعف التواصل وطول الانتظار وما يخلّفه من آثار على الصحة والرفاه والقدرة على العمل.
مستويات رضا متراجعة وإجراءات حكومية معلنة
وجدت Healthwatch أن 23% غير راضين عن عملية الإحالات. وفي سياق أوسع، تراجع الرضا العام عن NHS إلى 21% فقط — وهو أدنى مستوى — وفق أحدث نتائج مسح المواقف الاجتماعية البريطانية (British Social Attitudes).
وفي رد رسمي، قال متحدث باسم وزارة الصحة والرعاية الاجتماعية (DHSC) إن الوضع “غير مقبول”، لكنه أشار إلى أن تحسينات أُدخلت منذ إنجاز البحث في مارس. ومن بين هذه الخطوات إدخال قاعدة جِس (Jess’s rule) في سبتمبر، والتي تقضي بأن يسعى الطبيب العام إلى الحصول على رأي ثانٍ إذا تعذر تشخيص حالة المريض بعد ثلاث مواعيد.
وترى منصة العرب في بريطانيا AUK أن ما يبرزه تقرير Healthwatch يتجاوز كونه خللًا إداريًا في مسار الإحالات، ليصبح مسألة ثقة وشفافية وحق أساسي في الوصول إلى الرعاية في الوقت المناسب. فمن غير المقبول أن يكتشف المرضى تعطل إحالاتهم فقط بعد المتابعة الذاتية، بينما تتفاقم حالاتهم وتتزايد الضغوط على خدمات NHS الأخرى.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
