هل تتجسس إسرائيل على أقرب حلفائها؟!

لماذا تعمد شركة (Proofpoint) المقربة من المخابرات الإسرائيلية إلى فرز الرسائل الإلكترونية لمؤسسات كبرى مثل (CNN) و (Washington Post) وجامعات بريطانية شهيرة؟! هل تتجسس إسرائيل على أقرب حلفائها؟!

كشفت وثائق قانونية أن شركة الأمن السيبراني الأمريكية (Proofpoint)، التي تعمل على فرز رسائل البريد الإلكتروني وتصنيفها لصحفيي CNN وواشنطن بوست، على علاقة وثيقة للغاية مع المخابرات الإسرائيلية.

وبالإضافة إلى الأمن السيبراني لشبكة CNN وواشنطن بوست، يبدو أن شركة (Proofpoint) نفذت خدمات فرز البريد الإلكتروني لجامعات بريطانية كبرى مثل جامعة لندن للدراسات الشرقية والأفريقية (SOAS)؛ وكلية لندن الجامعية (UCL)؛ وجامعة Surrey.

يؤكد دانيال كان جيلمور (Daniel Kahn Gillmor) – وهو مهندس أنظمة معلومات في الإتحاد الأمريكي للحريات المدنية – أنه “عندما تَستخدم شركة أمنية لفرز بياناتك، فإنك تتيح لها إمكانية الوصول إلى تلك البيانات، لذا فإن استخدام شركة أمنية يعني الوثوق بأنها لن تعمد إلى تسريب معلومات اتصالاتك الداخلية التي اطلعتْ عليها”.

لدى شركة Proofpoint مائتا موظف في أربعة طوابق في مركز (Azrieli) في تل أبيب، بجوار وزارة الدفاع الإسرائيلية مباشرة. ويتصل المبنى الذي تقع فيه شركة Proofpoint بجسر بمنطقة الحكيرية.

تؤدي شركة ProofPoint خدمات فرز رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بـ Washington Post منذ يناير 2015 و CNN منذ سبتمبر 2017. وخلال تلك الفترة، كانت هناك ثلاث منظمات مدرجة ضمن نشاطات الشركة، التي يُفترض أن يسبب نشاطها قلقًا كبيرًا للموظفين في CNN و Washington Post. (Xanax)

ويبدو أن من العدل أن نتساءل: هل تَستخدم المخابرات الإسرائيلية هذه الشركة للتجسس على الصحفيين في المؤسسات الإعلامية الأمريكية الرئيسية، وفي الجامعات البريطانية الكبرى؟

ما زلنا في اللعبة!

الشركة الأولى التي استحوذت عليها Proofpoint هي شركة إسرائيلية ناشئة تحمل اسم (Firelayers) وهي ممولة بالكامل من قبل شركة (YL Ventures) التي تسعى خصيصاً الى دعم المنظمات التي أنشأها ضباط خدموا في جيش الدفاع الإسرائيلي. وفقًا لصحيفة وول ستريت جورنال، فإن ” YL Ventures تحرص على معرفة خلفيات المؤسسين المحتملين”.

أسس Firelayers يائير غريندلينغر (Yair Grindlinger) ودورون ألغراسي (Doron Algrassi)، وكلاهما من “قدامى المحاربين في وحدة الكمبيوتر التابعة للجيش الإسرائيلي”. وعندما سُئل Grindlinger الذي يصف نفسه بأنه ضابط سابق في وحدة “مامرام” (Mamram) في جيش الدفاع الإسرائيلي فيما إن كانت خدمته في الجيش الإسرائيلي قد مهدت له الطريق للعمل في Firelayers ، أجاب بشكل غامض: “لقد مرت فترة منذ ذلك الحين وما زلتُ في اللعبة”.

في نفس العام الذي استحوذت فيه Proofpoint على Firelayers، مَثّل Yair Grindlinger الشركة بدعوة من معهد دراسات الأمن القومي – مؤتمر الاستخبارات في واشنطن العاصمة، وكان الاجتماع “محورًا للتعاون بين الكيانات الإسرائيلية والأمريكية والعالمية “. وضم المؤتمر وفدا إسرائيليا من 70 مشاركا من مختلف التخصصات والرتب الحكومية. وكان من بين المتحدثين في المؤتمر عوزي موسكوفيتشي (Uzi Moscovici) الرئيس السابق لوحدة “يائير غريندلينغر” في جيش الدفاع الإسرائيلي، إضافة إلى رئيس المخابرات العسكرية الإسرائيلي السابق عاموس يادلين (Amos Yadlin). ويؤكد برنامج المؤتمر أن “الحكومة الإسرائيلية تدعم هذا المؤتمر بتوفير الرعاية للشركات الإسرائيلية التي تحضره”.

وكان الرئيس التنفيذي للصناعات العسكرية الإسرائيلية، أودي جناني (Udi Ganani) حاضرًا، وقال إنه “هيأ فرصًا لعقد اجتماعات شخصية، ووضَع الأساس المتين لمتابعة مثمرة”. ويُعتقد أن شركته هي التي صنعت الرصاصة من عيار 5.56 ملم التي أودت بحياة صحفية الجزيرة شيرين أبو عاقلة.

في عام 2019، اشترت Proofpoint أيضًا شركة (MetaNetworks) الإسرائيلية الناشئة. وكان مؤسس MetaNetworks هو ألون هورويتز (Alon Horowitz) الرقيب الأول السابق في سلاح الهندسة في جيش الدفاع الإسرائيلي. وهو يؤكد أن هذه الوظيفة تستدعي الحصول على “تصريح أمني بالغ الخصوصية، يتطلب إجراء اختبار كشف الكذب كل عامين.” كما وظفت MetaNetworks ضباطا آخرين من المؤسسات العسكرية والاستخباراتية الإسرائيلية.

وقد استحوذت شركة Proofpoint في عام 2019 على شركة أخرى هي (ObserveIT)، التي تأسست عام 2006 من قبل غابي فريدلاندر (Gaby Friedlander) وآفي عاموس (Avi Amos)؛ ولديها مركز للأبحاث والتطوير في إسرائيل، ويوجد مقرها الرئيسي في تل أبيب في شارع إيغال ألون، الذي سمي على اسم رئيس الوزراء الإسرائيلي الأسبق وزعيم حركة البلماح الذي قاد حملة تطهير عرقي ضد الفلسطينيين في نكبة عام 1948.

وعلى سبيل المثال، انتقل أوري شوتزن (Uri Chotzen) بعد العمل في شركة ObserveIT لعام واحد، إلى العمل في المخابرات الإسرائيلية لثلاث سنوات. ويرى مراقبون أن سياسة الباب الدوار بين هذه الشركات والمخابرات الإسرائيلية مثيرة للقلق.

بعد استيعاب هذه الشركات الثلاث تحت مظلة شركةProofpoint ، شهدت الشركة موجة واسعة من توظيف ضباط سابقين من جيش الدفاع الإسرائيلي.

إن الشريك التجاري الحالي الأبرز للموارد البشرية في Proofpoint هو نعوم كوروتكي صالحوف (Noam Korotky Salhov) الذي عمل سابقًا لست سنوات في وظيفة لم يكشف عنها في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي. كما أن نائب رئيس منتجات الأمن السحابي فيProofPoint هو إيلاد هورن (Elad Horn) الذي شغل سابقًا منصب رئيس قسم في وحدة 8200 في جيش الدفاع الإسرائيلي لخمس سنوات.

هل تتجسس إسرائيل على أقرب حلفائها فعلا؟

أما المدير الأول للأبحاث الأمنية في ProofPoint فهو روي كوهين دواك (Roie Cohen Duwak) الذي خدم في الوحدة التكنولوجية للجيش الإسرائيلي (IDF Intelligence Corp.). وهناك العديد من الموظفين الحاليين في Proofpoint من الضباط السابقين في الجيش وأجهزة الإستخبارات الإسرائيلية.

يجب ملاحظة أن العلاقات بين Proofpoint والمخابرات الإسرائيلية لا تنتهي عند هذا الحد. فالشركة مملوكة من قبل شركة (Thoma Bravo) التي تمتلك أيضًا شركة (Applittools)، التي أسسها جيل سيفير (Gil Sever) الذي أمضى 17 عامًا في وحدة النخبة التكنولوجية في جيش الدفاع الإسرائيلي.

مشروع آخر لشركة Thoma Bravo هو (IronSource) حيث يعمل عساف ليفي (Asaf Levy) في نفس الوقت، مهندسا متخصصها في تكنولوجيا المعلومات وهندسة الأنظمة الإلكترونية في جيش الدفاع الإسرائيلي، وفي مشروع IronSource.

إذن، لدينا هنا شركة للأمن السيبراني بيدها مجموعة هائلة من الخطوط تجعلها حتما مثاراً للشكوك لعلاقتها بالاستخبارات الإسرائيلية، وتعمل في نفس الوقت على فرز وتصنيف رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بصحفيي CNN و Washington Post..

ويبدو أيضًا أنها نفذت خدمات مماثلة للجامعات البريطانية الكبرى مثل SOAS و UCL وجامعة Surrey؛ لذا فمن غير المستغرب أن يشكل هذا النشاط مصدر قلق بالغ للطلاب والصحفيين على حد سواء.

اقرأ أيضًا: 

اللوبي الإسرائيلي في بريطانيا ينظم حملة تشهير ضد التونسية شيماء دلالي

المئات يشاركون في وقفة تأبين الراحلة شيرين أبو عاقلة وسط لندن

كامل حواش: مشروع قانون مناهضة مقاطعة إسرائيل يهدد الديمقراطية البريطانية