ناشطة أفغانية تنجو من الترحيل من بريطانيا بعد تغيير مفاجئ في قرار الداخلية

بعد أشهر من القلق والترقّب، انقلب مصير ناشطة أفغانية رأسًا على عقب بقرار مفاجئ من وزارة الداخلية البريطانية، التي تراجعت عن رفضها السابق لمنحها اللجوء، رغم تاريخها البارز في الدفاع عن حقوق الإنسان داخل أفغانستان، وسط بيئة وصفتها منظمات حقوقية بـ”العدائية” تجاه النساء.
الناشطة، التي أُشير إليها باسم مستعار “مينا” لحماية هويتها، كانت قد عملت على مشاريع مدعومة من حكومات غربية داخل أفغانستان، وأسهمت في تدريب وتمكين النساء في أنحاء متفرقة من البلاد، ما عرّضها لخطر مباشر، حتى قبل سيطرة طالبان عام 2021.
ورغم هذا السياق الأمني شديد الخطورة، رفضت وزارة الداخلية طلبها الأولي للجوء، وجاء في خطاب الرفض: “لا يُعتقد أنك تواجهين خطرًا حقيقيًا من الاضطهاد أو الأذى عند عودتك إلى أفغانستان بناءً على ما زعمتِه من تعرضك لاهتمام سلبي من قبل طالبان”.
غير أن فريقها القانوني تقدّم بطعن ضد القرار، وقبل عرض القضية على المحكمة، تلقّت مينا رسالة جديدة من وزارة الداخلية تُعلن فيها اعترافها بـ”وجود خوف مبرر من الاضطهاد”، وتمنحها صفة لاجئة رسميًا، ما يعني عدم إمكانية إعادتها إلى أفغانستان.
“كلمة الحرية انفجرت في ذهني”
علّقت مينا على القرار قائلة: “كنت أعيش في حزن طويل، لكنّ الخبر السار أخيرًا وصل، وغمرني بالفرح والسعادة. أول كلمة خطرت ببالي كانت ’الحرية‘ – حرية مواصلة حياتي في بريطانيا، وهي الحرية التي حُرمت منها ملايين النساء الأفغانيات”.
أما محاميها، جيمي بيل، فقال: “أنا مسرور لأن مينا نالت أخيرًا حقها المشروع. هي امرأة شجاعة وطيبة لم يكن يُفترض أبدًا أن تُواجه رفضًا من البداية. ومن الضروري أن يصدر تأكيد رسمي من وزير الداخلية يقرّ بأن جميع النساء الأفغانيات لهن الحق في الحماية، لتفادي تكرار أخطاء كهذه”.
يأتي هذا التراجع في سياق أوسع يشهد تراجعًا لافتًا في نسب قبول طلبات اللجوء الخاصة بالأفغان، إذ انخفضت من 98.5% في الربع الأخير من 2023 إلى 36% فقط في الربع الأخير من 2024. ووفق بيانات حرية المعلومات التي نشرتها الغارديان، بلغ عدد الطعون المقدمة ضد قرارات الرفض في قضايا اللجوء الأفغانية 77 طعنًا عام 2022، بينما قفز هذا الرقم إلى 3,293 طعنًا في عام 2024.
مأزق قانوني وإنساني
أشار المحامي بيل إلى أن “تراجع نسب القبول لن يؤدي إلى زيادة في الترحيل، لأن بريطانيا لا تعترف بحكومة طالبان ولا تملك اتفاقًا لإعادة طالبي اللجوء إليها”. وأضاف أن “نتيجة هذا التحول الصادم في السياسات هي أن آلاف الأشخاص سيبقون عالقين لسنوات في وضع قانوني ضبابي، ممنوعين من العمل، وينتظرون قرارات محاكم مثقلة بالملفات”.
وفي قضية منفصلة، منحت الداخلية البريطانية تأشيرة دخول لسيدة أفغانية أخرى، عملت على مكافحة العنف ضد النساء، وقضت معظم السنوات الثلاث الأخيرة مختبئة منذ سيطرة طالبان على البلاد.
وقالت ميا لوسي فورتون، المسؤولة عن ملفها في مكتب “دنكن لويس”: “رغم الخطر المستمر وحرمان النساء والفتيات من أبسط حقوقهن، لم تتخلّ موكّلتي يومًا عن الدفاع عن حقوق النساء في أفغانستان، وكانت وفية لقضيتها حتى في عزّ الخطر”.
موقف منصة العرب في بريطانيا

تعتبر منصة “العرب في بريطانيا” أنّ هذا التراجع المتأخر من وزارة الداخلية البريطانية لا يمحو خطورة قرارها الأول، بل يؤكد الحاجة إلى مراجعة شاملة لسياسات اللجوء تجاه النساء الأفغانيات، خاصة اللواتي يحملن تاريخًا نضاليًا واضحًا. وتدعو المنصة إلى إنهاء سياسة الإنكار والتشكيك التي تُمارَس في حق ضحايا أنظمة القمع والاحتلال، وتطالب بضمانات حقيقية تحول دون تركهن في مهب الانتظار والضياع القانوني.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇