موافقة البرلمان على مناقشة تورط بريطانيا بالإبادة في غزة
وافق مجلس العموم البريطاني، يوم الأربعاء، على مناقشة مقترح قدّمه النائب المستقل جيريمي كوربن، يدعو إلى فتح تحقيق عام مستقل في دور المملكة المتحدة في العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، وما إذا كانت بريطانيا متورطة بشكل مباشر أو غير مباشر بالإبادة الجماعية بحق المدنيين الفلسطينيين.
المقترح، الذي تم طرحه بموجب “قاعدة العشر دقائق” البرلمانية، نال دعم عدد محدود من النواب الحاضرين، ما أتاح تمريره للمرحلة التالية، وهو ما يُلزم الحكومة البريطانية بالنظر في تخصيص وقت برلماني لمناقشته لاحقًا. وعلى الرغم من أن فرص تحوّله إلى قانون تبقى محدودة، فإن تمريره يسلّط الضوء على تصاعد الأصوات البرلمانية المطالبة بالشفافية والمحاسبة.
موافقة البرلمان على مناقشة تورط بريطانيا بالإبادة في غزة
كوربن، زعيم حزب العمال السابق والذي يجلس حاليًا كنائب مستقل، دعا إلى تحقيق مستقل في طبيعة التعاون البريطاني مع إسرائيل منذ اندلاع الحرب في أكتوبر 2023، وسط تقارير تفيد بتقديم دعم استخباراتي قد تكون له تبعات قانونية وأخلاقية.
ويحظى المقترح بدعم تسعة نواب من حزب العمال، من بينهم ريتشارد بورغون، كيم جونسون، نادية ويتوم، جون تريكيت، وبل ريبيرو-آدي، في حين اختار نواب موالون للقيادة تجاهل التصويت، تجنّبًا للارتباط السياسي بكوربن أو بتحالف النواب المستقلين.
وقال النائب العمالي ريتشارد بورغون: “للشعب البريطاني الحق في معرفة ما إذا كانت حكومته قد قدّمت دعمًا ماديًا أو استخباراتيًا مكّن إسرائيل من ارتكاب جرائم حرب في غزة. في حال ثبت ذلك، يجب محاسبة المسؤولين، كما حدث في أعقاب حرب العراق”.
ويأتي هذا التصويت وسط أجواء مشحونة داخل حزب العمال، إذ أعرب عدد من نوابه المنتمين إلى الجناح اليساري عن استيائهم من موقف القيادة تجاه العدوان على غزة، متهمين الحكومة بالتواطؤ والصمت المريب في مواجهة انتهاكات خطيرة للقانون الدولي الإنساني.
دعم نيابي محدود يعكس انقسامًا سياسيًا داخل البرلمان
وكان من المقرر أن ينفذ عدد من النواب المؤيدين لفلسطين انسحابًا رمزيًا من جلسة “أسئلة رئيس الوزراء”، للمشاركة في احتجاج نظّمته “حملة التضامن مع فلسطين” خارج البرلمان تحت شعار “الخط الأحمر من أجل فلسطين”، إلا أن الانسحاب أُلغي بعد الإعلان عن طرح مشروع كوربن للتصويت مباشرة بعد الجلسة.
وقال النائب نيل دنكان-جوردان، من دفعة نواب 2024 عن حزب العمال، إن “الرأي العام البريطاني يسبق الحكومة بأشواط فيما يخص إدراك معاناة الفلسطينيين”، مضيفًا: “ما نشهده في غزة هو عملية إبادة ممنهجة، وعلى بريطانيا أن تقول الحقيقة دون تردد”.
أما النائب براين ليشمان، المنتخب حديثًا عن منطقة ألووا وجرانجماؤوث، فقد أشار إلى أن الحكومة البريطانية “متواطئة في الحرب”، مشددًا على أن “الشعب البريطاني يستحق معرفة دور بلاده في ما وصفه بمحاولة إبادة تقودها ‘إسرائيل’”.
يُذكر أن العدوان على غزة بدأ في 7 أكتوبر 2023، بعد هجوم شنّته المقاومة الفلسطينية حماس داخل الأراضي المحتلة. ومنذ ذلك الحين، أعلنت وزارة الصحة في غزة عن استشهاد أكثر من 50,000 شخص في القطاع.
حزب العمال في مرمى الانتقادات بسبب موقفه من الحرب
(Anadolu Agency)
وشهد حزب العمال خلال الأشهر الماضية انقسامات حادة بشأن الموقف من الحرب، حيث استقال ثمانية وزراء من حكومة الظل في نوفمبر 2023 احتجاجًا على رفض القيادة الدعوة إلى وقف إطلاق النار. وفي فبراير 2024، دعا زعيم الحزب كير ستارمر إلى هدنة طويلة الأمد بين إسرائيل وحماس، وهو الموقف الذي تبنته الحكومة البريطانية لاحقًا بعد الانتخابات العامة، إلى جانب المطالبة بإدخال المساعدات الإنسانية وإطلاق سراح المحتجزين لدى حماس.
وفي مايو الماضي، أصدرت الحكومة البريطانية بيانًا مشتركًا مع كندا وفرنسا، توعدت فيه باتخاذ “إجراءات ملموسة” في حال استمرت إسرائيل في الحرب، ووصفت الوضع الإنساني في غزة بأنه “لا يُحتمل”.
وتؤكد منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن هذا التطور البرلماني، رغم محدوديته من الناحية التشريعية، يمثل خطوة مهمة نحو مساءلة السياسات الخارجية البريطانية، وخاصة ما يتعلق بدورها في الصراعات التي تمسّ حقوق الإنسان. إن هذه المطالب تعكس وعيًا شعبيًا وبرلمانيًا متناميًا بأهمية ألا يُرتكب أي انتهاك باسم المواطن البريطاني دون رقابة ديمقراطية. وتشدد المنصة على أن دعم قضايا العدالة وحقوق الشعوب المضطهدة، وعلى رأسها القضية الفلسطينية، يُعد جزءًا أصيلًا من مسؤولية المجتمع المدني والمؤسسات الإعلامية الحرة.
المصدر: politicshome
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
23°C
