الجارديان: بريطانيا تكشف عن “مفارقة خطيرة” في استجابة الشرطة لحوادث الاعتداء الجنسي
في اعتراف حكومي بوجود خلل بنيوي داخل منظومة إنفاذ القانون، قالت وزيرة الداخلية البريطانية شابانا محمود: إن ضحايا جرائم الاعتداء الجنسي في بريطانيا يواجهون تفاوتًا حادًّا في طريقة تعامل الشرطة مع البلاغات، تبعًا للمنطقة الجغرافية، لا لطبيعة الجريمة نفسها.
تفاوت جغرافي في العدالة
وأوضحت محمود، في مقابلة مع سكاي نيوز، أن مستوى الخدمة التي يحصل عليها الضحايا يختلف كثيرًا من منطقة إلى أخرى، سواء على صعيد التحقيق في البلاغات أو من حيث فرص توجيه الاتهامات وانتهاء القضايا بمحاكمات ناجحة.
فوفقاً لمتابعة صحيفة الجارديان، قالت محمود: «في الوقت الراهن، إذا كنتِ ضحية، فإن فرصك في الحصول على خدمة شرطية مناسبة تخضع لما يمكن وصفه بتفاوت مرتبط بالرمز البريدي، من حيث مستوى التحقيق، وما إذا كان سيقود في النهاية إلى توجيه اتهامات وربما إدانة». في إشارة إلى أن تعامل الشرطة مع بلاغات الاعتداء الجنسي يتأثر بموقع الضحية الجغرافي وبقدرات قوة الشرطة المحلية، من حيث الموارد والخبرات، وهو ما ينعكس مباشرة على جودة الاستجابة وفرص الملاحقة القضائية.
نقص الخبرات داخل وحدات الجرائم الجنسية

وجاءت تصريحات وزيرة الداخلية ردًّا على تقرير صادر عن معهد إنستيتيوت فور غوفرنمنت (Institute for Government)، أشار إلى أن ما يصل إلى 50 في المئة من الضباط العاملين حاليًّا في وحدات العنف الجنسي والاغتصاب هم من المتدربين.
وأقرت محمود بوجود مشكلة حقيقية في هذا السياق، مؤكدة أن الحكومة تعتزم إنشاء وحدات شرطية متخصصة داخل كل قوة شرطة، بهدف رفع كفاءة التعامل مع قضايا العنف ضد النساء والفتيات.
استراتيجية حكومية جديدة
تزامنت هذه التصريحات مع إعلان الحكومة البريطانية إطلاق استراتيجية جديدة لمكافحة العنف ضد النساء والفتيات، تستهدف تحسين الاستجابة المؤسسية، وتعزيز قدرات الشرطة، وتقليص الفجوات الجغرافية في التعامل مع البلاغات.
حرية التعبير وخطاب كراهية النساء
وفي سياق أوسع، قالت وزيرة الداخلية: إن المجتمع البريطاني أصبح «بعيدًا جدًّا عن الحد المقبول» فيما يتعلق بخطاب حرية التعبير الذي يتضمن مضامين معادية للنساء.
وعند سؤالها عمّا إذا كانت الحكومة تبالغ في تدخلها لمواجهة تأثيرات ذكورية متطرفة على الشباب، أكدت محمود أن هناك دائمًا «خطًّا فاصلًا»، لكنها نبّهت على أن المجتمع «تجاوز هذا الحد بكثير في الوقت الحالي»، في إشارة إلى الجدل الدائر حول حدود حرية التعبير التي يتحول الخطاب فيها إلى تبرير أو تطبيع لكراهية النساء.
دور الدولة وحماية الأطفال
وأضافت محمود أن من واجب الدولة دعم المدارس والأسر بالأدوات اللازمة؛ لتنشئة الفتيان على فهم صحي للعلاقات الإنسانية، مؤكدة أن الحكومة «غير مستعدة للقبول بأن العنف ضد النساء والفتيات أمر واقع لا يمكن تغييره».
رفض «شيطنة» الفتيان

وفي مقابلة أخرى مع هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، نبّهت وزيرة الداخلية على أن جهود الحكومة لمواجهة العنف ضد النساء لا تستهدف «شيطنة» الفتيان.
وقالت: «هذا ليس عبئًا يقع على عاتق الفتيان أنفسهم، بل علينا جميعًا».
وأضافت أن التحولات العميقة في بيئة وسائل التواصل الاجتماعي تؤثر في نشأة الأطفال، من الفتيان والفتيات على حد سواء، مؤكدة أن حماية الأطفال مسؤولية الدولة والمجتمع، لا الأطفال أنفسهم.
العدالة بين الاعتراف والإصلاح
تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن توصيف وزيرة الداخلية للتعامل مع بلاغات الاعتداء الجنسي بوصفها حالة تفاوت جغرافي يكشف أزمة تتجاوز نقص الموارد أو التدريب، وتمس جوهر العدالة الجنائية نفسها. فحين تصبح فرص الضحايا في الوصول إلى الإنصاف مرتبطة بمكان السكن، لا بوقائع الجريمة، يتحول الخلل من مشكلة إدارية إلى عقبة بنيوية تهدد الثقة العامة في مؤسسات إنفاذ القانون. وبينما تمثل الخطط الحكومية خطوة ضرورية، يبقى التحدي الحقيقي في تحويل هذا الاعتراف السياسي إلى إصلاح مؤسسي فعلي يضمن معايير موحدة للعدالة وحماية حقيقية للضحايا.
المصدر: الجارديان
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
