مع تصاعد النقاشات حول حدود الحرية الممنوحة للأطفال في الحياة اليومية، يجد العديد من الآباء والأمهات في بريطانيا أنفسهم أمام سؤال محوري: متى يصبح من القانوني أو الآمن أن يخرج الطفل بمفرده دون مرافقة شخص بالغ؟
القانون البريطاني لا يحدد سنًا بعينه يُمنع أو يُسمح بعده بخروج الأطفال دون إشراف، إلا أن مؤسسات حقوق الطفل والهيئات المعنية بحمايتهم تؤكد أن المسألة تخضع للتقدير الشخصي، مع ضرورة مراعاة نضج الطفل واستعداده النفسي والتربوي للتعامل مع العالم الخارجي.
لا سن قانوني محدد… لكن التقدير واجب

بحسب مؤسسة Action for Children، لا ينص القانون البريطاني على سن معيّن يجب أن يبلغه الطفل قبل السماح له بالخروج بمفرده. ومع ذلك، توصي المؤسسة الآباء بتعليم أطفالهم مهارات الاستقلالية والاعتماد على النفس بشكل تدريجي، حتى يتمكنوا من مواجهة المواقف المعقدة التي قد تعترض طريقهم.
ويُنصح الأهل الذين لا يشعرون بالارتياح لفكرة خروج أبنائهم بمفردهم أن يوضحوا لهم ذلك بصراحة، مع وضع خطة واضحة تُسهم في بناء الثقة والقدرات اللازمة.
ترى منظمة NSPCC البريطانية لحماية الأطفال من سوء المعاملة أن الأطفال دون سن 12 عامًا لا يُفضل أن يتواجدوا خارج المنزل دون إشراف مباشر، مشيرة إلى أن أطفال المرحلة الابتدائية غالبًا ما يكونون غير مؤهّلين لتحمّل هذه المسؤولية، بما في ذلك العودة من المدرسة بمفردهم.
وتستند المنظمة في توصيتها إلى تقييمات تربوية ونفسية تشير إلى أن القدرات العقلية والانفعالية للأطفال دون هذا السن لا تكون مكتملة بما يكفي للتصرف باستقلالية وأمان في المساحات العامة.
وماذا عن البقاء في المنزل وحدهم؟
الجدل نفسه ينسحب على مسألة ترك الأطفال وحدهم داخل المنزل، إذ لا ينص القانون على سن بعينه لذلك، لكن تُعتبر ممارسة غير قانونية إذا كانت تُعرّض الطفل للخطر.
وتوضح NSPCC أنه “من المستحيل وضع قاعدة موحدة للجميع”، نظرًا لاختلاف درجات النضج والاستعداد بين طفل وآخر، إلا أن الإجماع العام يرى أن ترك طفل دون الثانية عشرة وحده في المنزل، سواء لفترات قصيرة أو طويلة، يحمل مخاطرة قانونية وأخلاقية كبيرة.
القانون مرن… لكن المسؤولية ثقيلة

تُركت المسألة في نهاية المطاف لتقدير الآباء، مع تحميلهم كامل المسؤولية القانونية في حال أُثبت أن الطفل تعرض لخطر نتيجة تركه بمفرده خارج أو داخل المنزل.
وفي وقت تتزايد فيه الضغوط الاقتصادية والاجتماعية على العائلات البريطانية، تظهر الحاجة الملحّة إلى تعزيز الوعي لدى الأهل بأهمية التوازن بين منح الحرية للأطفال، وحمايتهم من المخاطر التي قد لا يدركونها.
إقرأ أيّضا