كيف وصل قانون رنيم إلى وسام الإمبراطورية البريطانية؟
نور نورس، حصلت على وسام الإمبراطورية البريطانية (OBE) نتاج سنوات من النضال والتفاني في منع العنف المبني على النوع الاجتماعي. في أبريل 2025، استُدعيت قاعة القصر الملكي حيث تسلّمت وسام الإمبراطورية البريطانية برتبة ضابطة، تكريمًا لدورها الفعال في حماية النساء والفتيات من العنف المتكرر والممنهج.
هذا الوسام ملكي بامتياز، يُمنح لمن قدموا خدمات بارزة للمجتمع، ونور تلائم المقاييس بكفاءة: من برنامج “SecureLife” الذي أطلقته لتقديم الدعم النفسي والحقوقي للضحايا، مع تسليط الضوء على قضايا كل المعنَفين، رجالاً أو نساء، فيمكن للعنف ان يكون من العمل او المنزل او حتى المدرسة.
في قلب محنة أليمة، تحولت القضية الشخصية للناشطة السورية البريطانية نور نورس إلى صرخة تتابعها بريطانيا بأسره. فقد فقدت نور أختها خولة سليم وابنة أختها رنيم عودة في أغسطس 2018 على يد زوج رنيم، بعد أن اتبعا الطرق القانونية طالبين الحماية من الشرطة البريطانية عشرات المرات دون استجابة، قبل أن يقع الأسوأ.
رنيم، لاجئة سورية وصلت إلى بريطانيا عام 2014، كانت ضحية عنف مركّب: بين ثقافة التبليغ الضعيف والتعامل الرسمي المتهاون. اتصلت بالشرطة “13 مرة خلال أربعة أشهر” حسب التحقيقات، دون أن تمنع الجريمة النكراء التي أدت إلى مقتلها ووالدتها . هذه الإهمالات دفعت نور لمواجهة هائلة، لتحوّل الحزن الثأر إلى مسار حقوقي مدروس.
نور، التي استقرت في بريطانيا عندما كانت مراهقة، وكانت خولة اختها، كما ذكرت “اعتبرها أمي الثانية، أمي الحنونة، وريم، ريم الطموحة، ذات القلب الأبيض” بعد المحنة الأليمة قررت أن تصبح مستشارة نفسية ومتخصصة في مناصرة قضايا العنف الأسري . بعد فقدانهما، رفعت دعوى ضد الشرطة، لأنها “لم تتخذ إجراءات إيجابية” رغم الأدلة والبلاغات العديدة. تحقيقات هيئة السلوك الشرطي (IOPC) وأجهزة أخرى أعادت فتح القضية، واعتذر مكتب الشرطة رسميًا.
لاحقًا، نظّمت نور حملات توعية وتعاونت مع جمعيات عدّة، وجمعت بيانات وأبحاثًا أكاديمية، لتوصل الموضوع إلى البرلمان البريطاني.
قانون رنيم: من الهاجس إلى التشريع
في فبراير 2024، تبنّت الحكومة البريطانية إصدار ما عرف بـ قانون رنيم، مع إدخال آليات جديدة لتعزيز استجابة الشرطة لقضايا العنف المنزلي في إنجلترا وويلز . شمل القانون:
تعيين مختصين في غرف الطوارئ بالشرطة لتأكد استجابة سريعة لحالات العنف المنزلي.
أوامر حماية طارئة جديدة تفرض أقنعة وقائية إلكترونية وضوابط صارمة للمتهمين.
كان الهدف خفض العنف ضد النساء والفتيات إلى النصف خلال عقد، وإعادة الثقة لدى الضحايا بأن الشرطة مستعدة للاستجابة.
لكن نور لم تكتفِ بالاحتفال بالتشريع، بل عملت مع وزارة الداخلية، والشرطة، ومؤسسات الدولة لإدماج القانون ميدانيًا. بدأت بتدريب ضباط الشرطة على التعرف على العلامات المبكرة للعنف، وكيفية التفاعل الفوري عند التبليغ، وهي الآن تشرف على ورش وقائية قبل الدخول في علاقات، تهدف إلى الدعم والوقاية من البداية.
كما أسست منصة SecureLife، التي تقدم الدعم النفسي والمشورة المباشرة للمتضررين، وتعمل على تضخيم صوت الضحايا وتمثيلهم في أماكن القرار.
القانون أحدث تغييرًا ملموسًا في تعامل الشرطة مع البلاغات، فتم إعداد مراكز تدريب ميدانية وجنائية مخصصة، مما أسهم في تقليل الأخطاء السابقة . انتقل صوت النساء العربيات والمهاجرات من هامش التضحية إلى منصة الاعتراف والمساءلة، وأصبحت قصتها مثالاً حيًا للتحفيز الشعبي.
في الختام، أكدت نور على أهمية معرفة حقوقنا ككل، وأن نكون سنداً لكل من لا سند له، أن نسمع وأن ندعم بعضنا وأن لا نتهاون في قضية العنف، رجالاً، نساءًا او حتى أطفال.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇