العرب في بريطانيا | كيف غطى الإعلام البريطاني المجزرة بحق من توجهوا...

1446 ذو الحجة 15 | 12 يونيو 2025

كيف غطى الإعلام البريطاني المجزرة بحق من توجهوا لتلقي المساعدات في غزة؟

مجرزة استلام المساعدات
فريق التحرير June 2, 2025

شهدت التغطية الإعلامية البريطانية لحادثة استشهاد أكثر من 30 فلسطينيًّا بنيران جيش الاحتلال أثناء توجههم لتلقي المساعدات في رفح تباينًا واضحًا في درجة الانحياز لإسرائيل، واختلافًا في اللغة المستخدمة، والمصادر المعتمدة، وكذلك في اختيار العناوين الرئيسة.

في هذا التقرير، نستعرض كيف تعاملت صحيفة الإندبندنت (The Independent)، وصحيفة التلغراف (The Telegraph)، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، وصحيفة الغارديان (The Guardian)، مع هذه الواقعة الإنسانية المأساوية، وتحليل أبرز ملامح تغطيتها.

كيف غطى الإعلام البريطاني مجزرة استلام المساعدات؟

صحيفة الإندبندنت (The Independent): لغة قوية مباشرة

العنوان: “هجوم إسرائيلي على فلسطينيين قرب مركز توزيع مساعدات في غزة يقتل ما لا يقل عن 31 شخصًا، وفقًا لمسؤولين”

اللغة والمصطلحات:

اتخذت صحيفة الإندبندنت نهجًا مباشرًا في عنوانها، حيث تحدثت عن “هجوم إسرائيلي” أدى إلى مقتل فلسطينيين، في استخدام واضح لمصطلحات تتهم القوات الإسرائيلية بصراحة، وذلك استنادًا إلى شهادات فلسطينيين وصحفيين وأقوال المسؤولين الصحيين في القطاع.

في المتن، استخدمت الصحيفة توصيفات قوية من قبيل “إطلاق الجنود الإسرائيليون النار على الحشود”، ونقلت عن شهود عيان قولهم إن إطلاق النار جاء من “الدبابات والطائرات المسيّرة”، مع توصيف إطلاق النار بأنه كان “من جميع الاتجاهات”، ما يعكس مشهدًا دمويًّا وفوضويًّا.

المصادر:

اعتمد التقرير على مجموعة متنوعة من المصادر، أبرزها:

  • وزارة الصحة في غزة.
  • الهلال الأحمر الفلسطيني.
  • شهود عيان متعددون.
  • مصادر من وكالة الأنباء الفلسطينية (وفا).
  • تصريحات من جيش الاحتلال الإسرائيلي.
  • شهادات من مسؤولي المستشفيات، مثل الدكتور مروان الهمص والدكتور خالد السر.
  • تصريح صحفي لمحمد غريب لهيئة الإذاعة البريطانية.

وصف الضحايا:

جاءت الأوصاف التي نقلتها الإندبندنت قوية ومباشرة، حيث قالت إن معظم الإصابات كانت “في الجزء العُلوي من الجسم، ويشمل ذلك الرأس والعنق والصدر”، وفقًا لمسؤول طبي في مستشفى ناصر.

أشارت الصحيفة إلى أن الجرحى نُقلوا عبر عربات يجرّها الحمير؛ نظرًا لعدم قدرة فرق الإنقاذ على الوصول بسبب السيطرة الإسرائيلية، ونقلت مشاهد صادمة من شهود تحدثوا عن “إطلاق نار كثيف”، و”جثث لنساء وشباب”، وعن أشخاص استشهدوا في المكان دون قدرة الآخرين على إنقاذهم.

التحليل:

تميزت تغطية الإندبندنت بالجمع بين الجدية والاتزان، حيث قدمت سردًا فيه كثير من الشهادات المباشرة من الضحايا وشهود العيان، إضافة إلى وصف دقيق ومفصل لحجم الإصابات وطبيعتها.

ورغم استخدامها عبارات تُحمّل إسرائيل المسؤولية، فإنها لم تغفل ذكر نفي الجيش الإسرائيلي ومعطيات مؤسسة غزة الإنسانية الأمريكية الإسرائيلية (GHF)، ما يجعل تغطيتها قريبة إلى النمط الاستقصائي دون التخلي عن البعد الإنساني.

كما أبرز التقرير الخلفية السياسية والأمنية للحدث، مشيرًا إلى الجدل الدائر حول آلية توزيع المساعدات من خلال مؤسسة مدعومة إسرائيليًّا، ورفض الأمم المتحدة والمنظمات الإنسانية لهذا الأسلوب، ما يعطي تغطية الصحيفة عمقًا إضافيًّا يتجاوز مجرد توصيف المجزرة إلى تحليل البنية التي سمحت بوقوعها.

صحيفة التلغراف (The Telegraph): التركيز على نفي إسرائيل وتكرار روايتها

العنوان: “إسرائيل تنفي إطلاق النار وقتل عشرات المدنيين في موقع مساعدات بغزة”

اللغة والمصطلحات:

يتصدر العنوان نفي إسرائيل، ما يعكس تبنيًا واضحًا لروايتها. المصطلحات المستخدمة في التقرير، مثل “اتهمت” و”نفى الجيش الإسرائيلي”، توحي بوجود تشكيك في الواقعة والشهادات الميدانية.

المصادر:

اعتمدت التلغراف على مصادر إسرائيلية بالدرجة الأولى، من بينها الجيش ومسؤولون إسرائيليون مجهولو الهُوية. كما أوردت روايات فلسطينية لكنها جاءت في سياق يشوبه الحذر، أو كتصريحات فردية لا تدعمها حقائق ميدانية مؤكدة.

وصف الضحايا:

ذكرت التلغراف أن “أكثر من 30 فلسطينيًّا قُتلوا و200 أُصيبوا”، لكنها لم تورد تفاصيل الإصابات المروعة، بل ركزت على وصف الوضع اللوجستي ونقل الجرحى بصفة عامة.

وتحدثت الصحيفة عن استخدام “الطائرات المسيّرة” و”إطلاق النار التحذيري”، وهي تعبيرات تخفف من المسؤولية المباشرة للجيش الإسرائيلي.

التحليل:

اختارت التلغراف الرواية الرسمية الإسرائيلية، سواء من خلال اختيار العنوان أو انتقاء الشهادات التي تضعف رواية الضحايا.

الخط التحريري ينحو بوضوح نحو دعم السردية الإسرائيلية، مع التركيز على “الفوضى” التي شابت الحصول على المساعدات أكثر من التركيز على المأساة الإنسانية ومسؤولية الاحتلال الإسرائيلي عنها.

هيئة الإذاعة البريطانية (BBC): الحياد الظاهري

العنوان: “الصليب الأحمر يقول إن 21 قُتلوا على الأقل وعشرات أُصيبوا في حادثة مساعدات في غزة”

اللغة والمصطلحات:

تبنت هيئة الإذاعة البريطانية (BBC) لغة حذرة توحي بالحياد، مستخدمة عبارات مثل “تقارير متضاربة” و”لم يتسنَّ التحقق” و”لم يتسنَّ للبي بي سي التحقق من صحة الفيديوهات”، ما يشير إلى حرص على تجنب الانحياز المعلن.

واستخدمت الصحيفة في وصف الواقعة كلمة “حادثة” بدلًا من “مجزرة” أو “هجوم”، ما يخفف من حدة الموقف. كما منحت مساحة واسعة لرواية جيش الاحتلال الإسرائيلي، وحرصت على الإشارة إلى نفيه مسؤوليته، وتأكيده أن مقاطع الفيديو أظهرت مسلحين يهاجمون المدنيين.

المصادر:

اعتمدت بي بي سي على مجموعة واسعة من المصادر: الصليب الأحمر، ووزارة الصحة الفلسطينية التي وصفتها بأنها “تابعة لحماس”، وجيش الاحتلال الإسرائيلي، وأطباء ومراسلين محليين، ومنظمة أطباء بلا حدود.

لكنها أعطت مساحة توازن رواية الطرفين، وهو ما لا يتناسب مع حجم الحادثة، وقد يُفسَّر أحيانًا على أنه توازن شكلي يمنح المصداقية لرواية الاحتلال حتى في ظل شهادات مباشرة تفيد بالعكس.

وصف الضحايا:

ذكرت بي بي سي أن 21 شخصًا قُتلوا وفق ما ذكرته وزارة الصحة التي وصفتها بأنها “تابعة لحماس”، ما يشير إلى التشكيك في أعداد الضحايا. وأشارت إلى شهادات من مستشفى ناصر تؤكد إصابات مباشرة بالرصاص في الرأس والصدر، ما يوضح استهدافًا مباشرًا.

التحليل:

رغم إشارتها لمعاناة الفلسطينيين ووحشية الإصابات، فإن بي بي سي حرصت على تقديم المعلومة من زاوية “الشك”، دون تحميل إسرائيل مسؤولية صريحة، ما يعكس الحذر الشديد وربما محاولة تجنب اتهام مباشر لتل أبيب.

صحيفة الغارديان (The Guardian): لهجة إنسانية حادة وانتقاد ضمني لإسرائيل

العنوان: “إطلاق النار على الفلسطينيين أثناء محاولتهم الوصول إلى موقع مساعدات غذائية في غزة، بحسَب المستشفى”

اللغة والمصطلحات:

جاء عنوان الغارديان واضحًا ومباشرًا، يشير إلى أن الفلسطينيين تعرضوا لإطلاق نار أثناء محاولتهم الحصول على الغذاء، دون ذكر الجاني “إسرائيل”، مع اعتمادها على تأكيدات طبية.

واستخدمت الصحيفة توصيفات قوية مثل: “انهال الرصاص عليهم”، ووصفت المشهد بـ”المرعب”، ما يعكس موقفًا أقرب إلى الفلسطينيين ومعاناتهم.

المصادر:

اعتمدت الغارديان على شهادات شهود عيان، وبيانات المستشفيات، وعلى وصف مفصل لحالة الجرحى. لم تفسح المجال كثيرًا لرواية الجيش الإسرائيلي، بل ذكرتها في إطار عرض متأخر للروايات المتناقضة، دون أن تتبناها بصراحة.

وصف الضحايا:

ذكرت الصحيفة أوصافًا مروعة ومفصلة عن الإصابات، مثل: “أشخاص فقدوا أطرافهم، وأجسام مشوهة، وجراح مفتوحة”، ما يضفي طابعًا إنسانيًّا قويًّا على تغطيتها.

كما تحدثت عن نقل الجرحى بالعربات التي تجرها الحمير، في ظل غياب سيارات الإسعاف؛ بسبب سيطرة إسرائيل على المنطقة.

التحليل:

كانت تغطية الغارديان هي الأكثر جرأة في عرض مشاهد المجزرة، والأقرب إلى معاناة المدنيين الفلسطينيين. استخدمت لغة مشحونة بالعاطفة، لكنها تستند إلى شهادات موثوقة، ما يعزز مصداقيتها في تصوير الواقع على الأرض.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
7:49 pm, Jun 12, 2025
temperature icon 24°C
few clouds
65 %
1013 mb
12 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 20%
Visibility 10 km
Sunrise 4:43 am
Sunset 9:17 pm