كيف غطى الإعلام البريطاني التطورات في سوريا؟

تغطية الإعلام البريطاني للأحداث سوريا

يمكن قراءة تغطية الإعلام البريطاني للتطورات الأخيرة في سوريا على أنها تسعى في المجمل إلى تقديم صورة تحليلية شاملة للصراع، لكنها ليست بمنأى عن الانحيازات الضمنية التي تعكس رؤى سياسية أو قيم إنسانية. بعض وسائل الإعلام، مثل BBC وThe Guardian، تحاول أن تكون حيادية عبر تضمين أصوات متعددة من أطراف النزاع، سواء النظام السوري، أو المعارضة المسلحة، أو حتى القوى الدولية المؤثرة. ومع ذلك، يظهر ميل واضح إلى التركيز على الانتهاكات المرتكبة من قبل النظام السوري وحليفه الروسي، خصوصًا فيما يتعلق بالقصف الجوي والآثار المدمرة على المدنيين والبنية التحتية.

في المقابل، هناك وسائل إعلام تركز بشكل أكبر على الأبعاد الإنسانية، مثل The Independent، حيث تسلط الضوء على معاناة المدنيين والنزوح الجماعي في شمال سوريا نتيجة التصعيد العسكري الأخير. هذه التغطيات تبرز الكارثة الإنسانية والظروف القاسية التي يعيشها السكان المحليون، مما قد يُفسَّر على أنه انحياز نحو المعارضة، التي تُصوَّر غالبًا كطرف أضعف في مواجهة آلة الحرب النظامية.

على الرغم من ذلك، يُلاحظ أن الإعلام البريطاني يبتعد عن تأييد مباشر لأي طرف، لكنه يعتمد في الغالب على السردية الغربية التي تميل إلى انتقاد النظام السوري وحلفائه بسبب الانتهاكات الحقوقية والإنسانية، مع تحليلات تعكس المخاوف من تصاعد النزاع وآثاره الإقليمية والدولية. التغطية بشكل عام تعكس توجهًا أكثر تعاطفًا مع المدنيين ومعارضة التصعيد العسكري من أي جهة كانت، مع إبراز محدود لدور المعارضة المسلحة في النزاع الحالي.

تغطية هيئة الإذاعة البريطانية (BBC)

قدمت (BBC) نظرة تفصيلية للأحداث، مع التركيز على التقدم التكتيكي للمعارضة، ويشمل ذلك السيطرة على حلب ومناطق أخرى. وأبرزت التغطية:

* مشاركة هيئة تحرير الشام وهدفها المعلن لردع عدوان النظام.

* الخلفية الجيوسياسية المعقدة، ويشمل ذلك ضعف قوات النظام وحلفائها؛ بسبب انشغالهم في قضايا مثل الحرب في أوكرانيا وتحركات إسرائيل في لبنان.

* التكلفة الإنسانية للنزاع، مع نزوح أكثر من 12 مليون سوري واستمرار دعوات القوى الغربية لخفض التصعيد وحماية المدنيين. واتسمت تغطية (BBC) بالطابع التحليلي، مستندة إلى السياق التاريخي لشرح الوضع الحالي للنزاع مع الحفاظ على حيادية التغطية.

تغطية صحيفة الإندبندنت

تعمقت الإندبندنت في تاريخ بشار الأسد، راسمة صورة لرحلته التي بدأت من كونه طبيبَ أعين متدربًا في لندن، وانتهت بتحوله إلى زعيم سلطوي متهم بانتهاكات كبيرة لحقوق الإنسان. وأشارت التغطية إلى:

* المكاسب المفاجئة للمعارضة وتداعياتها على بقاء الأسد في السلطة.
* الأخطاء التاريخية للقادة الغربيين، مثل استراتيجية توني بلير في التواصل والدعوات اللاحقة لإزاحة الأسد.
* اعتماد نظام الأسد على حلفاء مثل روسيا وإيران لقمع الانتفاضات، غالبًا على حساب الشعب السوري. وركزت سردية الإندبندنت كثيرًا على حكم الأسد الاستبدادي.

تغطية سكاي نيوز

أعطت سكاي نيوز الأولوية للتغطية الفورية لما يحدث على الأرض، موضحة تداعيات النزاع وتأثيراته. وتضمنت أبرز النقاط:
* الاستيلاء الاستراتيجي لهيئة تحرير الشام وحلفائها على حلب ومناطق أخرى.
* تحرك المعارضة نحو حماة وتعطيل طرق الإمداد الرئيسة مثل طريق (M5).
* الغارات الجوية في مناطق المعارضة وآثارها المدمرة على المدنيين. كما قدمت سكاي نيوز تحليلًا مصورًا، مع التركيز على التحولات الجغرافية في السيطرة وتأثيرها على الاستقرار الإقليمي.

تغطية مجلة سبكتيتور

قدمت سبكتيتور موقفًا مثيرًا للجدل، داعية إلى التحالف البراغماتي مع الأسد بدلًا من المعارضة الجهادية. وجاء في تحليلها:

* أن البوصلة الأخلاقية الغربية تعقد صنع القرار في الشرق الأوسط، حيث يصعب تحديد “الأخيار”.
* أن دعم الأسد، رغم نظامه القمعي، قد يخدم المصالح الغربية على نحو أفضل من تمكين جماعات جهادية مثل هيئة تحرير الشام.
* الحاجة إلى سياسة واقعية بدلًا من التدخل والمثالية، وبخاصة مع دور سوريا في المشهد الجيوسياسي الأوسع المتعلق بإيران وإسرائيل.

جدير بالإشارة أن هذه التغطيات المتنوعة من وسائل الإعلام البريطانية تُبرِز تعقيد المشهد السوري وتشابك مصالح القوى الإقليمية والدولية فيه. وتستمر التطورات الميدانية في سوريا بالتسارع مع احتدام المواجهات بين قوات النظام وفصائل المعارضة في مختلف المناطق

اقرأ أيضًا:

• لماذا كل هذا الاهتمام من الإعلام البريطاني بالانتخابات الأمريكية؟
• كيف غطى الإعلام البريطاني مجازر الاحتلال في دير البلح؟
• كيف استقبل الإعلام البريطاني ذكرى السابع من أكتوبر؟.. هل تطرق للإبادة؟

• #أحداث سوريا
• #الإعلام البريطاني
• #قوات المعارضة السورية
• #نظام الأسد
• #وسائل الإعلام البريطانية