العرب في بريطانيا | كم تكلف سلة الغذاء في أوروبا مع نهاية 2025؟ مقا...

1447 جمادى الثانية 26 | 17 ديسمبر 2025

كم تكلف سلة الغذاء في أوروبا مع نهاية 2025

كم تكلف سلة الغذاء في أوروبا مع نهاية 2025
محمد سعد December 16, 2025

تشكل نفقات الغذاء أحد أثقل البنود في ميزانيات الأسر الأوروبية، لكن كلفة سلة الغذاء في القارة لا تتوزع بالتساوي بين الدول. فبين شمال أوروبا وجنوبها، وبين الغرب الأعلى دخلًا والشرق الأقل دخلًا، تظهر فجوات سعرية تعكس فروقًا أعمق في مستويات الدخل، والضرائب، وهيكل الأسواق، لا في الأسعار المعلنة على الرفوف فحسب.

سلة الغذاء في أوروبا بالأرقام

تشير بيانات مكتب الإحصاء الأوروبي، يوروستات  (Eurostat) إلى أن الغذاء يمثل في المتوسط نحو 11.9 في المئة من إنفاق الأسر داخل الاتحاد الأوروبي، وترتفع هذه النسبة إلى قرابة 20 في المئة في دول مثل رومانيا، ما يجعل أي تغير في الأسعار أكثر تأثيرًا على مستويات المعيشة.

ويعتمد مكتب الإحصاء الأوروبي على مؤشر مستويات أسعار الغذاء، الذي يتيح مقارنة تكلفة سلة غذاء موحدة بين الدول. والمقصود بهذه السلة مجموعة محددة من السلع الغذائية الأساسية، مثل الخبز، واللحوم، ومنتجات الألبان، والخضروات، تُختار بنِسب ثابتة وتُستخدم كمرجع موحد للمقارنة بين الأسعار في مختلف البلدان.

ويُعد هذا المؤشر أداة لقياس فروق الأسعار فقط، ولا يعكس حجم إنفاق الأسر الفعلي أو الشهري على الغذاء. فإذا اعتُبرت كلفة سلة الغذاء عند متوسط الاتحاد الأوروبي مساوية لـ100 يورو، يمكن قياس مدى ارتفاع أو انخفاض أسعار السلع نفسها في كل دولة مقارنة بهذا المتوسط.

ويعني المؤشر الأعلى من 100 أن الدولة أغلى من متوسط الاتحاد، بينما يشير الرقم الأقل من 100 إلى أن الأسعار أرخص.

أرخص وأغلى دول أوروبا في الغذاء

وفقًا لبيانات عام 2024، جاءت مقدونيا الشمالية كأرخص دولة غذائيًا بين 36 دولة أوروبية شملها التصنيف، حيث بلغت كلفة سلة الغذاء هناك نحو 73 يورو، أي أقل بـ27 في المئة من متوسط الاتحاد الأوروبي.

في المقابل، تصدرت سويسرا قائمة الدول الأغلى، مع أسعار تزيد بـ61.1 في المئة عن المتوسط الأوروبي، إذ تصل كلفة السلة نفسها إلى 161.1 يورو.

وتُعد مقدونيا الشمالية دولة مرشحة للانضمام إلى الاتحاد الأوروبي، مع وجود اتفاقيات تجارية نشطة مع بروكسل، بينما لا تنتمي سويسرا إلى المنطقة الاقتصادية الأوروبية، وتعتمد بدلًا من ذلك على شبكة من الاتفاقيات الثنائية مع الاتحاد.

داخل الاتحاد الأوروبي: تفاوت واضح

داخل دول الاتحاد الأوروبي، سجلت رومانيا أدنى مستوى لأسعار الغذاء، مع كلفة سلة تبلغ 74.6 يورو، أي أقل بـ25.4 في المئة من المتوسط. في المقابل، جاءت لوكسمبورغ في الصدارة كأغلى دولة داخل الاتحاد، بكلفة تصل إلى 125.7 يورو، أي أعلى بـ25.7 في المئة من المتوسط.

وبعد سويسرا، جاءت دولتان من رابطة التجارة الحرة الأوروبية (EFTA) ضمن الدول الثلاث الأغلى: آيسلندا بكلفة 146.3 يورو، والنرويج بـ130.6 يورو. وتضم هذه الرابطة دولًا غير أعضاء في الاتحاد الأوروبي، لكنها تتعاون معه تجاريًا مع احتفاظها بهوامش أوسع من السيادة التشريعية والاقتصادية.

دول تتجاوز المتوسط الأوروبي

كم تكلف سلة الغذاء في أوروبا مع نهاية 2025
تجاوزت الأسعار المتوسط  الأوروبي في عدد من الدول منها ايرلندا وفرنسا والنمسا والدنمارك ومالطا

تجاوزت أسعار الغذاء متوسط الاتحاد الأوروبي بأكثر من 10 في المئة في عدد من الدول، من بينها الدنمارك (119.3 يورو)، وإيرلندا (111.9 يورو)، وفرنسا (111.5 يورو)، والنمسا (110.9 يورو)، ومالطا (110.9 يورو).

كما جاءت أسعار الغذاء أعلى من المتوسط في اثنتين من كبرى اقتصادات الاتحاد، هما إيطاليا (104 يورو) وألمانيا (102.9 يورو)، بينما كانت إسبانيا أرخص بنسبة 5.4 في المئة من المتوسط، مع كلفة سلة تبلغ 94.6 يورو.

جنوب شرق أوروبا الأرخص

تسجل دول جنوب شرق أوروبا والبلقان الغربي عمومًا أدنى مستويات أسعار الغذاء. فإلى جانب مقدونيا الشمالية ورومانيا، جاءت تركيا بكلفة 75.7 يورو، والبوسنة والهرسك بـ82.5 يورو، والجبل الأسود بـ82.6 يورو، وبلغاريا بـ87.1 يورو، جميعها دون المتوسط الأوروبي بفارق كبير.

كما جاءت صربيا (95.7 يورو) وألبانيا (98.7 يورو) أقل من متوسط الاتحاد الأوروبي، فيما ظلت معظم دول أوروبا الوسطى والشرقية قريبة من المتوسط أو دونه، مثل سلوفاكيا وبولندا والتشيك والمجر.

لماذا تهم فجوات الأسعار؟

كم تكلف سلة الغذاء في أوروبا مع نهاية 2025
فروق الأسعار تعود إلى عوامل هيكلية منها تكلفة الإنتاج والأجور

توضح إيلاريا بينيديتي، الأستاذة المشاركة في جامعة توسيا، أن الفروق في أسعار الغذاء تعود إلى عوامل هيكلية، مثل تكاليف الإنتاج، ودرجة اندماج سلاسل الإمداد، ومدى التعرض للصدمات العالمية.

وأشارت إلى أن الاقتصادات الصغيرة والمنفتحة، ولا سيما تلك التي تتأثر عملاتها بتقلبات حادة، شهدت انتقالًا أكبر لارتفاع تكاليف الطاقة والمدخلات الزراعية خلال جائحة كورونا والحرب بين روسيا وأوكرانيا.

وتكمن أهمية هذه الفجوات، بحسب بينيديتي، في أن أثرها يختلف باختلاف نسبة إنفاق الأسر على الغذاء. ففي عدد من دول شرق وجنوب شرق أوروبا، يتجاوز الغذاء 20 في المئة من إنفاق الأسر، مقابل أقل من 12 في المئة في الاقتصادات الأعلى دخلًا، ما يجعل أي زيادة سعرية أكثر إيلامًا حيث الدخول أقل.

الأجور والضرائب وتفضيلات المستهلكين

يرى ألان ماثيوز، أستاذ الاقتصاد في كلية ترينيتي في دبلن، أن الفروق في الدخل والأجور تمثل العامل الأهم وراء اختلاف أسعار الغذاء. فالدول ذات الأجور المرتفعة، مثل الدنمارك وسويسرا، تنعكس تكاليف العمالة الأعلى في الزراعة والتصنيع والتجزئة مباشرة على المستهلك.

وأضاف أن الضرائب، ولا سيما ضريبة القيمة المضافة على الغذاء، تلعب دورًا مهمًا، إذ تطبق بعض الدول معدلات منخفضة أو صفرية على المنتجات الغذائية، مثل إيرلندا، بينما تخضع الأغذية في دول أخرى، كالدنمارك، للمعدل القياسي.

كما أشار إلى أن تفضيلات المستهلكين تؤثر بدورها، إذ يميل المستهلكون في شمال وغرب أوروبا إلى شراء منتجات عضوية أو فاخرة، أو تفضيل العلامات التجارية على المنتجات الأرخص ذات العلامات الخاصة بالمتاجر.

انعكاسات على الأمن الغذائي

تشير منصة العرب في بريطانيا (AUK) إلى أن التفاوت في كلفة سلة الغذاء في أوروبا لا يمكن قراءته بمعزل عن مستويات الدخل المتاح. فبينما تستطيع الدول ذات الدخول المرتفعة استيعاب أسعار أعلى، تواجه الأسر الأقل دخلًا في أوروبا الوسطى والشرقية عبئًا غير متكافئ، حتى عندما تكون الأسعار الاسمية أقل. ويعكس ذلك محدودية مؤشرات الأسعار وحدها في قياس القدرة الفعلية على تحمّل كلفة الغذاء، من دون الأخذ في الاعتبار الفروق الواسعة في الدخول ومستويات المعيشة.

المصدر: يورونيوز (Euronews)


اقرأ ايضاً

اترك تعليقا

آخر فيديوهات القناة