غرامة ضخمة على شركة مياه التايمز بـ122.7 مليون باوند.. ما الأسباب؟

فرضت الهيئة المنظمة لقطاع المياه في بريطانيا (Ofwat) غرامة مالية قياسية بلغت 122.7 مليون باوند على شركة “مياه التايمز” (Thames Water)، في خطوة غير مسبوقة؛ بسبب ما اعتبرته “إخفاقًا بيئيًّا وإداريًّا خطيرًا” ارتبط بتسريبات الصرف الصحي وتوزيع أرباح غير مستحقة للمساهمين، في ظل أزمة مالية خانقة تعاني منها الشركة.
وتُعَدّ هذه الغرامة الأكبر في تاريخ قطاع المياه البريطاني، وقد أكدت (Ofwat) أنها لن تُحمَّل للمستهلكين، بل ستُدفَع من أموال الشركة ومساهميها، وذلك بعد أسابيع فقط من ارتفاع فواتير المياه على ملايين الأسر البريطانية.
تسريبات صرف و”أرباح بلا أداء”
وجاءت الغرامة على مرحلتين، أولاهما بقيمة 104.5 مليون باوند؛ بسبب مخالفات جسيمة في تشغيل أنظمة الصرف، حيث كشفت تحقيقات (Ofwat) أن نحو 75 في المئة من منافذ التصريف الطارئة لدى الشركة كانت تُطلق مياه الصرف الملوثة روتينيًّا، خارج الظروف الاستثنائية التي يسمح بها القانون، ما يُهدّد البيئة والصحة العامة على نطاق واسع.
أما الجزء الثاني من الغرامة، فقد بلغ 18.2 مليون باوند، وارتبط بتوزيع أرباح كبيرة لمساهمي الشركة في أكتوبر 2023 (37.5 مليون باوند) ومارس 2024 (131.3 مليون باوند)، في وقت كانت الشركة تُعاني من أزمات تشغيلية ومالية. ووصفت الهيئة هذه التوزيعات بأنها “لا تعكس الأداء الفعلي للشركة”، مشيرة إلى أنها المرة الأولى التي تُعاقب فيها شركة مياه على هذا الأساس.
وتخدم شركة “مياه التايمز” نحو ربع سكان بريطانيا، ولا سيما في لندن وجنوب إنجلترا، ويعمل بها أكثر من 8 آلاف موظف. وقد تفجّرت أزمتها المالية قبل نحو عامين، مع اقتراب ديونها من 20 مليار باوند، ما استدعى هذا العام قرض إنقاذ بقيمة 3 مليارات باوند لتفادي الانهيار الكامل.
لكن رغم هذا الدعم، لا تزال الشركة تحت رقابة مالية مشددة، ولا يمكنها توزيع أي أرباح مستقبلية دون موافقة (Ofwat)، في ظل ما يُعرف بـ”تجميد السيولة” (cash lock-up).
أخطار بيئية وصحية جسيمة
وتحذّر الهيئات البيئية من أن تسريبات الصرف غير المعالجة إلى الأنهار والبحار تُمثّل خطرًا مباشرًا على الصحة العامة للناس، ولا سيما السبّاحين والزائرين. وتسمح القوانين البريطانية بتصريف مياه الصرف في حالات الأمطار الغزيرة فقط؛ لتفادي فيضانات المنازل، لكن التحقيقات أظهرت أن “مياه التايمز” حوّلت هذا الاستثناء إلى ممارسة اعتيادية.
كما أخفقت الشركة في تقديم خطة تعويض بيئي كافية خلال التحقيقات، بحسَب (Ofwat).
وتزامنت الغرامة مع انتقادات سياسية متزايدة لأسلوب إدارة الشركة، وبخاصة بعد تسريبات عن نية منح مكافآت ضخمة لكبار التنفيذيين عقب قرض الإنقاذ. وقد علّقت “مياه التايمز” هذا المخطط الأسبوع الماضي، بعد ضغط من الحكومة، التي وصفت فكرة “مكافأة الفشل” بأنها “غير مقبولة على الإطلاق”.
وكان المدير التنفيذي للشركة، كريس ويستون، قد صرّح في وقت سابق هذا الشهر أمام البرلمان أن استمرار الشركة مرهون بتعامل (Ofwat) برأفة في ملف الغرامات والعقوبات.
فواتير مرتفعة والشركة تبحث عن تمويل!
وفي إبريل الماضي، ارتفعت فواتير المياه في إنجلترا وويلز بمعدل 10 باوندات شهريًّا، ووصلت فواتير المستهلكين إلى 639 باوند سنويًّا بدلًا من 488. ومع ذلك، أكدت الحكومة أن خدمات المياه والصرف الصحي ستستمر كالمعتاد مهما كان مصير الشركة، فيما تُراقب وزارة الخزانة عن كثب تطورات الملف.
وستذهب الغرامات في نهاية المطاف إلى الخزانة العامة، لكن لم يُحدَّد بعد كيفية استخدام هذه الأموال.
وتواصل الشركة جهودها لجذب استثمارات جديدة، وتُجري مفاوضات مع مجموعة الاستثمار الأمريكية (KKR)؛ لضخ تمويل قد يصل إلى 5 مليارات باوند، إلا أن نجاح الصفقة مشروط بموافقة الدائنين على تخفيضات كبيرة من مستحقاتهم، وقد يواجه بعض المقرضين الثانويين خسارة كاملة لقروضهم.
وفي تعليقه على القرار، قال الرئيس التنفيذي لـ(Ofwat)، ديفيد بلاك: “تحقيقنا كشف عن إخفاقات واضحة من الشركة في إنشاء بنية تحتية كافية وصيانتها وتشغيلها… كما أخفقت في تقديم أي خطة تعويض مجدية لمصلحة البيئة”.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇