طقس بريطانيا: ظاهرة نادرة وراء الأجواء الغائمة هذا الأسبوع
رغم سيطرة الضغط الجوي المرتفع على أجواء بريطانيا خلال الأسبوع الجاري، فإن البلاد لم تشهد السماء الصافية ولا أشعة الشمس التي ترافق هذه الحالة عادةً، بل غلبت الغيوم الرمادية والضباب والرذاذ على معظم المناطق، وسط درجات حرارة معتدلة تراوحت بين 13 و17 درجة مئوية.
وكشف مكتب الأرصاد الجوية (Met Office) أن السبب وراء هذه الأجواء الغائمة يعود إلى ظاهرة جوية نادرة تُعرف باسم “الكسوف الجوي” أو “الطقس الرمادي الكئيب” (Anticyclonic Gloom)، وهي حالة استثنائية تحدث عندما يؤدي الضغط الجوي المرتفع -بدلًا من جلب الطقس الصافي- إلى تكوين غطاء رمادي كثيف من السحب والضباب والرطوبة.
ما ظاهرة “الكسوف الجوي” التي تشهدها بريطانيا؟

تحدث هذه الظاهرة عندما يستقر نظام ضغط مرتفع فوق البلاد، فيُحدِث جوًّا مستقرًّا يمنع حركة الهواء صعودًا وهبوطًا. هذا الاستقرار يؤدي إلى احتباس الرطوبة والسحب المنخفضة قرب سطح الأرض، ما يمنع اختلاط الهواء وتجدد طبقاته، ومن ثَمّ تُحجب أشعة الشمس وتغيب السماء الزرقاء لأيام متواصلة.
ويؤدي ضعف الرياح خلال هذا الوقت إلى بقاء الغيوم والضباب عالقين لفترات طويلة، ولا سيما في المناطق الداخلية والأودية حيث تتجمع كتل الهواء البارد، ما يجعل الطقس رطبًا وكئيبًا ومحدود الرؤية.
وأشار مكتب الأرصاد إلى أن النصف الأول من نوفمبر 2024 كان مثالًا كلاسيكيًّا على هذه الظاهرة؛ حيث تمركز مرتفع جوي قوي فوق أوروبا وامتدت تأثيراته إلى بريطانيا، ما تسبب في ركود الكتل الهوائية لأكثر من عشرة أيام.
وخلال تلك الفترة، سُجّل غياب شبه تام لأشعة الشمس في معظم المناطق، فيما غطى الضباب الكثيف المنخفضات، وبدت الأجواء مشبعة بالرطوبة رغم اعتدال درجات الحرارة.
لكن الظاهرة سرعان ما تبددت مع تراجع المرتفع الجوي نحو الغرب، لتدخل البلاد في مرحلة مغايرة، إذ اجتاحت عاصفتان قويتان بريطانيا خلال النصف الثاني من الشهر؛ الأولى كانت عاصفة “بيرت” (Bert) التي جلبت أمطارًا تجاوزت 120 ملم في بعض مناطق إنجلترا وويلز ورياحًا وصلت سرعتها إلى 80 ميلًا في الساعة، تلتها عاصفة “كونال” (Conall) التي ضربت جنوب إنجلترا برياح وأمطار غزيرة جديدة.
التفسير العلمي
وأوضح خبراء الأرصاد أن ظاهرة “الكسوف الجوي” تعتمد على مبادئ فيزيائية دقيقة:
• الضغط المرتفع يؤدي إلى هبوط الهواء وتسخينه قليلًا، ما يمنع تكون السحب الصاعدة.
• الرطوبة القريبة من سطح الأرض تتكاثف لتشكّل سحبًا منخفضة وضبابًا يصعب تلاشيه خلال النهار.
• غياب الرياح يساهم في تراكم الرطوبة والملوثات، ما يعزز الطابع الرمادي الكئيب للسماء.
• انخفاض زاوية الشمس في الشتاء يجعلها عاجزة عن اختراق الغيوم وتبديدها، على عكس ما يحدث في الصيف.
ويؤكد مكتب الأرصاد أن هذه الظاهرة، رغم ندرتها، ليست جديدة في بريطانيا، إذ تظهر عادة في فصلَي الخريف والشتاء عندما تتوفر ظروف استقرار جوي طويل الأمد.
ترى منصة العرب في بريطانيا أن هذه الظواهر الجوية النادرة تذكّر السكان بمدى تقلب المناخ البريطاني وتأثيره المباشر في المزاج والصحة النفسية، ولا سيما خلال الأشهر الرمادية الطويلة.
وتوصي المنصة القراء بـ:
• الاستفادة من ساعات النهار القليلة بالخروج إلى الهواء الطلق والتعرض لأشعة الشمس الطبيعية قدر الإمكان.
• استخدام الإضاءة البيضاء القوية في المنازل لتقليل الشعور بالكآبة أو الإرهاق الذهني الناتج عن نقص الضوء.
• الحفاظ على النشاط البدني والتغذية الجيدة لمواجهة ما يُعرف بـ”اكتئاب الشتاء” الذي يصيب بعض الأشخاص خلال الفترات الطويلة من الطقس الغائم.
وتؤكد المنصة أن فهم هذه الظواهر ليس مجرد اهتمام بالأحوال الجوية، بل هو جزء من ثقافة الحياة اليومية في بريطانيا، حيث تتقاطع الطبيعة والمزاج والمجتمع في لوحة مناخية واحدة.
المصدر: Manchester Evening News
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
