العرب في بريطانيا | صمود الفلسطيني على أرضه خيار وحيد.. صمود غزة نم...

1447 محرم 24 | 20 يوليو 2025

صمود الفلسطيني على أرضه خيار وحيد.. صمود غزة نموذجًا

IMG-20250718-WA0003

لا يبدو صمود وثبات الشعب الفلسطيني فوق أرضه في كافة أماكن تواجده غريبًا، ولا حالة حديثة، فهو امتداد لثبات وتجذّر في الأرض منذ عشرات السنين، رغم كل ما يُحاك من مؤامرات، ويُنفَّذ على الأرض من مخططات واعتداءات، وسياسات هدفها الأول تهجير الفلسطيني عن أرضه.

فمنذ النكبة عام 1948، يواجه الفلسطينيون سياسة ممنهجة لطمس هويتهم وتهجيرهم من أرضهم.
فلو تحدّثنا بلغة الأرقام، نجد أن جيش الاحتلال، في سبيل تحقيقه أهدافه، ما يزال منذ أكتوبر 2023 يشنّ حرب إبادة في غزة، أدّت إلى استشهاد وفقدان أكثر من 60 ألف فلسطيني، إضافة إلى 90 ألف جريح، ودمار ما يزيد على 70% من القطاع، مع الاستخدام الممنهج للتجويع من أجل دفع السكان في مرحلةٍ ما إلى ترك بلادهم والهجرة منها.

أما في القدس والضفة الغربية، فالإجراءات الإسرائيلية لا تختلف كثيرًا عن حال غزة، فالزحف الاستيطاني يتصاعد بشكل يومي، حيث وصل عدد المستوطنين إلى ما نسبته 25% من سكان الضفة، إضافة إلى عمليات القتل والاعتقال اليومي، إلى جانب عمليات الهدم في القدس، والملاحقة والإبعاد عن الأقصى، ومحاولات تهويد أحياء المدينة المقدسة، مثل سلوان والشيخ جراح، بمشاريع استيطانية لا تتوقف لحظة.

إفشال مخططات

في غزة، كان لصمود السكان شمال قطاع غزة، منذ بداية الحرب، رغم القتل والتجويع، الدور الأكبر والأهم في إفشال عدة مخططات كان ينوي الاحتلال تنفيذها، لعل أبرزها مخطط تهجير السكان من بيوتهم، وإقامة مستوطنات في غزة عبر “خطة الجنرالات”، التي قامت على مبدأ دفع الناس للهجرة من خلال القصف والقتل والتدمير، إضافة إلى إفشال مخطط فصل الشمال عن وسط وجنوب القطاع.

ومع عودة الاحتلال للحرب في غزة، ما يزال الاحتلال يسعى إلى تهجير السكان عبر مخططات عديدة، إضافة إلى محاولة تثبيت عمل المؤسسة الأمريكية للمساعدات، بما يشمل عملها من إذلال للسكان، واعتبارها بديلًا عن المؤسسات الدولية، وهو ما يرفضه الفلسطينيون، ويعملون بكل جهدٍ وقوة على إفشاله، عبر الصمود في الميدان، وعلى طاولة المفاوضات، رغم صعوبة المعارك في الجانبين.

ليست هذه المرة الأولى، ولا غزة الحالة الوحيدة، فقد سبقتها الضفة الغربية والقدس في إفشال عشرات المخططات، خاصة التي تستهدف المسجد الأقصى، ومن أبرزها إفشال مخطط البوابات الإلكترونية للدخول إلى المسجد الأقصى.

ففي يوليو 2017، ثبّت الاحتلال بوابات إلكترونية على مداخل المسجد الأقصى، ومنع الدخول إلا من خلالها بعد الفحص، وهو ما قوبل برفض شعبي، ومواجهات، واعتصامات، ما أجبر الاحتلال على إزالة البوابات وكافة العراقيل التي وضعها.

هذه النماذج جزء من صبر وتحدّي وجَلد الفلسطيني أمام ما يواجهه من تضحيات جسيمة، في قطاع غزة التي تتعرض لإبادة منذ أكتوبر 2023، والضفة الغربية التي تعاني القتل اليومي، والتهجير، والاستيطان، والطرد من بيوتهم وأراضيهم، وكذلك القدس.

الإفراج عن سيدة بكفالة بعد هتاف "من النهر إلى البحر" في مظاهرة بمانشستر

أما في الخارج، فلا يبدو الفلسطيني أحسن حالًا، فهم الذين تشردوا عن بيوتهم وأراضيهم، لكن حلم العودة لا يفارقهم لحظة واحدة، وتتنوع معاناتهم لتشمل التحديات الاقتصادية، والقيود المفروضة على الحركة، وفقدان الهوية، وصعوبة الحصول على الخدمات الأساسية، والصراعات السياسية.

لكن ماذا بشأن التحولات السياسية في المحيط العربي والمطلوب عربيًا وإسلاميًا ودوليًا؟

لا تبدو التحولات السياسية العربية فارقًا في المعادلة، فلو كانت كذلك، لما استمرت الإبادة في غزة لقرابة عامين، كان فيها الحراك الدولي المتواضع أفضل، بكل الأحوال، من الحراك العربي والإسلامي الرسمي والمؤسساتي والشعبي.

فأقل المطلوب عربيًا هو قطع العلاقات الدبلوماسية والاقتصادية مع الاحتلال الإسرائيلي، ووقف موجات التطبيع السابقة والجديدة، والضغط الحقيقي لفتح المعابر، وإرسال مساعدات عاجلة لغزة، والضغط الدبلوماسي في الأمم المتحدة لإنهاء الاحتلال والإبادة، وتقديم الدعم الحقيقي والفاعل لإعمار غزة دون شروط سياسية، أو ربطه بأي ملفات أخرى، فذلك من أشد سبل إفشال مخطط التهجير، وتثبيت الشعب الفلسطيني على أرضه، ومساندته بشكل حقيقي وفاعل في وجه الاحتلال الإسرائيلي.

انهيار الصورة النمطية

القانون في بريطانيا

على المستوى الدولي، انهارت الصورة النمطية لإسرائيل، وفضحت جرائم الحرب في غزة زيف “الدولة الديمقراطية” و”الجيش الأخلاقي”، وأصبح هناك تحوُّلٌ في السياسات الغربية، حيث الحركات الشعبية الضخمة في أوروبا وأمريكا، والجامعات، والمؤسسات، التي تطالب بفرض عقوبات على إسرائيل ووقف الدعم العسكري لها.

فمئات الجامعات الغربية، خاصة في أمريكا وأوروبا، شهدت اعتصامات ومخيمات تضامن امتدت لشهور، فيما تضاعف نشاط حركات المقاطعة (BDS)، وفرضت ضغوطًا حقيقية على شركات متواطئة مع الاحتلال.

ويبقى الأمل معقودًا، بعد الله سبحانه وتعالى، أن تتعاظم دعوات الدول العربية والإسلامية والدولية تجاه القضية الفلسطينية، وأن تتخذ إجراءات وخطوات رسمية معززة بدعمٍ وحراك شعبي أكثر توافقية، بما يُفشل المخططات الصهيونية العالمية بفرض حالة “شرق أوسط جديد”، تكون السيادة واليد العليا فيه لقوى الاحتلال الجديدة المتجددة بوجهٍ إسرائيلي، متخفية خلف دعم صهيوني عالمي، وهو ما لا تتمناه دول المنطقة.

فصمود الفلسطيني على أرضه ليس خيارًا يختاره من بين خيارات عديدة، بل هو خيار وحيد، لا يمكن أن يتبدل أو يتغير.

فمن هُجّر رَغْمًا عنه، وأُجبر على العيش منذ عشرات السنين خارج بلاده، لا يتخلى عن حق عودته إلى بلده ويتمسك بأرضه،

فما بالكم بمن عاش على أرضها، وتحمل كل تلك المعاناة لأجلها، هل يمكن أن يُفرّط فيها؟

لو كان الأمر خيارًا في حسابات الفلسطينيين، لما صمدوا وثبتوا عامين تحت المذبحة، والمقتلة، والإبادة التي لم تحدث في تاريخ البشرية!

 


اقرأ أيضًا:

جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
5:43 am, Jul 20, 2025
temperature icon 17°C
broken clouds
90 %
1001 mb
7 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 5:07 am
Sunset 9:06 pm