العرب في بريطانيا | صحفي يهاجم نمو مراكز التحكيم الشرعية في بريطاني...

1446 رجب 26 | 26 يناير 2025

صحفي يهاجم نمو مراكز التحكيم الشرعية في بريطانيا.. لماذا؟

مسلمين في لندن
سجى ياسر December 21, 2024

في تقرير مثير للجدل نشرته منصة (GB News)، شنّ الصحفي البريطاني كيلفن ماكنزي هجومًا حادًّا على انتشار مراكز التحكيم الشرعية في بريطانيا، واصفًا إياها بأنها “كيانات تعمل خارج إطار النظام القانوني البريطاني”، وذلك استنادًا لنتائج تقرير من صحيفة التايمز.

إلا أن لغة المقال، الطافحة بالتعميمات والمغالطات، تكشف نهجًا يحمل أبعادًا تتخطى حدود النقد الموضوعي، لتتماشى مع ما وُصف سابقًا بتغطيات (GB News) المناهضة للإسلام والمسلمين. ويثير هذا المقال تساؤلات جدية عن الدوافع الكامنة وراء هذه الاتهامات وتأثيرها على المسلمين في بريطانيا.

حملة إعلامية تتسم بالتضليل

لم يكن مقال ماكينزي مجرد نقد لممارسات معينة، بل لم يكن مقال ماكنزي مجرد نقد لممارسات معينة، بل حمل في طياته توجهًا تحامليًّا يُرسّخ صورة سلبية عن مراكز التحكيم الشرعية والمسلمين عمومًا. فمن خلال وصف هذه المراكز بأنها “كيانات موازية” وتجاهله الإطار القانوني الذي تعمل ضمنه، قدّم السرد وكأنه هجوم على النظام القانوني البريطاني نفسه، مع إشارة مبطنة إلى أن المسلمين يشكلون تهديدًا لهذا النظام. ثم أشار إلى العلماء المسلمين بأسلوب ازدرائي، متجاهلًا مكانتهم الشرعية في الفقه الإسلامي ودورهم في تقديم الإرشاد الديني.

ويتماشى هذا السرد مع حملات الإسلاموفوبيا التي تصور الممارسات الإسلامية على أنها “متخلفة” أو غير متوافقة مع القيم الغربية. لكن ما يقدمه ماكنزي في مقاله ليس نقدًا مستندًا إلى الحقائق، بل محاولة واضحة لتشويه صورة مجتمع يسعى للتوازن بين هُويته الدينية ومتطلبات العيش في مجتمع متعدد الثقافات.

ما دور مراكز التحكيم الشرعية في بريطانيا؟

مراكز التحكيم الشرعية ليست محاكم أو كيانات قضائية، بل جهات استشارية تُعنى بتقديم الإرشاد الديني للمسلمين في قضايا شخصية مثل الزواج، والطلاق، والميراث. وهذه المراكز لا تتمتع بأي سلطة قانونية تُلزم الأطراف بقراراتها، بل تعتمد بالكامل على القبول الطوعي من الأفراد الذين يلجؤون إليها.

ورغم ذلك، يتعمد منتقدو هذه المراكز تصويرها وكأنها تنافس النظام القانوني البريطاني أو تسعى لفرض قوانين موازية. هذا التوجه يُغفل حقيقة أن هذه المراكز تعمل تحت سقف القانون البريطاني، وتؤدي دورًا مكملًا يخدم مجتمعًا يبحث عن التوفيق بين هُويته الدينية ومتطلبات الحياة في مجتمع متعدد الثقافات.

لكن بدلًا من الاعتراف بهذه الحقائق، اعتمد ماكنزي على أمثلة فردية وتفسيرات مشوهة لبعض الأحكام الإسلامية لتقديم صورة مفزعة وغير واقعية عن هذه المجالس، متهمًا إياها باضطهاد النساء وتجاهل القوانين البريطانية.

تناول التقرير عددًا من النقاط المثيرة للجدل التي تُنسب للمحاكم الشرعية:

الرد على مزاعم ماكنزي

  1. الزيجات غير المسجلة:
    • تجاهل ماكنزي أن الزواج الإسلامي (النكاح) يُعد في الشريعة الإسلامية عقدًا دينيًّا شرعيًّا، ولا يعني عدم تسجيله مدنيًّا وجود نية للإضرار بالمرأة. المسألة هنا هي نقص في الوعي بأهمية تسجيل الزواج ضمن النظام المدني البريطاني، وهي قضية توعية وليست استغلالًا. فكثير من المؤسسات الإسلامية في بريطانيا تُنبّه إلى أهمية تسجيل الزواج مدنيًّا لضمان حماية حقوق المرأة القانونية والمالية.
  2. الطلاق الثلاثي:
    • بالغ المقال في تصوير مسألة الطلاق الثلاثي بأنه آلية تعسفية تُضر النساء، متجاهلًا أن هذه الممارسة خضعت لمراجعات فقهية واسعة في العالم الإسلامي. فقد أبطلها العديد من الدول الإسلامية مثل مصر وباكستان، حيث ينبّه العلماء إلى أن الطلاق عملية تتطلب وقتًا وإجراءات تستهدف الإصلاح قبل التفريق.
  3. قواعد الميراث:
    • يعتمد نظام المواريث في الشريعة الإسلامية على أسس واضحة مستمدة من النصوص القرآنية. توزيع الميراث يُراعي المسؤوليات المالية التقليدية، حيث يُلزم الرجل بالنفقة الكاملة على الأسرة. لكن هذا لا يعني عدم إمكانية إجراء ترتيبات توافقية داخل العائلات بما يناسب الواقع الحديث.
  4. تعدد الزوجات:
    • هاجم ماكنزي تعدد الزوجات، متجاهلًا أن الإسلام يضع شروطًا صارمة لضمان العدل والمساواة بين الزوجات. ومع أن تعدد الزوجات مسموح به في الشريعة الإسلامية، فإن القانون البريطاني لا يعترف به رسميًّا، ويحرص معظم المسلمين على الالتزام بهذه القوانين.
  5. ادعاءات التحيز ضد النساء:
    • أشار ماكنزي إلى استفسارات تُطرح على النساء في المراكز الشرعية مثل أسئلة عن الدورة الشهرية، متناسيًا أن هذه الإجراءات تستهدف تحديد فترة العدة بما يتماشى مع الأحكام الشرعية، التي تصون حقوق جميع الأطراف وتضمن العدالة.

دور (GB News) في تعزيز الإسلاموفوبيا

يتماشى مقال ماكنزي مع النهج التحريري الذي تتبناه منصة (GB News)، والذي وُثِّق بوصفه معاديًا للإسلام. فقد كشف تقرير صادر عن مركز مراقبة الإعلام أن القناة تغطي القضايا الإسلامية والمسلمين بطريقة سلبية، ما يعزز التوترات المجتمعية. ويُعَد مقال ماكنزي مثالًا صارخًا على هذا الاتجاه، إذ يُسهم في تشويه صورة المسلمين بدلًا من تعزيز التفاهم والتعايش.

بدلًا من شيطنة مراكز التحكيم الشرعية، ينبغي العمل على تحسين الوعي المجتمعي بحقوق المرأة المسلمة، وضمان توافق عمل هذه المراكز مع القوانين البريطانية. ويمكن تحقيق ذلك من خلال التعاون بين المؤسسات الإسلامية والحكومة؛ لضمان تحقيق العدالة واحترام الحريات الدينية.

 


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
5:42 am, Jan 26, 2025
temperature icon 3°C
few clouds
Humidity 81 %
Pressure 1005 mb
Wind 7 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 20%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 7:47 am
Sunset Sunset: 4:38 pm