شاب سوداني: جمعية خيرية منحتني الأمل واللجوء في بريطانيا
كان عبد الله شابًّا سودانيًّا في التاسعة عشرة من عمره، يعيش مع والديه في منطقة غرب دارفور المتنازع عليها في السودان، عندما اختطفته ميليشيا مسلحة أثناء توجهه لرعاية قطيع الأغنام الخاص بأسرته على أطراف البلدة. وقال: “احتجزونا تحت تهديد السلاح مع 15 شخصًا آخر، ثم قتلوا أحدنا”.
كيف وصل عبد الله إلى بريطانيا؟
تمكن عبد الله الذي كان ضحية للصراع العرقي في السودان، من الهرب من خاطفيه في مساء يوم اختطافه والفرار من السودان على الفور. ولم يعد قطّ إلى بلدته ولم يرَ والديه مرة أخرى منذ ذلك الوقت.
كانت تلك بداية رحلة مؤلمة استمرت ثلاث سنوات أخذته إلى ليبيا ومالطا وإيطاليا وفرنسا وأخيرًا بريطانيا، حيث طلب اللجوء. وقال إنه لم يكن يملك المال وتحمل مشقة العمل القسري في ليبيا والسجن والإقامة في مخيم اللاجئين في مالطا والجوع في إيطاليا، وعند وصوله إلى بريطانيا في عام 2021، كان في حالة يرثى لها.
وقال: “عندما وصلت إلى بريطانيا، أخذوني إلى فندق للاجئين في لندن. كنت نحيفًا جدًّا وفقدت الكثير من وزني وكنت أشعر بالوحدة والاكتئاب. لم يكن لدي مال وكنت بالكاد أتحدث الإنجليزية وكانت صحتي النفسية متدهورة. وبعد أسبوع، جاءت امرأة من جمعية خيرية تسمى “يونغ روتس” (Young Roots) إلى الفندق، وعرضت عليّ المشاركة في لعب كرة القدم مع شبان آخرين مثلي. أعطتني بطاقة أويستر وركبت الحافلة وقابلت طالبي لجوء سودانيين آخرين ولعبنا كرة القدم معًا”.
وفي أثناء حديثه، ارتسمت ابتسامة عريضة على مُحيَّا عبد الله، البالغ من العمر الآن 25 عامًا. وقال: “كانت تلك المرة الأولى التي أضحك فيها، المرة الأولى التي شعرت فيها بأنني طبيعي منذ ثلاث سنوات. بعد ذلك، أصبحت ‘يونغ روتس’ مثل منزل لي. نظموا لي دروسًا في اللغة الإنجليزية، وساعدوني في الحصول على الاستشارة والدعم النفسي، وساعدوني على الانتساب للكلية، والتدرب على العمل في الأمن والحصول على وظيفة مشرف في نادٍ لكرة القدم في الدوري الممتاز”.
جمعية خيرية تساعد طالبي اللجوء
“يونغ روتس” هي واحدة من مجموعة منظمات تُموَّل من خلال “حملة الشتاء الخيرية Winter Appeal” بالشراكة مع “كوميك ريليف”، ضمن مبادرة “A Place to Call Home” التي تسعى لمساعدة أكثر فئتين محرومتين في لندن وهم اللاجئون والمشردون.
أُسِّست الجمعية قبل 20 عامًا، وتعمل سنويًّا مع نحو 1000 لاجئ وطالب لجوء شاب، تتراوح أعمارهم بين 11 و25 عامًا، وتدعمهم من خلال الدفاع عن حقوقهم وتنظيم جلسات شبابية في مراكزها الثلاثة في برنت وكينغز كروس وكرويدون.
حافظ عبد الله على تواصله مع “يونغ روتس” عندما نُقل من غرفته الفندقية في شمال لندن في كانون الثاني/يناير 2023 إلى منزل مشترك في مكان آخر من العاصمة، وساعدوه في العثور على محامٍ للدفاع عن طلب لجوئه. مع عدم وجود مؤشر من وزارة الداخلية بشأن المدة التي سيظل فيها الطلب معلقًا، لجأ أيضًا إلى “يونغ روتس” لمساعدته على الاندماج في بريطانيا. وهو يعزو الفضل لدروس اللغة الإنجليزية والدعم النفسي في دخوله الكلية، حيث يدرس حاليًّا اللغة الإنجليزية والرياضيات.
وفي حَزيران/يونيو الماضي، وبعد انتظار دام 18 شهرًا، حصل عبد الله على صفة لاجئ، لكن في الأسبوع نفسه، تلقى خطاب إخلاء من وزارة الداخلية يمنحه 28 يومًا للانتقال وإيجاد سكن خاص به. وبوصفه شابًّا أعزب لا يملك المال الكافي، لم يكن عبد الله من أولويات المجلس المحلي وواجه خطر النوم في شوارع لندن.
عقبات اللجوء والسكن
يمثل اللاجئون الذين حصلوا حديثًا على حق اللجوء، مثل عبد الله، أسرع الفئات نموًّا بين المشردين في بريطانيا. ولمواجهة هذه المشكلة، أطلقت صحيفة “ستاندرد” حملة تطالب الحكومة بتمديد فترة “الانتقال” من 28 إلى 56 يومًا. وتستهدف هذه المبادرة منح اللاجئين وقتًا كافيًا للانتقال من السكن الحكومي وتجنب التشرد. وقد لاقت هذه الدعوة تأييدًا واسع النطاق من جمعيات اللاجئين، ومنها “يونغ روتس”، ومنظمات المشردين، والسلطات المحلية في لندن، وبخاصة أن قانون الحد من التشرد يمنح الفئات المستضعفة مهلة 56 يومًا.
وقد نجح عبد الله في تفادي التشرد بفضل “يونغ روتس” التي أرشدته إلى منظمة “لاجئون في المنزل”، وهي مبادرة تصل اللاجئين بمتطوعين لديهم غرف إضافية في منازلهم. ولم تتوقف مساعدة المنظمة عند هذا الحد، إذ دعمته في تقديم طلب للمجلس المحلي، ما أدى إلى حصوله بعد شهرين على سكن مؤقت في نُزل مشترك في لندن يقيم فيه حتى الآن. وأخيرًا تمكن من التواصل مع والديه اللذين اطمأنا على حياته ومكان إقامته، لكنه يجد صعوبة في الاتصال بهما لعدم امتلاكهما هاتفًا أو إنترنت.
يتحدث عبد الله بامتنان عن دور “يونغ روتس” في حياته قائلًا: “لولاهم لكانت رحلتي أشد معاناة وصعوبة. لقد احتضنوني كأنهم أسرتي الحقيقية، يصحبونني في رحلات إلى شاطئ برايتون وأنشطة ممتعة كالتخييم. كما أنهم يؤمنون بأحلامي، حتى رغبتي في العمل مع الصليب الأحمر أولوها اهتمامًا خاصًّا. فأنا أتذكر أيام طفولتي في السودان كيف كان متطوعو الصليب الأحمر يزوروننا، يقدمون الطعام ويشاركوننا اللعب. رغم حاجز اللغة، لمست إنسانيتهم. وعندما شاركت هذا الحلم مع يونغ روتس، ساعدوني في التطوع مع المنظمة التي طالما حلمت بالانضمام إليها”.
وأضاف: “الآن وقد أصبحت في وضع أفضل، أود أن أكون قادرًا على رد الجميل. أشعر بالحرية والسعادة هنا. إنها المرة الأولى التي أشعر فيها بذلك منذ أن كنت طفلًا. أريد دراسة حقوق الإنسان في الجامعة، لدي كل هذه الخطط الرائعة”.
المصدر: Standard
اقرا أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇