العرب في بريطانيا | زخم متصاعد للفعاليات المؤيدة لفلسطين في لندن.. ...

1446 ذو الحجة 15 | 12 يونيو 2025

زخم متصاعد للفعاليات المؤيدة لفلسطين في لندن.. هل اقتربت لحظة التغيير؟

كاتب مسرحي بريطاني ينطلق في رحلة إلى فلسطين سيرًا على الأقدام
رجاء شعباني June 4, 2025

في الوقت الذي تُمعن فيه إسرائيل في توسيع عدوانها على قطاع غزة، شهدت العاصمة البريطانية لندن خلال الأسابيع الماضية تصاعدًا لافتًا في الحراك الشعبي المؤيد لفلسطين، وسط تراجع في زخم المواقف الحكومية الرسمية، وصياغات إعلامية مخففة تعيد طرح تساؤلات حول جدية بريطانيا في مواجهة الانتهاكات الجسيمة للقانون الدولي.

الردود الحكومية البريطانية اتسمت بالبرود والضبابية، مقابل تفاعل شعبي متسارع وحضور طلابي ونقابي ومدني كثيف، بدأ يفرض إيقاعه على النقاش العام، بل وعلى مؤسسات الدولة، في مشهد يعيد إلى الأذهان صور التحركات الجماهيرية خلال حرب العراق أو حصار جنوب إفريقيا.

حكومة تتردد.. ووزير يراوغ

القطاع الصحي NHS يمنع موظفيه من ارتداء الزي الرسمي في المسيرات المؤيدة لفلسطين

في 5 مايو، صادق مجلس الوزراء الإسرائيلي على توسيع غزوه لقطاع غزة، معلنًا عزمه على إبقاء وجود عسكري دائم هناك. وواصل قادة اليمين الإسرائيلي إطلاق تصريحات ذات طبيعة إبادية، أبرزها وعد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش بأن “غزة ستُدمَّر بالكامل”.

ومع اقتراب عدد الضحايا الفلسطينيين من 70 ألفًا، وانهيار مقومات الحياة في القطاع، لم يُقدّم المسؤولون البريطانيون سوى إدانة رمزية خجولة. واكتفى هاميش فالكونر، وكيل الدولة لشؤون الشرق الأوسط، بالقول إن الحكومة “تعارض توسيع العمليات الإسرائيلية”، مدينًا أي محاولة لضم أراضٍ في غزة. لكنه حين سُئل عمّا إذا كانت لندن تعتبر ما يحدث تطهيرًا عرقيًّا، أحال المسألة إلى القضاء الدولي، متجنبًا تبنّي أي توصيف قانوني واضح.

أما هيئة الإذاعة البريطانية BBC، فقد واصلت استخدام لغة فضفاضة، واختارت وصف الهجوم الإسرائيلي بأنه “خطة للسيطرة على غزة”، متجنبة التطرق إلى أي مفردات قانونية مثل الاحتلال أو التطهير أو الجرائم ضد الإنسانية.

حراك ميداني متعدد المسارات

حركة "بال أكشن" تذكر شركة تأمين في لندن بتورطها في دماء الفلسطينيين

على الأرض، بدت الحركة الشعبية أكثر سرعة ووضوحًا. ففي 8 مايو، نظّمت حملة التضامن مع فلسطين وقفة احتجاجية أمام مقر BBC بمشاركة عدة مجموعات حقوقية، رافقتها فعاليات تصعيدية متزامنة مع اقتراب ذكرى النكبة، التي تُخلّد تهجير الفلسطينيين عام 1948.

طلاب مجموعة ICL Action for Palestine نظموا أسبوعًا من الفعاليات المكثفة بين 5 و9 مايو، شمل ورشات عمل، جلسات تعليمية مفتوحة، وتجمّعًا طلابيًا حاشدًا شاركت فيه جامعات لندن وعدد من النقابات، من بينها اتحاد الكلية والجامعة (UCU).

في كلية كينغز لندن، قاد الطلاب والأكاديميون احتجاجًا ضد استضافة “مؤتمر الدفاع في لندن”، ما أدى إلى مواجهات مباشرة مع الشرطة. وفي 13 مايو، أعيد إطلاق مخيم التضامن الطلابي، رغم محاولات الترهيب والمضايقة من قبل حرس الجامعة.

مجموعة Palestine Action نفّذت سلسلة من التحركات استهدفت ADS، وهي مؤسسة ضغط تدافع داخل البرلمان عن مصالح شركة Elbit Systems الإسرائيلية للأسلحة. كما صوّت نحو 75% من أعضاء سلسلة متاجر “كو-أب” لصالح حظر المنتجات الإسرائيلية من فروع السلسلة.

التحركات شملت كذلك وقفات أسبوعية أمام مقر شرطة سكوتلاند يارد كل يوم جمعة، تنظمها الشبكة اليهودية الدولية المناهضة للصهيونية، بالإضافة إلى وقفات يومية أمام البرلمان.

أما يوم النكبة (15 مايو)، فقد شهد مظاهرة جماهيرية حاشدة، ضمّت طيفًا واسعًا من المنظمات والجماعات التضامنية.

اختراق قانوني لمعادلة القمع

مجلس لندن يدعو لمحاسبة الشرطة بعد تقييدها لمسيرة فلسطين
مجلس لندن يدعو لمحاسبة الشرطة بعد تقييدها لمسيرة فلسطين

على الصعيد القضائي، تنظر المحكمة العليا البريطانية في دعوى رفعتها منظمة الحق الحقوقية الفلسطينية، ضد ثغرة قانونية تسمح بتصدير قطع طائرات F-35 إلى إسرائيل.

وفي تطور مهم، قضت محكمة الاستئناف بعدم قانونية القيود الإضافية التي فرضتها الشرطة على مظاهرات مؤيدة لفلسطين، مؤكدة أن وزيرة الداخلية السابقة سويلا برافرمان تجاوزت صلاحياتها حين منحت الشرطة صلاحيات واسعة لتقييد التظاهرات.

في 20 مايو، خرج وزير الخارجية ديفيد لامي بتصريح وصف فيه الدعوات إلى “تطهير غزة” بأنها “مقززة، متوحشة ومتطرفة”، وهو تصريح جاء متأخرًا نسبيًّا بعد أسابيع من التصعيد. كما انضم زعيم حزب العمال كير ستارمر إلى رئيسي وزراء كندا وفرنسا في بيان أدان الوضع الإنساني في غزة.

لكن المخرجات السياسية ظلّت محدودة، إذ اقتصر التحرك العملي على تعليق مفاوضات اتفاق تجارة جديدة مع إسرائيل، وبدء مراجعة لخارطة التعاون الثنائي المعروفة بـ”رؤية 2030”.

لحظة تراكم وليست لحظة انفجار

موظفون في BBC يرتدون الكوفية الفلسطينية دعمًا للقضية

رغم التباطؤ الرسمي، يرى ناشطو الحراك أن ما يحدث يمثّل تراكمًا استراتيجيًا في الوعي العام والتنظيم الشعبي، وأن الضغط الجماهيري المتواصل هو القادر على كسر سردية “الاعتياد” على الإبادة في غزة.

ويؤكد منظمو الاحتجاجات أن كل خطوة تضيف إلى زخم المواجهة، من التحركات الطلابية والنقابية، إلى الوقفات اليومية، مرورًا بالمسار القضائي، وصولًا إلى محاصرة الشركات المتورطة في الإبادة.

تؤمن منصة العرب في بريطانيا (AUK) بأن تصاعد الحراك الشعبي في لندن يشكّل علامة فارقة في معركة الوعي ضد التواطؤ السياسي والإعلامي. فبينما اختارت الحكومة البريطانية التلكؤ، بل وإعادة إنتاج خطاب الموازنة الخادع، استطاع الشارع البريطاني – طلابًا، ونقابات، ومنظمات – أن يفرض سردية بديلة، ويعيد طرح القضية الفلسطينية بوصفها قضية تحرر عالمي وعدالة إنسانية.

وترى المنصة أن اللحظة الحالية لا ينبغي التعامل معها كذروة مؤقتة، بل كبداية لتحول عميق في موقع فلسطين داخل النقاش العام البريطاني. كما تؤكد أن الضغط الشعبي المنظّم، حين يتراكم ويدخل المؤسسات، قادر على زعزعة التطبيع مع القتل الجماعي، وفرض مساحات جديدة للمحاسبة والتغيير.

 

المصدر فريدوم


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
7:58 pm, Jun 12, 2025
temperature icon 23°C
few clouds
66 %
1013 mb
12 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 20%
Visibility 10 km
Sunrise 4:43 am
Sunset 9:17 pm