دراسة: الأطفال الذين يتناولون السمك بانتظام أكثر تعاطفًا من غيرهم!

كشفت دراسة حديثة عن وجود صلة وثيقة بين استهلاك الأطفال للأسماك وتطور سلوكهم الاجتماعي، حيث أظهرت النتائج أن الأطفال الذين يتناولون السمك بانتظام يتمتعون بمستويات أعلى من التعاطف والود مقارنة بأقرانهم الذين لا يتناولونه.

وأكّد الأكاديميون القائمون على الدراسة أن تشجيع الأطفال على تناول الأسماك يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على نموهم وتطورهم السلوكي، وهو ما يعزز أهمية دمج المأكولات البحرية في الأنظمة الغذائية للأطفال.

العناصر الغذائية للأسماك ودورها في التطور المعرفي

بحسب باحثين من جامعة بريستول، تُعد المأكولات البحرية مصدرًا غنيًا بأحماض أوميغا-3 الدهنية، والسيلينيوم، واليود، وهي عناصر غذائية أساسية تلعب دورًا محوريًا في نمو الدماغ وتحسين الوظائف الإدراكية.

وفي إطار الدراسة، حلّل الباحثون بيانات طويلة الأمد شملت نحو 6,000 طفل في إنجلترا، وخلصوا إلى أن متوسط استهلاك الأطفال للأسماك بلغ 123 غرامًا أسبوعيًا.

7.2% من الأطفال لم يتناولوا أي أسماك أسبوعيًا.
63.9% استهلكوا ما بين 1 و190 غرامًا أسبوعيًا.
28.9% تناولوا أكثر من 190 غرامًا أسبوعيًا، أي ما يعادل أكثر من حصتين أسبوعيًا.

كما كشفت الدراسة أن الأسماك المغلفة والمعدة مسبقًا – مثل أصابع السمك – شكّلت 46% من إجمالي استهلاك المأكولات البحرية لدى الأطفال.

السلوك الاجتماعي الإيجابي والتفاعل مع الآخرين

ووفقًا للنتائج التي نُشرت في المجلة الأوروبية للتغذية، فإن الأطفال الذين لم يستهلكوا الأسماك كانوا أكثر عرضة لإظهار سلوك اجتماعي أقل مثالية، وهو ما يشمل:

التفاعل الودّي مع الآخرين.
الإيثار والتعاون.
المشاركة وتقاسم الأشياء.

وارتفعت نسبة الأطفال الذين أظهروا سلوكًا اجتماعيًا غير مثالي إلى 43% بين الأطفال في سن التاسعة، ما يسلط الضوء على أهمية استهلاك المأكولات البحرية في تعزيز مهارات التواصل والتفاعل الاجتماعي لدى الأطفال.

حاول الباحثون أيضًا التحقق مما إذا كان لاستهلاك الأسماك تأثير مباشر على مستوى الذكاء لدى الأطفال، لكنهم لم يجدوا فرقًا يُذكر في معدلات الذكاء بين الأطفال في سن الثامنة، بغض النظر عن استهلاكهم للأسماك.

التوصيات الصحية بشأن استهلاك الأسماك

وفقًا لهيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS) في بريطانيا، يُنصح بأن يتضمن النظام الغذائي الصحي والمتوازن ما لا يقل عن حصتين من الأسماك أسبوعيًا، إحداهما من الأسماك الزيتية، مثل السلمون والماكريل والسردين.

كما توصي الهيئة الآباء بمنح الأطفال حصة واحدة على الأقل من الأسماك الزيتية أسبوعيًا، لكنها تحذر من أن الأسماك الزيتية قد تحتوي على مستويات منخفضة من الملوثات التي يمكن أن تتراكم في الجسم، مما يستدعي اتباع إرشادات واضحة:

يجب ألا يتناول الأولاد أكثر من أربع حصص من الأسماك الزيتية أسبوعيًا.
يجب ألا تتناول الفتيات أكثر من حصتين من الأسماك الزيتية أسبوعيًا.

قالت الدكتورة كارولين تايلور، أستاذة التغذية المساعدة في جامعة بريستول: “عندما تتضارب النصائح الغذائية، قد يكون من الصعب على الآباء تحديد الخيار الأفضل لأطفالهم.” وأضافت: “أظهرت أبحاثنا السابقة أن تناول الأسماك خلال فترة الحمل في بريطانيا يمكن أن يكون له تأثير إيجابي على تطور الطفل، وهذه النتائج تتماشى مع دراسات أجريت في بلدان أخرى حيث يكون استهلاك الأسماك أعلى مما هو عليه هنا.”

وأكدت تايلور أن الأدلة التي تربط استهلاك الأسماك بالسلوك الاجتماعي الإيجابي لدى الأطفال واضحة للغاية، مشددةً على ضرورة التزام الأهالي بتقديم حصتين من الأسماك أسبوعيًا لأطفالهم، وفقًا لإرشادات NHS، لما لذلك من تأثيرات إيجابية على نموهم السلوكي والإدراكي.

تمويل الدراسة واستمرار الأبحاث

استندت الدراسة إلى بيانات مشروع “أطفال التسعينيات”، وهو بحث طويل الأمد يتابع نمو العائلات البريطانية وتأثير العوامل البيئية والغذائية على الأطفال.

وقد حصل المشروع مؤخرًا على تمويل بقيمة 5.2 مليون باوند لمواصلة أبحاثه على العائلات في جنوب غرب إنجلترا، حيث ساهم منذ تأسيسه في أوائل التسعينيات في آلاف الدراسات العلمية التي تساعد في فهم العوامل المؤثرة على صحة الأطفال ونموهم.

المصدر غيرنسي برس