خطط حكومية: هل تصبح بيانات المواطنين المورد الاستراتيجي الجديد لبريطانيا؟
تبحث الحكومة البريطانية في إمكانية تحويل البيانات التي يُنتجها المواطنون إلى مورد وطني استراتيجي، في إطار جهودها لتعزيز مكانة المملكة المتحدة في مجال الذكاء الاصطناعي. وتأتي هذه الخطط في وقت تتزايد فيه الدعوات إلى إنشاء صندوق سيادي يتولى إدارة هذه البيانات واستثمارها، بما يخدم الصالح العام ويوفر عائدات مالية تُوجَّه إلى قطاعات حيوية، مثل الصحة والبنية التحتية الرقمية.
ويستند هذا التوجه إلى تقرير أعدّه رجل الأعمال مات كليفورد، بتكليف من الحكومة، ضمن إطار “خطة العمل لفرص الذكاء الاصطناعي”، والتي تضمنت 50 توصية تهدف إلى إتاحة بيانات القطاع العام لتدريب أنظمة الذكاء الاصطناعي. وقد أعلنت الحكومة موافقتها على جميع التوصيات.
وقال وزير الابتكار، بيتر كايل، إن فتح البيانات المملوكة للدولة أمام مشاريع الذكاء الاصطناعي من شأنه أن يمنح بريطانيا ميزة تنافسية عالمية، معتبرًا ذلك فرصة تاريخية لترسيخ موقع المملكة المتحدة كمركز رائد في هذا المجال.
صندوق سيادي لحوكمة البيانات العامة
من أبرز المقترحات المطروحة، دعوة باحثين من جامعة برونيل في لندن إلى إنشاء “صندوق بيانات” يتولى الإشراف على “المكتبة الوطنية للبيانات” (NDL)، التي تعتزم الحكومة إطلاقها. ويهدف هذا الصندوق إلى تنظيم استخدام البيانات الناتجة عن المواطنين – مثل بيانات الصحة والتعليم والمجالس المحلية – وتوفيرها للقطاع الخاص ضمن إطار قانوني وأخلاقي صارم.
ويؤكد الخبراء أن هذا النموذج من شأنه أن يضمن توزيعًا عادلًا للعوائد الاقتصادية الناتجة عن استثمار البيانات، وتحويل الذكاء الاصطناعي من أداة عامة إلى محرك تنموي يخدم المصلحة العامة، من خلال تمويل مشاريع الرعاية الصحية، وتعزيز الشمول الرقمي، وخلق فرص عمل، وتحقيق العدالة الاجتماعية.
فجوة في العدالة الرقمية
رغم القيمة الاقتصادية الكبيرة للبيانات التي يُنتجها المواطنون، فإن الشركات التقنية الكبرى تظل المستفيد الأكبر منها، إذ تستخدمها في تحليل سلوك المستخدمين وتوجيه الإعلانات، دون أن تعود هذه الفوائد على المواطنين أنفسهم.
ويحذر التقرير من أن العديد من المواطنين يوافقون، دون إدراك كافٍ، على شروط استخدام تتيح للشركات امتلاك بياناتهم بالكامل تقريبًا، ما يعزز نماذج اقتصادية غير عادلة، ويقصي الدولة عن الاستفادة من هذا المورد الوطني.
مخاوف أخلاقية
يشدد التقرير على أن نجاح أي مبادرة حكومية في هذا المجال مرهون ببناء ثقة عامة راسخة، من خلال اعتماد آليات رقابية شفافة ومستقلة، ووضع ضوابط قانونية صارمة تمنع إساءة استخدام البيانات.
ويقترح الباحثون تشكيل مجلس إشراف مستقل يضم مختصين في الاقتصاد، والتقنية، والأخلاقيات، والمجتمع المدني، لضمان إدارة صندوق البيانات بما يتماشى مع المصلحة العامة ويعزز الحوكمة الرشيدة.
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
18°C
