العرب في بريطانيا | خطة لبناء مساكن على أراضي الحزام الأخضر في لندن

1446 ذو القعدة 17 | 15 مايو 2025

خطة لبناء مساكن على أراضي الحزام الأخضر في لندن

لندن
شروق طه May 10, 2025

في خطوة مفاجئة تمثل تحولًا جذريًا في سياسات التنمية العمرانية، أعلن عمدة لندن، السير صادق خان، عن عزمه استكشاف إمكانية السماح بالبناء على أجزاء من الحزام الأخضر المحيط بالعاصمة البريطانية، في محاولة حثيثة لمواجهة أزمة الإسكان المتفاقمة التي تعاني منها المدينة.

ويأتي هذا الإعلان في ظل تصاعد الضغوط السكانية وارتفاع أسعار الإيجارات، حيث يرى خان أن القواعد الحالية التي تمنع تطوير أراضي الحزام الأخضر أصبحت “خاطئة، وقديمة، وغير قابلة للاستمرار”، على حد تعبيره. 

وأوضح أن النهج الجديد الذي تعتزم بلدية لندن اعتماده يشمل دراسة إمكانية الإفراج عن مساحات محددة من هذه الأراضي للبناء، شريطة تلبية شروط تتعلق بالإسكان الميسور التكلفة، وكفاءة الطاقة، والبنية التحتية للنقل، وسهولة الوصول إلى المساحات الخضراء.

تراجع عن الوعود أم استجابة لأزمة ملحّة؟

الخطوة قوبلت بانتقادات شديدة من حزب المحافظين في لندن، الذين وصفوا القرار بأنه “خيانة كاملة” للوعود السابقة التي قدمها خان خلال فترات ولايته، حيث تعهد مرارًا بحماية الحزام الأخضر من التطوير العمراني. 

وقال أندرو بوف، ممثل حزب المحافظين في بلدية لندن: “لقد وقف العمدة مرارًا أمام الجمعية العمومية وأعطى وعودًا صريحة بحماية الحزام الأخضر”.

وفي السياق ذاته، حذر النائب المحافظ ديفيد سيموندز، عضو البرلمان عن دائرة رايسليب، نورثوود وبينر، من أن فتح الباب للبناء على الحزام الأخضر سيكون قراراً لا يمكن التراجع عنه. 

وأضاف: “على العمدة التركيز على تفعيل المشاريع التي حصلت بالفعل على تصاريح بناء بدلًا من التفريط في أصول طبيعية ثمينة، لأن ما يُفقد من الحزام الأخضر لن يُستعاد”.

خلفية الأزمة وضغوط السوق

وفي خطاب ألقاه في منطقة غرينتش جنوب شرق لندن، أوضح صادق خان أن هذه الخطوة جاءت كرد فعل على جملة من التحديات التي ساهمت في تفاقم أزمة السكن، من بينها ارتفاع معدلات الفائدة على القروض العقارية، وتداعيات خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي (البريكست)، إلى جانب الارتفاع الكبير في تكاليف البناء.

ويشير تقرير صادر عن مكتب الإحصاءات الوطنية (ONS) إلى أن سكان العاصمة من المستأجرين شهدوا زيادة في الإيجارات بنسبة 11% خلال العام الماضي، بينما يُقدَّر أن نحو 183 ألف شخص في لندن يعيشون في مساكن مؤقتة، كالفنادق والنُزل، في ظل عجز متزايد في تلبية الطلب على المساكن الدائمة.

من جهتها، أعلنت بلدية لندن أن المدينة تحتاج إلى نحو 88 ألف وحدة سكنية جديدة سنويًا على مدى العقد المقبل، لمجاراة الطلب المتزايد. 

تغيير في السياسات والبحث عن حلول وسطية

وأوضح خان أن بلدية لندن ستواصل العمل مع الحكومة لتسريع مشاريع البناء على أراضي البنية التحتية السابقة أو “الأراضي البنية” (brownfield)، لكنه حذر في الوقت ذاته من أن هذا المسار وحده لن يكون كافياً. 

وأضاف: “الموقف الجديد لبلدية لندن هو استكشاف إمكانية تحرير بعض أراضي الحزام الأخضر من أجل التطوير، بشرط أن يكون ذلك في مناطق محددة بعناية وبشكل مستدام”.

وأشار إلى أن ما يقرب من 87% من أراضي الحزام الأخضر في لندن غير متاحة للجمهور، وتُعد منخفضة الجودة من حيث الاستخدام. وقال: “حين ننظر إلى جودة هذه الأراضي وحجم الأزمة التي نواجهها، فإن الاستمرار في الوضع الراهن أمر غير مبرر. التطوير المدروس في أجزاء محددة من الحزام الأخضر يمكن أن يوفّر مئات الآلاف من الوحدات السكنية التي نحتاجها بشدة”.

كما حذر العمدة من أن بلدية لندن لن تتردد في التدخل إذا لم تسرّع المجالس المحلية في البت بطلبات البناء، مما يُعد مؤشراً على أن خان يعتزم اتخاذ خطوات حاسمة لكسر الجمود في خطط التطوير العمراني.

تأييد مشروط من الحكومة والمجتمع المحلي

من جهتها، رحّبت الحكومة البريطانية بالمبادرة، حيث وصفتها نائبة رئيس الوزراء، أنجيلا راينر، بأنها “اقتراح جريء” يتناسب مع التحديات التي تواجهها لندن على صعيد الإسكان. كما أيدت كلير هولاند، رئيسة مجلس لامبث ورئيسة مجموعة مجالس لندن، الخطة، مشيرة إلى “الحاجة الماسّة لبناء منازل جديدة، خاصة تلك الميسورة التكلفة”.

أما بن توومي، الرئيس التنفيذي لمنظمة (Generation Rent)، فقد اعتبر أن خطوة العمدة مبررة، في ظل ما وصفه بـ”تكاليف السكن التي تدفع بكثير من الناس إلى حافة الفقر أو التشرد”.

معارضة المجتمع المدني والمخاوف البيئية

لكن الخطط لم تسلم من المعارضة المجتمعية، لا سيما في منطقة إينفيلد شمال لندن، حيث تخطط السلطات المحلية لتطوير مشروع سكني كبير يضم نحو 3,700 منزل في موقع ريفي يُعرف باسم “مزرعة فيكاراج”. 

وقد قادت الناشطة المحلية كارول فيسك حملة ضد المشروع، متهمة العمدة بـ”السعي للنمو الاقتصادي بأي ثمن”، وأعربت عن خيبة أملها من “التحول الحاد في سياسات شخص لطالما دافع عن الحزام الأخضر”، حسب قولها.

وفي حديثها إلى إذاعة بي بي سي لندن، قالت فيسك: “الحزام الأخضر ليس هو المشكلة. لدينا آلاف التصاريح غير المستغلة، ومساحات شاسعة من الأراضي البنية التي لم تُمس بعد”. وأشارت إلى أن فرض قيود على الإيجارات وإجراء إصلاحات تشريعية في قطاع الإيجار الخاص سيكونان أكثر نجاعة في حل الأزمة.

من جانبها، أعربت جمعية حماية الريف البريطاني (CPRE) عن معارضتها الشديدة للخطة، مشيرة إلى وجود أكثر من 300 ألف تصريح بناء في لندن لم يٌنفَذ حتى الآن، وهو ما يعكس، بحسبها، أن المشكلة لا تكمن في شح الأراضي بل في ضعف التنفيذ والتخطيط.

المصدر: بي بي سي


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
11:04 pm, May 15, 2025
temperature icon 12°C
broken clouds
Humidity 76 %
Pressure 1026 mb
Wind 3 mph
Wind Gust Wind Gust: 7 mph
Clouds Clouds: 75%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 5:08 am
Sunset Sunset: 8:45 pm