حين وضع لحم خنزير في عربتي… أدركت مدى انتشار الإسلاموفوبيا في بريطانيا
في ظهيرة عادية هذا الصيف، بينما كنتُ أسير في شارع تشاتهام هاي ستريت، وجدت نفسي ضحية حادثة إسلاموفوبيا.
كنت أقضي بعض المهام عندما مرّت مجموعة من الأطفال، لا تتجاوز أعمارهم العاشرة، وصاح أحدهم: «هل تُخفين قنبلة تحت غطاء رأسك؟».
أصابتني الدهشة من عنصريتهم الصريحة الوقحة— ومع ذلك، لم أفعل شيئًا ولم أقل كلمة دفاعًا عن نفسي.
جزء من السبب أنني لم أرغب في منحهم متعة إثارة رد فعلي، لكنني أعرف أيضًا أنه حين تكون المرأة مسلمة بوضوح، فإن أي رد قد يكون محفوفًا بالمخاطر. لذا واصلت يومي كأن شيئًا لم يحدث.
لامبالاة المارة وتطبيع الإهانة

كان الناس من حولي يواصلون سيرهم بلا اكتراث. تساءلت: هل وصلنا إلى مرحلة أصبح فيها الناس غير مبالين بمثل هذه الإساءات؟
هذه ليست المرة الأولى التي أسمع فيها مثل هذا الكلام — للأسف، هو جزء من الحياة اليومية للنساء المسلمات في بريطانيا — لكنني أخشى أن هذه الإهانات باتت أكثر وضوحًا وجرأة.
لهذا السبب، ومع اقتراب نهاية شهر التوعية بالإسلاموفوبيا، أحث الناس على ألا يقفوا صامتين أمام إساءات عنصرية كهذه.
عندما لا يفعل الناس شيئًا، يصبح هذا السلوك أكثر رسوخًا في المجتمع، كأنه موافقة ضمنية تضمن انتقاله من جيل إلى جيل.
بدلًا من ذلك، علينا أن نواجهه. أن نقف إلى جانب من يتعرض للهجوم.
بيئة تسمح للضحايا بالكلام دون خوف
نحتاج إلى بيئة يشعر فيها الأفراد بأنهم قادرون على الحديث عندما يكونون ضحايا للعنصرية، من دون أن يشعروا بأنهم يخاطرون بسلامتهم الشخصية.
حتى لا يضطروا لتحمّلها بصمت، كما فعلتُ أنا في ذلك اليوم. وحتى نصل إلى وقت تُرى فيه هذه العقلية على حقيقتها: جاهلة وغير مقبولة.
شهر التوعية بالإسلاموفوبيا

يقام شهر التوعية بالإسلاموفوبيا كل تشرين الثاني/نوفمبر في المملكة المتحدة، وهو حملة وطنية تهدف إلى رفع الوعي والاحتفاء بإسهامات المجتمع المسلم البريطاني.
تشمل الحملة فعاليات متنوعة: نقاشات ومحاضرات ومعارض، كلها لتثقيف الناس حول الإسلاموفوبيا وآثارها.
وتحظى بدعم من منظمات مثل «مِند» (Muslim Engagement and Development-MEND)، التي تلعب دورًا نشطًا في تنظيم الحملة.
أول مواجهة مع العنصرية… في سن الثامنة
الإسلاموفوبيا متجذرة في شكل من أشكال العنصرية التي تستهدف مظاهر الانتماء الإسلامي أو حتى مجرد تصوّرها. وبالنسبة لي، كانت أول مواجهة معها عندما كنت في الثامنة.
كنت أقف بجانب والدتي، وقد غطّت رأسها بالساري، في طابور السوبرماركت، عندما أخرجت موظفة الخزينة علبة نقانق لحم خنزير من سلتنا. لم نفهم كيف وُضعت بين مشترياتنا — فنحن لا نأكل لحم الخنزير، وموظفو المتجر يعرفون ذلك.
ثم اقتربت موظفة أخرى كانت ترتّب الرفوف، وبدأتا تضحكان وهما تنظران إلينا. لم يكن ذلك خطأ. كان رسالة. عاملة المتجر وضعتها عمدًا.
الإدراك المؤلم لموقع “الآخر”
أدركنا أننا غير مرحَّب بنا، وأنهم أرادوا أن نشعر بذلك. ومع فهمي أننا نُرى كـ«آخر»، أصبحت العنصرية أكثر وضوحًا.
كنت في الرابعة عشرة، في الفترة التي سمحت فيها مارغريت تاتشر للطائرات الأمريكية باستخدام الأجواء البريطانية لقصف ليبيا ردًا على مقتل جنديين أمريكيين، عندما أغلق سائق حافلة الباب في وجهي وقال: «عودي إلى ليبيا».
قلت له تلقائيًا: «لستُ من ليبيا». لم يُغيّر ذلك شيئًا.
ابتعدت الحافلة، وصاح شخص آخر: «اركلوها بقنبلة» — عبارة لا معنى لها أصلًا.
شتائم في قطار لندن… وصمت الركاب
وفي مرة أخرى، كنت جالسة أمام شابين في قطار بلندن يتحدثان — بصوت مسموع — عن «الإسلاميين اللعينين».
أحدهما قال: «إنهم يسيطرون»، وهو ينظر مباشرة إلى حجابي. أردت الرد، لكنني لزمت الصمت. الأسوأ أن أحدًا لم يتدخل. لم يدافع عني أحد.
عندما تصبح المرأة المسلمة “موضوعًا للنقاش”

هناك نمط واضح: تزداد الإساءات في اللحظات التي يجري فيها التعامل مع النساء المسلمات كموضوع للنقاش العام.
وبحسب بيانات 2024 في إنجلترا وويلز، 45% من جرائم الكراهية الدينية كانت موجّهة للمسلمين، و85% من المستهدفين نساء في الأماكن العامة: القطارات، المتاجر، الجامعات. ولا أرى هذه الأرقام تتحسن قريبًا.
ابنتي، التي تعمل في هيئة الخدمات الصحية الوطنية (NHS)، تواجه باستمرار أشخاصًا لا يخفون تحيزهم. وغالبًا ما تخبرني كيف ينظر إليها بعض المرضى، يبتسمون بسخرية، ثم يطلبون التحدث مع شخص آخر.
وابنة أختي روت لي كيف قالت زميلة لها إنها «ليست مسلمة حقًا» لتخفيف الضغط عنها، فردّت بثبات: «لكنني مسلمة». شعرت بالفخر، وبالإحباط أيضًا لأن صديقتها رأت هويتها شيئًا يجب إخفاؤه.
بريطانيا مختلفة… وعَلم فقد رمزيته الجامعة
تعمّقت الصورة لدي الصيف الماضي عندما عدت من رحلة إلى بنغلاديش.
شعرت أنني عدت إلى بريطانيا مختلفة تمامًا. احتجاجات اليمين المتطرف تنتشر، والشوارع ترفرف فيها أعلام الاتحاد وصليب القديس جورج. كان مؤلمًا أن أرى رمزًا للوحدة يتحول إلى إشارة عداء يغلي منذ سنوات. واضطرت والدتي — وهي امرأة لا تفعل ذلك عادة — إلى الإمساك بيدي بقوة خوفًا.
وبينما نسير تحت صفوف الأعلام، ذكّرتها بلطف: «إنه علمنا نحن أيضًا». لكن من السهل نسيان ذلك أحيانًا.
عندما تأتي الإساءة من الأطفال… تصبح الصدمة أكبر

لم أخبر أحدًا بما حدث في تشاتهام هاي ستريت. لا أهلي ولا أصدقائي. لكن الكلمات أثرت فيّ، والأثر الأكبر جاء من «مَن» قالها.
أن يكونوا أطفالًا كان الأمر الأكثر إحباطًا.
لهذا يهمّ شهر التوعية بالإسلاموفوبيا: لأن استمرار هذه الأيديولوجيا العنصرية أمر غير مقبول، ولأن لنا جميعًا دورًا في مواجهتها.
دور المؤسسات في وقف التطبيع
التغيير ليس مسؤولية الأفراد وحدهم.
على الإعلام أن يتوقف عن تصوير الانتماء الإسلامي كاختصار للخطر. وعلى المدارس التعامل مع الإسلاموفوبيا بالجدية نفسها التي تتعامل بها مع أي شكل من أشكال التنمر.
إن استمرار تجاهل الغرباء الذين يصرخون بالإهانات، وسماح المؤسسات بالتجاهل، يرسل الرسالة ذاتها دائمًا: «وجودكم مشكلة»، بينما الحقيقة أنه ليس كذلك على الإطلاق.
المصدر: صحيفة مترو
اقرأ أيضاً
الرابط المختصر هنا ⬇
