حزب العمال ينشئ هيئة جديدة كل أسبوع منذ فوزه بالانتخابات.. ما معنى ذلك؟

كشفت صحيفة “ديلي ميل” أن حكومة حزب العمال في بريطانيا تنشئ هيئة شبه حكومية أو لجنة استشارية جديدة كل أسبوع منذ فوزها في الانتخابات، ما يثير مخاوف من تصاعد البيروقراطية وتأثيرها المحتمل على النمو الاقتصادي، في وقت يشهد فيه الاقتصاد البريطاني ركودًا منذ تولّي الحزب مقاليد الحكم وإعلانه زيادات ضريبية بقيمة 40 مليار باوند.

وبحسب التحليل الذي أجرته الصحيفة، فقد أُنشئت 25 هيئة مستقلة أو مجالس عمل ولجان خبراء منذ الانتخابات، ما يعزز التساؤلات حول مدى فاعلية هذه الكيانات وأثرها على السياسة العامة في البلاد. وتأتي هذه الأنباء بعدما جرى الكشف الشهر الماضي عن إصدار الوزراء 67 مراجعة واستشارة رسمية في الأشهر الخمسة الأولى لولاية حزب العمال.

هواجس بيروقراطية ومخاوف من تبديد الموارد

ويقول ريتشارد هولدن، الرئيس السابق لحزب المحافظين: “إنها قصة تتكرر دائمًا: ينشئ حزب العمال كيانًا جديدًا لتكرار العمل نفسه القائم في القطاع العام، والنتيجة المعهودة مزيد من البيروقراطية واللوائح وضرائب أعلى تلقى على كاهل العاملين”.

من جهته، حذّر وزير الأعمال السابق، السير جاكوب ريس-موغ، مما وصفه بـ”اجتياح الهيئات المستقلة”، مشددًا على ضرورة إعادة السلطة إلى الوزراء المنتخبين، لا سيما أن تلك الهيئات لا تخضع للمساءلة السياسية بالقدر نفسه الذي يخضع له الوزراء. ورأى أن “حزب العمال يميل إلى الإدارة عبر أصدقاء ومستشارين، بعيدًا عن رقابة البرلمان والرأي العام”.

“الحكم عبر أصدقاء الحزب”

وتبرز من بين أحدث المؤسسات التي أُنشئت أربعة كيانات ترتبط بملف الطاقة والبيئة، إذ يشرف وزير الطاقة إد ميليباند على تنفيذ خططه المتعلقة بإزالة الكربون من شبكة الكهرباء بحلول عام 2030. وتشمل هذه الهيئات “مشغل نظام الطاقة الوطني” و”قوة مهام الطاقة الشمسية” (Solar Taskforce)، إلى جانب “مركز التحكم بالمهمة” (Mission Control) المعني بخطة الطاقة النظيفة.

وتؤكد الصحيفة أن بعض الهيئات الجديدة تبدو امتدادًا أو تكرارًا لهيئات أخرى. فمثلاً، قامت الحكومة بإنشاء “قيادة أمن الحدود” (Border Security Command) فور فوزها، رغم وجود “قيادة عمليات القوارب الصغيرة” (Small Boats Operational Command) سابقًا بمهام مشابهة. كما تبدو هيئة “مكتب الابتكار التنظيمي” (Regulatory Innovation Office) قريبة في مهامها من “مجلس آفاق التنظيم” (Regulatory Horizons Council).

قلق دافعي الضرائب وغياب المساءلة

وفيما يتساءل جون أوكونيل، الرئيس التنفيذي لـ”تحالف دافعي الضرائب”، عمّن يدير البلاد فعليًا في ظل هذا العدد الكبير من الهيئات غير المنتخبة، يشير إلى أن من أسّسوا هذه الكيانات يبدون الآن عاجزين أمام تعقيدها وبيروقراطيتها.

وأكد أوكونيل أن وزراء حزب العمال قد يجدون أنفسهم في نهاية المطاف مكبَّلين بقواعد وهيئات قد تعمل أحيانًا ضدهم. ورغم غياب تعليقٍ رسميٍّ من مكتب رئيس الوزراء، ردّ رئيس الحكومة في وقت سابق بأنه “يجب على أي مؤسسة حكومية أن تفهم أولًا حجم المشكلات قبل أن تتعامل معها”.

وبينما يستمر الجدل حول مدى جدوى هذه الهيئات المستقلة، وما إن كانت تسهم فعلًا في حلحلة المشكلات أم تخلق بيروقراطية إضافية، يبقى التساؤل الأهم: هل سينعكس هذا التوسع المؤسسي بالفائدة على البريطانيين، أم سيؤدي إلى مزيد من التعقيدات والإنفاق العام؟