حكومة ستارمر ضللت البرلمان بشأن التوقف عن تصدير السلاح لإسرائيل

كشف تقرير دامغ صدر اليوم عن منظمات حقوقية ونقابية بريطانية ودولية، حجمًا غير مسبوق لصادرات الأسلحة البريطانية إلى إسرائيل، رغم إعلان الحكومة تعليق عدد من تراخيص التصدير بعد بدء العدوان على غزة. ويشير التقرير إلى أن وزير الخارجية ديفيد لامي وعددًا من الوزراء قدّموا معلومات “مضللة” للبرلمان والرأي العام بشأن طبيعة الشحنات المرسلة إلى تل أبيب.

التقرير، الذي أعدته كل من حركة الشباب الفلسطيني، وعمال من أجل فلسطين حرّة، والحركة التقدمية العالمية، استند إلى بيانات جمركية صادرة عن سلطة الضرائب الإسرائيلية إلى جانب معلومات رسمية من وحدة الرقابة على الصادرات البريطانية. ويكشف التقرير عن حجم ودقة الشحنات العسكرية المرسلة من بريطانيا إلى إسرائيل بين أكتوبر 2023 ومارس 2025، ما يقوّض الرواية الرسمية التي روّج لها وزراء الحكومة في مجلس العموم.

هذا ويأتي التقدرير قبل أيام من نظر المحكمة العليا البريطانية في دعوى قضائية تطعن في شرعية استمرار تصدير السلاح إلى إسرائيل.

تصريحات “مضللة” وواقع مغاير

كان وزير الخارجية ديفيد لامي قد أكد أمام مجلس العموم أن غالبية ما ترسله بريطانيا إلى إسرائيل “معدات دفاعية” من قبيل الخوذات والنظارات الواقية، إلا أن التقرير يكشف أن الواقع أكثر خطورة، إذ تم تصدير آلاف الأصناف المصنفة ضمن “الذخائر والأسلحة” في التصنيف الرسمي.

ويوضح التقرير أن الحكومة البريطانية أرسلت 8630 شحنة من الذخائر الحربية بعد إعلانها تعليق نحو 30 رخصة تصدير في سبتمبر 2024، تشمل صواريخ وألغامًا وقذائف ومتفجرات، بالإضافة إلى أجزاء لطائرات F-35 المقاتلة، رغم إعلان رسمي سابق بوقف تصدير هذه الأجزاء.

وتؤكد المنظمات الموقعة على التقرير أن نمط الشحنات الجوية والبحرية لم يتغير، وأن الإمدادات لا تزال مستمرة حتى اللحظة، في مخالفة واضحة لما صرّح به الوزراء تحت قبة البرلمان.

شحنات ضخمة من الذخيرة والمعدات القتالية

أوضح التقرير أن إسرائيل تلقّت ما لا يقل عن 14 شحنة عسكرية بريطانية، شملت:

• ملحوظة: صدرت غالبية هذه الشحنات بعد إعلان الحظر في سبتمبر 2024، ما يزيد من خطورة الانتهاك المحتمل للقانون الدولي.

مكونات أسلحة خفيفة

كما سجل التقرير شحنات تتعلق بأجزاء من مسدسات وبنادق:

استمرار شحن مكونات الطائرات دون انقطاع

رغم تعليق التراخيص التي اعتبرتها الحكومة عالية المخاطر، لم تُسجّل أي انخفاضات في شحنات قطع غيار الطائرات، بل أشارت الإحصاءات إلى زيادة طفيفة.

شحنات F-35 عبر خدمة الشحن السريع

رغم إعلان الحكومة حظر الشحنات المباشرة لأجزاء طائرات F-35، كشف التقرير أن الشحنات لم تتوقف، بل استمرت عبر شركات الشحن السريع بطرق غير مباشرة.

• ملاحظة: الشحنات مستمرة حتى مارس 2025، ما ينفي بشكل قاطع التزام الحكومة بتجميد التصدير المباشر لهذه المكونات.

خطر قانوني ودولي داهم

ويحذّر التقرير من أن بريطانيا باتت “معرّضة بوضوح” لانتهاك القانون الدولي، خصوصًا في ظل رأي محكمة العدل الدولية الصادر في يوليو 2024، والذي شدّد على التزامات الدول بعدم تقديم دعم مادي أو عسكري لدولة ترتكب جرائم حرب أو إبادة جماعية.

الخبير القانوني بيت ويذربي KC من غاردن كورت تشامبرز أشار إلى أن الاستمرار في تصدير أجزاء الطائرات والأسلحة “قد يرتّب مسؤولية جنائية مباشرة على مسؤولين بريطانيين، إضافة إلى مسؤولية الدولة بموجب اتفاقية الإبادة الجماعية”.

ودعا ويذربي الحكومة البريطانية إلى “رفع الغطاء عن كل صادرات السلاح لإسرائيل، وفرض حظر شامل يشمل المعدات المزدوجة الاستخدام، وكل ما يمكن استعماله في قمع الشعب الفلسطيني أو تعميق الاحتلال”.

غضب برلماني ومعارضة سياسية

التقرير فجّر ردود فعل غاضبة داخل البرلمان، حيث قالت النائبة العمالية زارا سلطانة إن “الحكومة لم تكتف بالكذب على البرلمان، بل جعلت من بريطانيا شريكة فعلية في جرائم الحرب”. وطالبت سلطانة وزير الخارجية بتقديم توضيحات عاجلة، ودعت زعيم حزب العمال كير ستارمر إلى فتح تحقيق مستقل في احتمال انتهاك “مدونة السلوك الوزاري”.

أما النائب البارز جون ماكدونيل، فصرّح بأن “تضليل البرلمان في قضية بهذا الحجم هو أمر يستوجب الاستقالة، بل قد يرقى إلى شبهة التواطؤ في جرائم حرب”.

وفي السياق ذاته، قال الزعيم السابق لحزب العمال جيريمي كوربين: “ربما يفسر هذا التقرير سبب صمت الحكومة أمام مطالبنا المتكررة بفتح تحقيق عام في دور بريطانيا في العدوان الإسرائيلي على غزة… لقد آن الأوان لكشف الحقيقة كاملة أمام الشعب البريطاني”.

تعبئة شعبية واحتجاجات مرتقبة

دعت المنظمات الموقعة على التقرير إلى وقفة احتجاجية حاشدة في وسط لندن مساء الجمعة 9 مايو عند الساعة 6 مساءً، للمطالبة بوقف كافة صادرات السلاح إلى إسرائيل. وأكدت حركة “عمال من أجل فلسطين حرة” أن العمال يمتلكون القدرة على تعطيل سلاسل التوريد الحربية، مشيدة بتحركات مماثلة في فرنسا والمغرب.

من جهتها، قالت حركة الشباب الفلسطيني: “هذا التقرير يؤكد ما كنا نعلمه: بريطانيا شريكة في الإبادة التي يتعرض لها شعبنا. وبينما تواصل الحكومة تصدير أدوات القتل، تظهر استطلاعات الرأي أن الرأي العام البريطاني يقف إلى جانب غزة… وسنواصل الضغط والتصعيد حتى يُفرض حظر شعبي على السلاح”.

المحكمة العليا على المحك

يأتي هذه التقرير قبل أيام من مثول الحكومة أمام المحكمة العليا البريطانية في 12 مايو، في قضية قد تكون مفصلية في تحديد حدود الدعم العسكري المسموح به لدول تنتهك القانون الدولي.

ومن المرجّح أن تُستخدم هذه الأدلة كجزء من دفوع مقدّمي الدعوى، ما يضع الحكومة تحت ضغط متصاعد داخليًا وقانونيًا وسياسيًا.

اقرأ أيضًا:

• بريطانيا تتسلم ملفًا بشأن جرائم حرب ارتكبتها قوات الدعم السريع في السودان
• احتجاجات أمام السفارة الإسرائيلية في لندن تنديدًا بالغارات على سوريا
• مرشحون مؤيدون لغزة يفوزون في الانتخابات المحلية.. واليمين يشن حملة ضدهم