تخفيضات مرتقبة في إعانات الإعاقة تهدد 700 ألف أسرة في بريطانيا

كشفت وثائق حكومية داخلية حصلت عليها صحيفة الغارديان، أن الخطط الحكومية الجديدة الرامية إلى خفض إعانات الإعاقة قد تؤدي إلى تضرر نحو 700 ألف أسرة تعيش أصلًا تحت خط الفقر في المملكة المتحدة، في خطوة وصفتها منظمات حقوقية بـ”الصادمة” والتي من شأنها تعميق معاناة الفئات الأكثر هشاشة وإبعادها عن سوق العمل.
البيانات، التي كُشف عنها بموجب قانون حرية المعلومات، جاءت مكملة لتقديرات حكومية نُشرت في شهر مارس الماضي، توقّعت أن تدفع التخفيضات الجديدة 250 ألف شخص إضافي تحت خط الفقر. وتُظهر التقديرات الرسمية أن 3.2 مليون أسرة في بريطانيا ستتأثر بهذه الإجراءات بحلول عام 2029/2030، أي بعد ثلاث سنوات تقريبًا من دخولها حيّز التنفيذ، من بينها 700 ألف أسرة مصنفة أصلًا كفقيرة عند احتساب تكاليف السكن.
تعديلات صارمة على إعانات Pip

في قلب هذه الخطط الحكومية، تبرز التعديلات المزمع إقرارها على برنامج “المدفوعات المستقلة الشخصية” (Pip)، وهو مخصّص لدعم ذوي الإعاقة بغضّ النظر عن كونهم عاملين أم لا. وتشير التقديرات إلى أن نحو 3 ملايين شخص سيطالهم التأثير المباشر لهذه التعديلات، التي تشمل إدخال معايير تقييم أكثر تشددًا.
وتقضي التعديلات الجديدة بحرمان كل متقدّم لا يحصل على أربع نقاط على الأقل ضمن إحدى فئات “الأنشطة اليومية” من مخصصات الإعانة. وتشمل هذه الفئات حالات مثل عدم القدرة على غسل الجزء السفلي من الجسم. ورغم أن هذه التغييرات لن تطبق فورًا على المستفيدين الحاليين، فإنها ستؤثر على من سيعيدون التقديم أو يُعاد تقييمهم بعد سريان القواعد الجديدة، إضافة إلى جميع المتقدمين الجدد.
تتزايد موجات الاعتراض داخل أوساط حزب العمال قبيل التصويت المرتقب في البرلمان الشهر المقبل. ويرى بعض النواب أن هذه التعديلات قد تتحول إلى “ضريبة سياسية” قد تلاحق رئيس الحزب كير ستارمر، في وقت يأمل فيه بإعادة رسم صورة الحزب كبديل حاكم موثوق.
وقال مارك هاريسون، عن مجموعة “ذوو الإعاقة ضد التخفيضات”، إن “دفع الأشخاص ذوي الإعاقة، ممن يعيشون أصلًا في الفقر، إلى مزيد من الغرق والعزلة عن سوق العمل هو أمر لا يُمكن تصديقه”. وأضاف: “الخوف الذي تخلقه هذه التخفيضات لا يُستهان به. رايتشل ريفز وليز كيندال تكرّران سياسات شيطنة ذوي الإعاقة نفسها التي انتهجها ديفيد كاميرون وجورج أوزبورن قبل عقد من الزمن. هذا ليس فقط قرارًا سيئًا، بل سياسة رديئة بكل المقاييس. يجب عليهما أن يخجلا من نفسيهما”.
وحذر من أن المضي في هذه الإجراءات قد يتحول إلى أزمة سياسية تعصف بقيادة ستارمر، قائلاً: “إذا لم تُسحب هذه التعديلات، فستتحول إلى ضريبة ستارمر الخاصة، وستكون بداية نهايته”.
إغفال آثار التخفيضات على خدمات الرعاية

لا تشمل التقديرات الحكومية المعلنة أثر التخفيضات على إعانات مقدّمي الرعاية، والتي سيُحرَم منها كل من يتولى رعاية أشخاص لم يعودوا مؤهلين للحصول على إعانات Pip. كما لم تُحتسب بعد آثار استثمار حكومي بقيمة مليار باوند في برامج دعم توظيف ذوي الإعاقة، لغياب التقديرات الخاصة بعدد المستفيدين المحتملين من هذه البرامج، في انتظار صدور توقعات مكتب المسؤولية الميزانية بعد التصويت البرلماني.
في المقابل، تتجه الحكومة إلى تجميد المنحة الصحية المرتبطة بإعانة “يونيفرسال كريديت” تحت معدل التضخم، في حين يُخفض مبلغها إلى النصف تقريبًا للمتقدّمين الجدد.
قالت كايتي شمويكر، المستشارة الرئيسية للسياسات في مؤسسة جوزيف راونتري: “أن تكون شخصًا ذا إعاقة في بريطانيا يعني أنك أصلًا في دائرة الفقر، وهذه التعديلات ستدفع بعدد أكبر من الناس إلى الاعتماد على بنوك الطعام لعجزهم عن شراء الضروريات الأساسية مثل الغذاء”.
وأضافت: “إذا كانت الحكومة جادة في إنهاء وصمة الفقر المرتبطة ببنوك الطعام، فعليها أن توقف هذه التخفيضات فورًا”.
وبحسب بيانات الوزارة، فإن القاعدة الجديدة الخاصة بـ”الأربع نقاط” وحدها ستؤثر على 250 ألف أسرة فقيرة بحلول 2030، بينها 50 ألف أسرة لديها أطفال، وستخسر هذه الأسر نحو 4,500 باوند سنويًا كمعدل وسطي.
رغم إعلان الحكومة عن رفع المعدل القياسي لإعانة “يونيفرسال كريديت”، والذي يتوقّع أن تستفيد منه 2.4 مليون أسرة فقيرة، فإن معظم المستفيدين سيكونون من غير ذوي الإعاقة، بمعدل مكاسب يبلغ حوالي 400 باوند سنويًا فوق معدل التضخم.
وقالت سفيتلانا كوتوفا، مديرة الحملات في منظمة إنكلوجن لندن: “هذه الأرقام تعكس مدى الألم الذي تنوي الحكومة فرضه على ذوي الإعاقة. الفقر يكلّف المال، كما ينقل الأعباء إلى مؤسسات أخرى مثل هيئة الصحة الوطنية (NHS)، مما يعني أن التخفيضات المقترحة قد تؤدي في نهاية المطاف إلى تحقيق 2% فقط من وفوراتها المرجوّة”.
رد الحكومة
وفي تعقيب رسمي، قال متحدث باسم الحكومة: “الإصلاحات التي نعتمدها تهدف إلى بناء نظام رعاية مستدام يُخرج الناس من الفقر ويدعمهم في الاندماج الحقيقي في سوق العمل. أكثر من مليوني أسرة تعيش في فقر نسبي ستصبح في وضع أفضل بفضل هذه الخطوات”.
وأضاف: “خصصنا تمويلًا إضافيًا بقيمة مليار باوند لدعم التوظيف، ورفعنا الحد الأدنى الوطني للأجور، وحدثنا الإعانات، كما قدمنا معدل سداد عادل للخصومات المفروضة على إعانات يونيفرسال كريديت، مما يساهم في تخفيف العبء عن أكثر من مليون أسرة”.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇