بعد ثلاث سنوات من وفاة طفلته.. أب مكلوم يطالب بمحاسبة المجلس البلدي

اتهم والد رضيعة توفيت وهي في رعاية والدتها التي كانت تتعاطى المخدرات، سلطات مجلس بلدية سوليهل البريطانية بالتقصير الجسيم، مشيرًا إلى أن وفاة ابنته “فرانشيسكا”، البالغة من العمر أربعة أشهر، كانت “حادثًا مأساويًّا قابلًا للتجنّب” لو تلقّت الأسرة المتابعة والرعاية المناسبة من الجهات المختصة.
وفاة غامضة وبيئة غير آمنة
وقعت المأساة في إبريل 2022، حين عُثر على الرضيعة مُلقاة على وجهها، زرقاء اللون وباردة، على مرتبة سرير والدتها. وقد نُقلت إلى المستشفى، لكنها فارقت الحياة لاحقًا. وبيّنت التحقيقات أن والدتها، التي كانت منفصلة عن الأب منذ سبعة أشهر، شربت الكحول وتعاطت الكوكايين في الليلة السابقة للوفاة.
ورغم أن تقرير الطب الشرعي لم يُحدّد سبب الوفاة بدقة، أشار أحد أطباء الأمراض إلى أن البيئة غير الآمنة للنوم ووجود بالغين تحت تأثير المخدرات أو الكحول، تُمثّل عوامل خطورة معروفة لحالات الوفاة المفاجئة لدى الرضع.
وفي تصريح لهيئة الإذاعة البريطانية (BBC)، قال مات بيرسيل، والد الطفلة: إنه لا يزال يشعر بمرارة ما حدث، قائلًا: “حتى اليوم، لم يُقدّم مجلس سوليهل أي اعتذار لي، رغم أن تقريرًا مستقلًّا أشار بوضوح إلى إخفاقهم… لا أحد يقبل تحمُّل المسؤولية، وهذا مخيّب للآمال جدًّا”.
وقد كشف تقرير مستقل كُلّف به “تحالف حماية سوليهل” عن “نقاط ضعف كبيرة” في تعامل السلطات مع وضع الأسرة، وبخاصة بعد أن أبلغ الأب عن مخاوفه من تعاطي الأم للمخدرات. وأشار التقرير إلى تأخّر المجلس في تعيين مختص اجتماعي حتى فبراير 2022، وعدم مباشرة الحالة إلا في مارس، أي قبل شهر واحد فقط من وفاة الرضيعة.
كما انتقد التقرير بطء الاستجابة، وسوء التنسيق بين الجهات المختلفة، وغياب الإشراف المناسب بسبب الإجازات. ولم يوثِّق العاملون في القضية أي مخاوف بشأن تعاطي الأم للمخدرات.
نظام خدمات الأطفال في سوليهل تحت المجهر
وتأتي هذه القضية ضمن سلسلة من الإخفاقات التي طالت خدمات حماية الطفل في سوليهل، والتي خضعت لتدقيق مكثّف منذ مقتل الطفل آرثر لابينجو-هيوز (6 سنوات) عام 2020، في جريمة أثارت غضبًا وطنيًّا عارمًا.
ورغم أن تقارير أوفستد الحديثة تُشير إلى “تحسّن تدريجي” منذ التقييم السلبي الصادر في نوفمبر 2022، يقول بيرسيل: إن “المعايير لا تزال في الحضيض”، محذّرًا من أن أطفالًا آخرين ما زالوا عرضة للخطر.
وفي إطار محاولاتها للإصلاح، أنشأت السلطات ثلاث دور رعاية جديدة للأطفال بتمويل حكومي بلغ 1.5 مليون باوند. غير أن تحقيقًا نشرته (BBC) كشف أن أول دار منها أُغلقت مؤقتًا بعد أقل من ستة أشهر من افتتاحها، عقب الكشف عن “إخفاقات جسيمة وواسعة النطاق” من قبل المفتشين.
عاملتان سابقتان في الدار تحدثتا عن تدريب غير كافٍ، وغياب الدعم الإداري، وقلة خبرة الطاقم. وقالت إحداهن: إنها أُوقفت عن العمل إثر خلاف مع مدير طلب منها ترك طفل دون إشراف كاف. كما زعمت أن أحد الأطفال كان “عنيفًا للغاية”، وأن الموظفين لم يكونوا مؤهلين للتعامل مع حالته.
من جهته قال ماكس ماكلوغلين، زعيم حزب الخضر المعارض في مجلس سوليهل: إن المشكلات التي تعاني منها خدمات رعاية الطفل في المنطقة ليست إلا “عرضًا محليًّا لمشكلة وطنية”، مطالبًا الحكومة البريطانية بتوفير دعم أوسع للعائلات.
وأضاف: “المختصون الاجتماعيون يتدخلون في الغالب عندما يكون الضرر قد وقع بالفعل… نحن بحاجة إلى نظام يمنع وصول الأطفال إلى هذه المرحلة من الخطر”.
في المقابل، قالت بلدية سوليهل: إن القضيتين -وفاة فرانشيسكا ودار الرعاية المغلقة- حققت فيهما الجهات التنظيمية المختصة، وأكدت أن دار الرعاية لم تتوقف عن العمل رغم إغلاقها مؤقتًا أمام استقبال الأطفال.
وأضافت في بيان: “اتخذنا إجراءات سريعة للنظر في القضايا المثارة، ونتطلع إلى زيارة تفتيش شاملة قادمة لعرض التحسينات التي أجريناها”.
الحكومة البريطانية بدورها أكدت أنها عازمة على “إجراء إصلاح جذري” في نظام رعاية الأطفال، الذي “تُرك يتدهور لفترة طويلة”، بحسَب تعبيرها. وأوضحت أنها ستواصل مراقبة أداء مجلس سوليهل عن كثب؛ لضمان تطبيق المعايير، واستخلاص العبر من هذه الحوادث المؤلمة.
المصدر: بي بي سي
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇