بريطانيا قد تسجّل 46 درجة مئوية قريبًا: تحذيرات من موجات حر غير مسبوقة
تشير تقديرات جديدة من المكتب الوطني للأرصاد الجوية (Met Office) إلى أن بريطانيا مقبلة على فصول صيف أشد قسوة، مع احتمالية ارتفاع درجات الحرارة إلى مستويات قياسية غير مسبوقة، قد تصل إلى 45 بل وحتى 46.6 درجة مئوية. وهو رقم كان يُنظر إليه حتى وقت قريب باعتباره خارج نطاق الاحتمال في مناخ بريطانيا المعتدل.
وبحسب دراسة نُشرت في مجلة Weather العلمية، فإن احتمالية تسجيل درجات حرارة تبلغ 40 درجة مئوية أصبحت اليوم أكثر بـ20 مرة مما كانت عليه في ستينيات القرن الماضي. ووفق النماذج المناخية الحديثة، فإن هناك فرصة بنسبة 50:50 لأن تتكرر هذه الحرارة الشديدة مرة أخرى خلال السنوات الاثنتي عشرة المقبلة.
من موجة 2022 إلى مستقبل أكثر حرارة
وكانت بريطانيا قد شهدت لأول مرة في تاريخها تسجيل حرارة بلغت 40.3 درجة مئوية في 19 يوليو 2022، في بلدة كونينغزبي بمقاطعة لينكولنشاير، متجاوزة الرقم القياسي السابق البالغ 38.7 درجة والمسجل في كامبريدج عام 2019.
موجة الحرّ تلك لم تمرّ مرور الكرام؛ فقد اندلعت عشرات الحرائق في مناطق متعددة شملت لندن، ليسترشاير، وساوث يوركشاير، ما دفع خدمات الإطفاء إلى إعلان حالات طوارئ كبرى. كما أدّت الحرارة المرتفعة إلى تعطيل أنظمة النقل والكهرباء، وسط تحذيرات من التأثيرات المتزايدة لتغير المناخ.
ووفق إحصاءات رسمية، سُجلت أكثر من 3 آلاف وفاة مرتبطة بالحرارة في إنجلترا خلال صيف 2022، منها أكثر من ألف حالة بين كبار السن خلال ذروة الموجة الحارة التي استمرت أربعة أيام.
حرارة تدوم لأشهر… وليس أيامًا فقط
وتحذر الدراسة من أن موجات الحر في المستقبل قد لا تقتصر على أيام معدودة، بل قد تمتد لأسابيع، بل وحتى لشهر كامل. إذ تُظهر النماذج المناخية الحديثة أن نحو ثلثي أيام الصيف قد تتجاوز عتبة 28 درجة مئوية – وهو الحد المعتمد لتعريف “موجة حر” في بريطانيا. بل تشير التوقعات إلى إمكانية تسجيل 12 يومًا متتاليًا بدرجات حرارة تفوق 35 درجة مئوية.
وتقول الدكتورة جيليان كاي، العالمة البارزة في Met Office والمؤلفة الرئيسية للدراسة: “لأن مناخنا يواصل الاحترار، فإن فرصة تجاوز 40 درجة مئوية مستقبلاً ستستمر في الارتفاع”، مشيرة إلى أن هذه التوقعات تستند إلى أحدث النماذج المناخية العالمية.
مؤشرات مقلقة في 2025
التوقعات المتشائمة لا تقتصر على المستقبل البعيد، إذ أعلن Met Office أن ربيع عام 2025 كان الأشد حرارة وجفافًا منذ أكثر من 100 عام، مع هطول أمطار لم يتجاوز 130 مم – أي أقل بنحو 40% من المتوسط التاريخي.
وتؤكد تقارير أخرى، منها ما نشرته شبكة “يورونيوز”، أن موجات الحر المتتالية في بريطانيا قد تصبح “الطبيعة الجديدة”، في ظل اقتراب البلاد من مرحلة مفصلية في مسار التغير المناخي.
أما وكالة ناسا، فقد حذرت مؤخرًا من تضاعف شدة الظواهر المناخية القاسية حول العالم، مشيرة إلى أن آثار ذلك ستنعكس على البنية التحتية، والزراعة، والصحة العامة، في جميع أنحاء الكوكب.
في ظل هذه المعطيات العلمية المتواترة، يبدو أن بريطانيا تقف على أعتاب تحولات مناخية جوهرية قد تغيّر نمط الحياة خلال العقد المقبل.
من هنا، فإن الاستعداد المبكر لموجات الحر القاسية لم يعد ترفًا، بل ضرورة ملحّة.
ويكمن جوهر المواجهة في:
-
تعزيز البنية التحتية لمواجهة درجات الحرارة الشديدة (كمراكز التبريد، وتطوير أنظمة الإنذار الصحي).
-
توعية الفئات الأكثر عرضة للخطر، وخاصة كبار السن والمصابين بأمراض مزمنة.
-
تسريع سياسات التكيّف المناخي، وزيادة الاستثمار في خطط الطوارئ، والنقل المستدام.
وفي تقدير منصة “العرب في بريطانيا”، فإن هذه الأرقام لم تعد مجرد تنبؤات علمية، بل ناقوس خطر حقيقي يستوجب تحركًا فوريًا، قائمًا على حلول عملية وعقلانية، لتجنّب ما يمكن أن يكون كارثة إنسانية وبيئية على أبواب هذا البلد.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇