بريطانيا قد تجبر طالبي اللجوء على حذف منشوراتهم السياسية من السوشيال ميديا

في سابقة قانونية مثيرة للجدل، قضت محكمة بريطانية بأن السلطات يمكن أن تُلزم طالبي اللجوء بحذف منشوراتهم السياسية على وسائل التواصل الاجتماعي، إذا ثبت أن تلك الآراء لا تُعبّر عن قناعات حقيقية. القرار، الذي قد يُمهّد الطريق لترحيل مزيد من طالبي اللجوء، يُثير مخاوف بشأن حرية التعبير وحقوق اللاجئين في بريطانيا.
القضاء في بريطانيا: لا حماية لمنشورات “غير صادقة”
القضية التي نظرت فيها محكمة الاستئناف العليا للهجرة، وشملت طالبَ لجوء عراقيًّا، أسفرت عن حكم من القاضية لوسي موراي، أكدت فيه أن من حق وزارة الداخلية أن تأمر بحذف حسابات التواصل الاجتماعي لطالبي اللجوء، إذا كانت المنشورات لا تعكس قناعة سياسية حقيقية يمكن أن تُعرّضهم للاضطهاد في بلادهم.
وأوضحت القاضية أن حذف الحسابات لا يكون قانونيًّا إلا في حال عدم صدق تلك المنشورات أو اتخاذها وسيلة لتعزيز طلبات اللجوء. وأشارت إلى أن “طالب اللجوء لا يُتوقَّع منه حذف حساباته إلا إذا لم تكن تُعبّر عن معتقدات سياسية حقيقية”.
وتعود تفاصيل القضية إلى طالب لجوء من العراق تقدّم بطلبه قبل أربع سنوات، غير أن وزارة الداخلية رفضت طلبه في عام 2022، مبررة القرار بوجود “تناقضات” في روايته أثّرت على مصداقيته.
وأظهرت الوثائق أن الرجل أنشأ حسابًا على “فيسبوك” بعد وصوله إلى بريطانيا، ونشر عبره مقاطع فيديو لمظاهرات أمام سفارة العراق في لندن، ومنشورات تنتقد حكومته وتدعم مجموعة كردية، إضافةً إلى اتهامات بالفساد.
الرجل ادّعى أن تلك المنشورات قد تُعرّضه للخطر إذا أُعيد إلى العراق، حيث اعتاد النظام تتبّع الناشطين عبر الإنترنت، كما قال: إنه مُهدّد بالقتل بدافع “الشرف” بعدما تبرأت منه أسرته؛ بسبب علاقته بفتاة مسيحية. لكنه اعترف لاحقًا للمسؤولين البريطانيين بأنه “ليس شخصًا سياسيًّا”.
الترحيل يلوح في الأفق
محكمة الدرجة الأولى رفضت استئنافه، واعتبرت أنه بإمكانه حذف حسابه بأمان؛ لأنه لا يملك “ملفًّا سياسيًّا حقيقيًّا”، ولم تُظهر الأدلة أن السلطات العراقية كانت تراقبه أو اطّلعت على منشوراته.
ورغم طعن الرجل في هذا القرار، أيدت القاضية موراي استنتاج المحكمة الابتدائية، واعتبرت أن لها الحق في أن تُقرّر ما إذا كانت نشاطاته على الإنترنت تُعبّر عن قناعة سياسية حقيقية أم لا.
وفي ختام حكمها، قررت القاضية إعادة القضية إلى المحكمة الدنيا لإعادة النظر فيها، إلا أن المبدأ الذي كرّسته في حكمها يفتح المجال أمام اتخاذ منشورات “السوشيال ميديا” معيارًا لتقييم صدق طلبات اللجوء، والضغط على طالبي اللجوء لحذف تلك المنشورات؛ تمهيدًا لترحيلهم.
المصدر: التايمز
اقرأ أيضًا:
- تأخير التعليم يُحبط طالبي اللجوء من المراهقين في بريطانيا: “نشعر بأننا منسيون”
- بريطانيا تبدأ محادثات لترحيل طالبي اللجوء المرفوضين إلى الخارج
ترحيل طالبي اللجوء إلى بلغاريا يواجه عقبة قانونية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان
الرابط المختصر هنا ⬇