بريطانيا تواجه المساءلة لتسريب بيانات شرطة إلى سفارة الاحتلال

أثارت وثائق مسرّبة موجة من الغضب والاستنكار في الأوساط الحقوقية والقانونية، بعد أن كشفت عن قيام مكتب النائب العام البريطاني بمشاركة تفاصيل الاتصال الخاصة بشرطة مكافحة الإرهاب ودائرة الادعاء الملكية مع السفارة الإسرائيلية، في خضم تحقيقات جارية مع نشطاء من حركة Palestine Action.

بريد إلكتروني سري عقب اعتقالات “فيلتون 18”

وفقًا لإفصاحات حصلت عليها منظمات عبر قانون حرية المعلومات (FOI)، فإن رسالة إلكترونية أُرسلت في 9 سبتمبر 2024، من نيكولا سميث – رئيسة القانون الدولي في مكتب النائب العام – إلى دانييلا غرودسكي إكشتاين، نائبة السفير الإسرائيلي في لندن، احتوت على تفاصيل اتصال تتعلق بدائرة الادعاء الملكية وقسم “SO15” لمكافحة الإرهاب.

وتأتي هذه الرسالة بعد أسابيع قليلة من اعتقال “فيلتون 18″، وهم مجموعة من النشطاء الذين اقتحموا مقر شركة Elbit Systems الإسرائيلية في بريستول، عبر شاحنة معدّلة، ضمن احتجاج مباشر ضد صناعة الأسلحة.

مزيد من الاعتقالات وسط غموض دبلوماسي

وفي أكتوبر 2024، وبعد هذا التواصل بين السفارة ومكتب النائب العام، اعتقلت الشرطة عشرة نشطاء آخرين ضمن سلسلة مداهمات، ليصبح مجموع المعتقلين 28، ويُعرف البقية باسم “إنسترو 10”. وسُجن ثمانية من هؤلاء، وسط تساؤلات بشأن علاقة التوسع في الاعتقالات بالمراسلات الرسمية مع السفارة.

وبررت وزارة النائب العام الخطوة بأنها “إجراء روتيني” لمساعدة السفارات في الوصول إلى السلطات المختصة لتبادل المعلومات، مؤكدة أن قرارات الملاحقة والإدانة تُتخذ بشكل مستقل عن الحكومة.

لكن خبراء قانونيين أشاروا إلى أن المراسلات كانت محجوبة بشكل شبه كامل، ما يثير شكوكًا بشأن مدى شفافيتها، ومحتواها المتعلق باعتقال النشطاء.

اتهامات بالتدخل السياسي وانتهاك مبدأ الاستقلال القضائي

حذرت Palestine Action من أن مشاركة هذه المعلومات تمثل تدخلًا سياسيًا في سير العدالة، مطالبة بإسقاط التهم عن النشطاء. كما طالب محامي الدفاع سايمون بوك بالكشف الكامل عن المراسلات، مشيرًا إلى ضرورة إثبات استقلال قرارات الشرطة والادعاء عن التأثيرات الخارجية.

ورغم عدم اتهام المعتقلين رسميًا بموجب قانون الإرهاب، إلا أن دائرة الادعاء أعلنت أنها ستطالب بإدراج الجرائم في إطار “صلة بالإرهاب”، ما يفتح الباب أمام أحكام قاسية وقيود استثنائية على المعتقلين، مثل الحبس الانفرادي، والتضييق على المراسلات، والحرمان من التواصل.

وقد وصفت الحركة هذا النهج بأنه غير مسبوق، مؤكدة أن توسيع تعريف الإرهاب ليشمل أفعال احتجاج مدني يهدد الحريات الأساسية.

ربط بين المراسلات وملاحقة الصحفيين

تزامنت المراسلات بين مكتب النائب العام والسفارة الإسرائيلية مع سلسلة اعتقالات طالت صحفيين وناشطين بارزين، من بينهم الصحفية سارة ويلكنسون والصحفي ريتشارد مدهيرست، ما دفع مراقبين للتساؤل عن وجود خطة أوسع لقمع الأصوات المناهضة للتعاون العسكري مع إسرائيل.

وكشفت وثائق سابقة عن ضغط مارسته السفارة الإسرائيلية في 2023 على مكتب النائب العام للتدخل في قضايا احتجاجية ضد Elbit Systems. وعلى الرغم من حجب أغلب تفاصيل الاجتماعات، إلا أن مسؤولين بريطانيين أشاروا إلى “حساسية واستقلالية التعامل مع هذه القضايا”.

دعوات لتحقيق مستقل والإفراج عن المعتقلين

طالبت Palestine Action بإجراء تحقيق شفاف ومستقل في طبيعة العلاقة بين النائب العام والسفارة الإسرائيلية، وبتقديم الوثائق غير المحجوبة أمام القضاء. كما دعت للإفراج الفوري عن جميع المعتقلين، معتبرة أن استمرار ملاحقتهم تحت شبهة الإرهاب يعد انحرافًا خطيرًا عن مبادئ العدالة و”انهيارًا لأخلاقيات النظام القضائي البريطاني”.

المصدر: ميدل إيست آي 

إقرأ أيضًا:

• شرطة مكافحة الإرهاب تحقق في منشورات فيسبوك بعد هجوم ليدز
• الشرطة البريطانية تكشف حملة تضليل تستهدف مظاهرات داعمة لفلسطين
• تحالف فلسطين في بريطانيا يستنكر تهرّب مفوض الشرطة من لقائه