بريطانيا تعلن خطة ضخمة لتعزيز ترسانتها النووية والغواصات.. هل نقترب من سباق تسلح جديد؟

في الأول من حزيران/ يونيو 2025، وخلال مؤتمر صحفي عقده في مقر رئاسة الوزراء بلندن، كشف رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر عن خطة دفاعية استراتيجية شاملة تستهدف تعزيز القدرات العسكرية للمملكة المتحدة لمواجهة المشكلات الأمنية المتزايدة في البيئة الدولية الراهنة.
تأتي هذه الخطوة في سياق مراجعة دفاعية معمقة تسعى إلى رفع جاهزية القوات المسلحة وتحويلها إلى حالة “الجاهزية القتالية”؛ للتعامل مع التهديدات المحتملة، لا سيما مع تصاعد التوترات على الساحة العالمية وخصوصًا مع روسيا.
تعزيز القدرات البحرية والذخائر
تتضمن الخطة الطموحة بناء 12 غواصة هجومية نووية جديدة، بواقع غواصة واحدة كل 18 شهرًا، في إطار شراكة (AUKUS) الدفاعية الاستراتيجية مع الولايات المتحدة الأمريكية وأستراليا. ويسعى هذا البرنامج إلى تحديث الأسطول البحري البريطاني، وتعزيز قدراته في مجال العمليات البحرية تحت الماء، وهو ما يعكس تحوّلًا نحو الاستثمار المكثف في القدرات البحرية النووية.
كما أعلن ستارمر عن إقامة ستة مصانع جديدة لإنتاج الذخيرة، بتكلفة تقديرية تصل إلى 1.5 مليار باوند، بهدف زيادة الإنتاج في مجال الذخائر والأسلحة، وتعزيز استقلالية المملكة المتحدة في هذا القطاع الحيوي. ومن المتوقع أن توفر هذه المصانع الجديدة آلاف فرص العمل المتخصصة، ما يساهم في دعم الاقتصاد الوطني وتعزيز القدرات الدفاعية في الوقت ذاته.
استثمار ضخم في الترسانة النووية
جزء محوري من هذه الاستراتيجية هو تخصيص مبلغ 15 مليار باوند لتحديث وتطوير برنامج الرؤوس النووية السيادية البريطانية، بما يضمن استمرار قدرة الردع النووي على مدى العقود القادمة. يمثل هذا الاستثمار تعزيزًا للصناعة النووية الدفاعية في المملكة المتحدة، ومن المتوقع أن يوفر نحو 30 ألف وظيفة متخصصة في جميع أنحاء البلاد.
عقبات التنفيذ والتمويل
رغم الطموحات الكبيرة لهذه الخطة، تواجه الحكومة البريطانية عقبات جوهرية تتعلق بتأمين التمويل اللازم، حيث لم يحدد ستارمر موعدًا دقيقًا لرفع الإنفاق الدفاعي إلى 3 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، واكتفى بوصف ذلك بأنه “هدف طموح طويل الأمد” يعتمد على الظروف الاقتصادية والمالية للمملكة المتحدة.
كما تبرز تساؤلات عن التفاصيل المتعلقة بزيادة أعداد القوات المسلحة، إذ لا يتوقع أن يشهد عدد الجنود زيادة ملموسة قبل بداية الثلاثينيات من القرن الحالي، ما يثير جدلًا بشأن كفاية الموارد البشرية لمواكبة الطموحات التقنية والعددية التي تسعى الحكومة لتحقيقها.
بدورنا نتابع هذه التطورات العسكرية الكبرى بقلق بالغ. إذ إنّ التوجه نحو تعزيز القدرات النووية وتوسيع الترسانة البحرية ضمن خطة تمثل إنفاقًا ماليًّا هائلًا، يفتح الباب أمام أخطار متزايدة من تصعيد التوترات، لا سيما في ظل الأزمة العالمية المتشابكة التي تعاني منها منطقتنا والعالم.
كما ندعو إلى التعامل بحذر مع هذا النوع من الخطط التي تعتمد على القوة العسكرية بوصفها أداة رئيسة لتحقيق الأمن، دون إعطاء الأولوية للحوار والدبلوماسية، التي تبقى الخيار الأنجع لتجنب اندلاع نزاعات جديدة تهدد السلام والاستقرار الإقليمي والدولي.
ونؤكد أن الاستثمار في تعزيز القدرات الدفاعية يجب أن يترافق مع جهود دولية للسلام والتنمية، لا أن يصبح سباق تسلح يفاقم حالة التوتر والاحتقان.
المصدر: رويترز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇