بريطانيا تحت وطأة الإنفلونزا: أين تتركز الحالات الأكثر خطورة؟
تشهد بريطانيا تصاعدًا حادًا في حالات دخول المستشفيات بسبب الإنفلونزا، في ما وصفه مسؤولو الصحة بأنه «أسوأ سيناريو ممكن» لهذا الوقت من العام، مع استمرار ارتفاع الأرقام دون مؤشرات واضحة على قرب بلوغ الذروة.
أرقام قياسية لدخول المستشفيات

أظهرت أحدث البيانات أن متوسط عدد المرضى الذين يشغلون أسِرّة في المستشفيات بسبب الإنفلونزا بلغ 2,660 مريضًا يوميًا خلال الأسبوع الماضي، وهو أعلى رقم مسجل على الإطلاق في مثل هذا التوقيت من السنة، بزيادة 55% مقارنة بالأسبوع السابق.
ويأتي هذا الارتفاع المتسارع بالتزامن مع بدء انتشار سلالة H3N2، وسط تحذيرات من أنها سلالة «شرسة» تؤثر بقوة على المصابين وتدفع بالمزيد منهم إلى الحاجة للرعاية داخل المستشفيات.
قال ويس ستريتِنغ، وزير الصحة، إن القفزة في الحالات وضعت جهاز الصحة الوطني (NHS) أمام «تحدٍّ لم يشهد مثله منذ الجائحة». وفي مقابلة مع إذاعة LBC يوم الجمعة، وصف الوضع بأنه «على الأرجح أسوأ ضغط يواجهه الـNHS منذ كوفيد»، مشيرًا إلى انتشار واسع للإنفلونزا وإلى وجود «سلالة عدوانية تُسقط الناس طريحين».
أين تتركز الحالات الأكثر خطورة؟ التراستات الأكثر تضررًا
أظهرت بيانات NHS England أن العبء الأكبر لموجة الإنفلونزا تركز في عدد من التراستات الكبرى، مع تسجيل مستويات مرتفعة من إشغال الأسرة وحالات في العناية الحرجة. وجاءت أبرز المؤشرات كالتالي:
- University Hospitals Birmingham NHS Foundation Trust: تصدّر القائمة من حيث التأثر، بعدما سُجّل إشغال 254 سريرًا عامًا وحادًا بمرضى الإنفلونزا، إضافة إلى 7 حالات احتاجت إلى العناية الحرجة.
- Manchester University NHS Foundation Trust: شهد إشغال 101 سرير في الأقسام العامة والحادة بسبب الإنفلونزا، مع 6 حالات في العناية الحرجة.
- Barts Health NHS Trust في شرق لندن: سُجّل وجود 84 مريضًا يشغلون أسِرّة عامة وحادة نتيجة الإصابة بالإنفلونزا.
وفي موازاة ذلك، حذّر مسؤولو الـNHS من أن هذه الأرقام لا تعكس الصورة الكاملة حتى الآن، مؤكدين أن إجمالي الحالات واصل الارتفاع بسرعة بعد الفترة التي تغطيها البيانات، وأن ذروة الموجة لم تتضح ملامحها بعد.
فيروسات الشتاء “تجتاح” المستشفيات… والنوروفيروس يتصاعد

لا يقتصر الضغط على الإنفلونزا وحدها. إذ تشير التحذيرات إلى أن فيروسات الشتاء بدأت «تجتاح» المستشفيات، مع ارتفاع مرضى النوروفيروس داخل المستشفيات بنسبة 35% ليصل متوسطهم إلى 354 مريضًا يوميًا خلال الأسبوع الماضي.
وقالت البروفيسورة ميغانا بانديت، المديرة الطبية الوطنية في NHS، إن ما يجري يمثل موجة غير مسبوقة من «الإنفلونزا الخارقة» تدفع العاملين إلى أقصى طاقتهم، مع تزامن ذلك مع طلب قياسي على أقسام الطوارئ (A&E) وخدمات الإسعاف. وأكدت أن أعداد مرضى الإنفلونزا «مرتفعة للغاية بالنسبة لهذا الوقت من العام»، وأنها «تواصل الارتفاع دون ظهور الذروة»، ما يرجّح أسابيع شديدة الصعوبة قادمة.
إضراب الأطباء المقيمين قبل عيد الميلاد… ومخاوف من اضطراب واسع
تأتي هذه التطورات في وقت يستعد فيه آلاف الأطباء المقيمين للإضراب خلال الفترة من 17 إلى 22 ديسمبر، ما أثار مخاوف من اضطرابات كبيرة في رعاية المرضى قبل عيد الميلاد، الذي يُنظر إليه كفترة حساسة وخطرة على مستوى الضغط الصحي.
بحسب الأرقام، تم تطعيم أكثر من 17.4 مليون شخص ضد الإنفلونزا حتى الآن هذا العام، بزيادة قدرها 170 ألفًا مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. كما أشار ستريتِنغ إلى أن أكثر من 60 ألفًا إضافيًا من موظفي الـNHS حصلوا على اللقاح هذا العام.
إجراءات حكومية معلنة… ودعوة لوقف الإضراب

قال ويس ستريتِنغ إن الحكومة تعمل مع الـNHS لضمان القدرة على التعامل مع «موجة عاتية» من الإنفلونزا، مشيرًا إلى توظيف 2,500 طبيب عام إضافي وتحديث نظام حجز مواعيد طب الأسرة بهدف إبقاء المرضى تحت الرعاية داخل المجتمع وتجنب إدخالهم إلى المستشفيات. كما أوضح أن عرضه المقدم إلى الجمعية الطبية البريطانية (BMA) يهدف إلى معالجة «مشكلة الوظائف» التي يواجهها الأطباء المقيمون، وحثّهم على التصويت لصالح الاتفاق ووقف إضرابات عيد الميلاد، معتبرًا هذه الفترة «الأخطر في السنة».
وترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن تصاعد حالات الإنفلونزا والضغط المتزامن من فيروسات الشتاء يمثل اختبارًا جديًا لصلابة المنظومة الصحية وقدرتها على حماية الفئات الأكثر هشاشة. وتؤكد المنصة، أن أولوية أي نقاش عام في مثل هذه الأزمات يجب أن تبقى منصبّة على سلامة المرضى واستمرارية الخدمات، مع ضرورة الشفافية في عرض البيانات وتقييم الجاهزية، والموازنة بين حقوق العاملين في القطاع الصحي ومصلحة الجمهور، وتشجيع الإجراءات الوقائية وعلى رأسها التطعيم والالتزام بإرشادات الجهات الصحية، بما يخفف الضغط على المستشفيات ويحمي المجتمع خلال ذروة الشتاء.
المصدر: independent
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
