بريطانيا توقع اتفاقًا لتسليم جزر تشاغوس مع تأجير القاعدة العسكرية
وقعت المملكة المتحدة اتفاقًا تاريخيًا يقضي بتسليم السيطرة على أرخبيل تشاغوس في المحيط الهندي إلى موريشيوس، مع الحفاظ على استخدام قاعدة دييغو غارسيا العسكرية المشتركة مع الولايات المتحدة من خلال عقد إيجار يمتد لـ99 عامًا. وتُعد هذه الخطوة تطورًا كبيرًا في نزاع استمر لعقود، بعد اعتراف محاكم دولية عديدة بأحقية موريشيوس في السيادة على الجزر.
ضمان استمرار القاعدة البريطانية الأمريكية
في مؤتمر صحفي، شدد رئيس الوزراء البريطاني السير كير ستارمر على أن قاعدة دييغو غارسيا تمثل “أهمية قصوى لبريطانيا”، حيث استخدمت في مهام مكافحة الإرهاب في العراق وأفغانستان، ومراقبة التهديدات في البحر الأحمر ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ.
وأوضح أن القاعدة كانت مهددة بفقدان السيطرة القانونية بسبب مطالبة موريشيوس المستمرة، قائلاً:
“لو لم نبرم هذا الاتفاق، لما تمكنا من منع دول مثل الصين من إنشاء قواعد أو إجراء مناورات عسكرية قرب منشآتنا”.
وأضاف أن الاتفاق يصب في مصلحة الأمن القومي البريطاني، مؤكدًا:
“لن نقامر بأمن بريطانيا. لم يكن أمامنا خيار سوى التوصل إلى هذا التفاهم لحماية مصالحنا الحيوية”.
تفاصيل مالية مثيرة للجدل
كشف ستارمر أن التكلفة السنوية للصفقة ستبلغ متوسط 101 مليون باوند سنويًا، مؤكدًا أن التكلفة الصافية لا تتجاوز 3.4 مليار باوند حسب المعايير الحكومية. إلا أن الوثائق الرسمية أظهرت أرقامًا مختلفة، تتضمن:
- 165 مليون باوند سنويًا لمدة 3 أعوام
- 120 مليونًا سنويًا للأعوام من 4 إلى 13
- 120 مليونًا زائدًا التضخم حتى نهاية العقد (السنة 99)
- 40 مليونًا لصندوق دعم سكان تشاغوس
- 45 مليونًا سنويًا لمدة 25 سنة لدعم تنمية موريشيوس
وتشير تقديرات صحفية إلى أن إجمالي التكلفة قد يصل إلى 10 مليارات باوند في حال عدم احتساب التضخم، أو 30 مليارًا في حال معدل تضخم متوسط يبلغ 2%.
احتفاظ لندن بالتحكم الكامل في القاعدة
رغم نقل السيادة، ستحتفظ بريطانيا بسيطرة تشغيلية كاملة على القاعدة، بما يشمل:
- منطقة عازلة بحرية بعمق 24 ميلًا بحريًا
- حق الاعتراض على أي بناء أو نشاط في المنطقة
- التحكم في الطيف الكهرومغناطيسي المستخدم للاتصالات العسكرية
وأشاد وزير الدفاع البريطاني جون هيلي بشروط الاتفاق، مشيرًا إلى أن الحكومة “عززت الضمانات الأمنية” مقارنة بجولات التفاوض السابقة التي أجرتها حكومة المحافظين دون حسم.
دعم دولي واسع وتحذيرات من المعارضة
رحبت الولايات المتحدة بالاتفاق، حيث وصفه وزير خارجيتها ماركو روبيو بأنه “يؤمن استمرار التشغيل الفعّال والمستقر للمنشأة العسكرية المشتركة، الضرورية للأمن الإقليمي والعالمي”.
كما نال الاتفاق دعمًا من حلف الناتو، وتحالف العيون الخمس، والهند، بحسب ما أعلنه ستارمر.
في المقابل، انتقدت زعيمة المحافظين كيمي بادينوك الاتفاق واعتبرته “عملًا من أعمال الإضرار بالذات القومية”، محذّرة من أنه “يعرضنا لمزيد من النفوذ الصيني، ويتجاهل إرادة سكان تشاغوس، ويدفعنا لدفع مليارات مقابل ذلك”.
ووصف زعيم حزب الإصلاح البريطاني نايجل فاراج الاتفاق بأنه “خضوع للمحاكم الأجنبية على حساب المصلحة الوطنية”.
خلفية تاريخية ونزاع طويل الأمد
(Anadolu Agency)
يُذكر أن بريطانيا فصلت جزر تشاغوس عن موريشيوس عام 1965، أي قبل 3 أعوام من منح الأخيرة الاستقلال. ومنذ ذلك الحين، ظلت موريشيوس تطالب باستعادة الجزر باعتبارها جزءًا لا يتجزأ من أراضيها.
وفي أواخر الستينيات، أجبرت بريطانيا سكان الجزر على الرحيل بطلب أمريكي لإقامة قاعدة بحرية في دييغو غارسيا، والتي تحوّلت لاحقًا إلى منشأة عسكرية رئيسية للعمليات الغربية في آسيا.
وقد أصدرت كل من محكمة العدل الدولية والأمم المتحدة قرارات تؤيد أحقية موريشيوس وتدعو لإنهاء “الاستعمار المتبقي”.
توقيع مؤجل مؤقتًا بأمر قضائي
كان من المقرر توقيع الاتفاق صباح الخميس، لكنه تعرض لتعليق مؤقت بأمر من المحكمة العليا البريطانية، قبل أن يُرفع الأمر عند منتصف النهار وتُستأنف مراسم التوقيع.
المصدر: سكاي نيوز
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
18°C
