العرب في بريطانيا | حقائق تفنّد مزاعم اليمين المتطرف حول "عصاب...

1446 رجب 26 | 26 يناير 2025

حقائق تفنّد مزاعم اليمين المتطرف حول “عصابات الاستدراج” في بريطانيا

حقائق تفنّد مزاعم اليمين المتطرف حول "عصابات الاستدراج" في بريطانيا
خلود العيط January 10, 2025

تصاعدت التوترات السياسية في بريطانيا بعد مواجهة علنية بين الملياردير الأمريكي إيلون ماسك، المؤيد البارز للرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب، ورئيس الوزراء البريطاني كير ستارمر. الجدل الذي اندلع بشأن فضيحة “عصابات الاستغلال الجنسي” يسلط الضوء على قضية حساسة طالما أثارت جدلًا سياسيًّا واجتماعيًّا في بريطانيا، في ظل اتهامات متبادلة وخطاب متصاعد على وسائل التواصل الاجتماعي.

بداية المواجهة: اتهامات خطيرة من ماسك

اندلعت الأزمة عندما اتهم ماسك، عبر منصته “إكس”، كير ستارمر بأنه “متواطئ في اغتصاب بريطانيا” خلال مدة توليه منصب مدير الادعاء العام، متهمًا إياه بالإخفاق في التصدي لما يُعرف بـ”عصابات الاستغلال الجنسي”.

وفي رد قوي يوم الإثنين، وصف ستارمر الخطاب المتداول عبر الإنترنت بأنه “تجاوز الحدود”، موجهًا انتقادات حادة للنواب المحافظين الذين اتهمهم بـ”تضخيم خطاب اليمين المتطرف” بشأن جرائم الاعتداء الجنسي على الأطفال، مشيرًا إلى إخفاقهم في التصدي لهذه القضية خلال 14 عامًا من الحكم.

ماسك، الذي يُعرف بتصريحاته المثيرة للجدل، أعاد نشر منشور للناشط أندرو تيت يزعم وجود “مشكلة جرائم إسلامية في بريطانيا”، وأرفق المنشور بتعليق: “كلام صحيح”. هذه التصريحات أثارت استياء واسع النطاق في الأوساط السياسية والاجتماعية، باعتبار أنها تُثير الكراهية الدينية وتغذي الروايات العنصرية.

فضيحة “عصابات الاستغلال الجنسي”.. أرقام وحقائق

تدخلات إيلون ماسك في الشؤون البريطانية.. ما الهدف؟

وتُشير السرديات الشائعة إلى أن مئات الفتيات تعرضن لجرائم اعتداءات جنسية في مدن بريطانية بين عامَي 1997 و2013، وأن معظم مرتكبي هذه الجرائم هم رجال من أصول باكستانية. ومع أن البيانات الرسمية تؤكد أن هذه الجرائم تمثل نسبة صغيرة من حالات الاعتداء الجنسي الجماعي -نحو 3 في المئة حتى عام 2023- فإن اليمين المتطرف في بريطانيا يربطها بالإسلام والثقافة الباكستانية على نطاق واسع.

وفي أحدث النقاشات البرلمانية، دعت المعارضة إلى فتح تحقيق جديد في هذه الجرائم. وقضى البرلمان نحو 20 دقيقة في مناقشة محتدمة بين ستارمر وكيمي بادينوك، زعيمة حزب المحافظين، بشأن القضية.

التحقيقات تفنّد سرديات اليمين المتطرف 

تشير البيانات الرسمية إلى أن الغالبية العظمى من الجناة في قضايا الاعتداء الجنسي على الأطفال في إنجلترا وويلز هم من البريطانيين البيض. تقرير وزارة الداخلية لعام 2020 أكد أن معظم مرتكبي الجرائم الجماعية في هذه القضايا هم من ذوي البشرة البيضاء، حيث بلغت نسبتهم 88 في المئة، وهي نسبة تتماشى مع التركيبة السكانية العامة.

كما أكد تقرير حكومي صادر في نوفمبر 2024 أن 83 في المئة من الجناة المدانين في 2023 كانوا من ذوي البشرة البيضاء، و7 في المئة فقط من الآسيويين، وهي نسب تتماشى مع التوزيع السكاني. ورغم وضوح البيانات والتقارير الرسمية، تواصل بعض وسائل الإعلام والسياسيين تصوير الظاهرة على أنها مرتبطة بالثقافة الباكستانية أو الدين الإسلامي.

دور العنصرية والتمييز في التعامل مع الضحايا

اليمين المتطرف يغرق منصات التواصل بالتحريض بعد حادث ساوث بورت

وتشير التحقيقات إلى أن المخاوف من اتهامات بالعنصرية كانت أحيانًا سببًا في تقاعس السلطات المحلية عن التعامل مع هذه الجرائم. ولكن الخبراء يؤكدون أن هذا لم يكن السبب الرئيس وراء الإخفاقات، حيث أُرجعت بعض الحالات إلى نظرة استعلائية تجاه الضحايا الذين كانوا في الغالب من الفئات المستضعفة في المجتمع.

وفي عام 2014، كشف تقرير بشأن الانتهاكات في مدينة روثرهام، حيث تعرضت 1,400 فتاة للاعتداء الجنسي بين عامَي 1997 و2013، أن “حساسيات عرقية” أثرت على السياسات المحلية، ولكنها لم تكن العامل الحاسم في معظم الحالات.

ورغم السرديات الإعلامية التي ركزت على ضحايا من الفتيات البيض، تُظهر التقارير أن من الضحايا فتيات من خلفيات عرقية متنوعة. وتشير دراسات إلى أن بعض المجرمين اختاروا ضحاياهم بناءً على نقاط ضعفهم، وليس على أساس عرقي أو ديني.

وأشارت دراسات متعددة إلى أن العوامل الثقافية والدينية لم تكن الدافع الأساسي للجرائم الجنسية المرتكبة، ويرى الباحثون أن الظروف والفرص، مثل عمل الجناة في أماكن توفر سهولة الوصول إلى الضحايا كسيارات الأجرة والمطاعم، كانت عوامل رئيسة.

وفي هذا السياق، يقول المدعي العام السابق نذير أفضل: “ليس عرق المجرمين ما يحدد سلوكهم، بل نظرتهم إلى النساء والفتيات”، مضيفًا أن الضحايا كانوا مستهدفين في الغالب بسبب ضعفهم وقلة الحماية التي يحصلون عليها.

هذا وتظل قضية “عصابات الاستغلال الجنسي” واحدة من أكثر القضايا حساسية وتعقيدًا في بريطانيا، حيث تتشابك فيها الحقائق مع السرديات الشعبية والخطاب السياسي. وفي الوقت الذي يدعو فيه بعض الناس إلى فتح تحقيقات جديدة، يحذر آخرون من استمرار استغلال اليمين المتطرف للقضية لتأجيج الانقسامات العرقية والدينية، ما يهدد بتعميق الفجوات داخل المجتمع البريطاني.

المصدر: ميدل إيست آي


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
6:47 am, Jan 26, 2025
temperature icon 3°C
broken clouds
Humidity 83 %
Pressure 1002 mb
Wind 11 mph
Wind Gust Wind Gust: 0 mph
Clouds Clouds: 53%
Visibility Visibility: 10 km
Sunrise Sunrise: 7:47 am
Sunset Sunset: 4:38 pm