كيف يستخدم اليمين المتطرف الإعلام البريطاني للتحريض ضد المسلمين؟

أثار حكم صدر مؤخرًا عن منظمة المعايير الصحفية المستقلة في بريطانيا (IPSO) جدلًا واسعًا، بعد أن أدان صحيفة The Telegraph لعدم نشرها رد جمعية المسلمين في بريطانيا (MAB) على اتهامات وجهها وزير سابق.
الواقعة فتحت بابًا واسعًا للنقاش حول حدود حرية التعبير، والتغطية الإعلامية المنحازة، واستهداف الأصوات المسلمة في الإعلام البريطاني.
بداية القضية
في 11 يناير الماضي، نشرت The Telegraph مقالًا استند إلى تصريح أدلى به وزير الإسكان والمجتمعات السابق، مايكل غوف، في مجلس العموم، اتهم فيه جمعية المسلمين في بريطانيا بأنها على صلة بجماعة الإخوان المسلمين.
ورغم خطورة الاتهام وحساسيته، لم تمنح الصحيفة الجمعية حق الرد، لا في نسختها الورقية ولا على موقعها الإلكتروني. ولم يظهر نفي الجمعية إلا لاحقًا، وبعد تقديم شكوى رسمية إلى منظمة IPSO.
أقرت المنظمة بأن الصحيفة خالفت البند الأول من مدوّنة قواعد التحرير، معتبرة أن إغفال نشر النفي من قِبل الجهة المتَّهَمة “أخلّ بشكل كبير بإنصاف التغطية الصحفية”، لا سيما أن الادعاء له طابع تحريضي ويتضمن إيحاءات قد تؤثر على الرأي العام تجاه المسلمين.
وطلبت المنظمة من The Telegraph نشر تصحيح يتضمن رد الجمعية، وهو ما تم بالفعل، لكن بشكل محدود وفي أسفل المقال الأصلي.
رد فعل غاضب من اليمين
الحكم أثار موجة انتقادات من شخصيات سياسية وإعلامية محسوبة على التيار اليميني. فقد اتُّهمت IPSO بأنها تمارس “الرقابة” وتهدد “حرية الصحافة”. ووصلت الحملة إلى حد الدعوة لفتح تحقيق برلماني في دور المنظمة.
ويبدو أن الهجوم لم يكن دفاعًا عن حرية التعبير بقدر ما هو رفض لأي محاسبة تطال مؤسسات إعلامية نافذة، حتى لو خالفت القواعد المهنية.
مؤسسات تُحاسَب

تأسست IPSO عام 2014 في أعقاب فضيحة التنصّت الشهيرة التي كشفت عنها لجنة “ليفيسون”، بهدف تعزيز الرقابة الذاتية للصحف وضمان التزامها بأخلاقيات العمل الصحفي.
لكن منذ ذلك الحين، شكك كثيرون في استقلاليتها، خاصة مع ارتباط تمويلها ببعض المؤسسات الإعلامية الكبرى، مثل The Telegraph وDaily Mail.
ورغم الانتقادات، كانت IPSO تُعتبر حتى وقت قريب بديلًا مقبولًا عن الرقابة القانونية على الصحافة. إلا أن هذا التصور تغيّر عندما بدأت المنظمة تُحمّل الصحف مسؤولية التجاوزات المهنية، كما حدث في قضية جمعية المسلمين.
النتائج على الأرض.. أكثر من مجرد كلمات
التغطيات المنحازة لا تبقى حبيسة الأوراق والشاشات، بل تترك آثارًا حقيقية في الواقع. ففي عام 2017، نفّذ متطرف هجومًا على مسجد فنزبري بارك في لندن، مدفوعًا بخطاب إعلامي معادٍ للمسلمين. وفي عام 2020، هاجم آخر مكتب محاماة متخصصًا في قضايا الهجرة، متأثرًا بتقارير صحفية صورته كعدو للدولة.
هذه الحوادث تؤكد أن الانحرافات الصحفية ليست مجرد “وجهات نظر”، بل يمكن أن تساهم في تشكيل بيئة خصبة للعنف والتحريض.
وتشير الدراسات إلى تراجع حاد في ثقة البريطانيين بالإعلام. فقد أظهر استطلاع حديث أن 31% فقط من المواطنين يرون أن الصحافة تعمل من أجل المصلحة العامة، وهو من أدنى المعدلات في أوروبا.
المصدر: eaworldview
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇