العرب في بريطانيا | المحكمة العليا تصادق على تصدير الموت إلى فلسطين

1447 محرم 14 | 10 يوليو 2025

المحكمة العليا تصادق على تصدير الموت إلى فلسطين

war-6303913_1280

قضت المحكمة العليا في لندن، اليوم الإثنين، بشرعية قرار الحكومة البريطانية السماح بتصدير مكونات مقاتلات F‑35 إلى كيان الاحتلال الإسرائيلي، مُنهيةً بذلك معركةً قضائية خاضتها منظمات حقوقية على مدى عشرين شهرًا لوقف جميع صادرات الأسلحة البريطانية التي تُستخدم في العدوان على قطاع غزة.

وأكد القاضيان لورد جاستس ميلز والسيدة ستاين، في حكمٍ من 72 صفحة، أنّ الخوض في هذه القضية «السياسية البالغة الحساسية» يجب أن يبقى في يد الوزراء والبرلمان، لا في يد القضاء.

وقد رفعت الدعوى شبكةُ العمل القانوني العالمي (GLAN) ومنظمة «الحق الفلسطينية»، بدعم من هيومن رايتس ووتش، والعفو الدولية، وأوكسفام، وشملت محاولة حظر مشاركة بريطانيا في مخزون قطع غيار عالمي يمكن لإسرائيل الوصول إليه عند الحاجة.

مبررات الحكومة

زعم الوزراء البريطانيون أنّ حظر بيع المكونات سيُربك برنامج F‑35 برمته، بما يحمله ذلك من تداعيات على قدرات حلف الناتو وأمن أوروبا، حسَب قولهم.

كما أكدت وزارة الدفاع أنّ اشتراط عدم وصول الأجزاء إلى إسرائيل عند بيعها لشركة «لوكهيد مارتن» غير عملي، إذ عدّت الشركة الشرط «غير قابل للتنفيذ».

ورغم إقرار الوزارة بأنّ «مزيدًا من العمل» مطلوب لفصل المكونات المتجهة إلى الاحتلال الإسرائيلي، فإنّ المحكمة وافقت على أنّ مساهمة البرنامج في «السلم والأمن الدوليين» يجب أن توزَن أمام «خطر واضح» باحتمال استخدام الأجزاء في انتهاكات جسيمة للقانون الإنساني الدولي.

انتقادات حقوقية ومعايير إثبات «صارمة للغاية» كشفت مستندات المحكمة أنّ الحكومة البريطانية، في تقييمها لشبهة الإبادة الجماعية في غزة خلال تموز/يوليو 2024، رأت «عدم وجود خطر جسيم» لوقوعها، وادعت عدم رصد حالات استهداف متعمّد للنساء أو الأطفال.

وبحلول أيلول/سبتمبر 2024، وبعد سقوط نحو 40 ألف شهيد فلسطيني وشنّ عشرات الآلاف من الضربات الجوية -وفق وزارة الصحة في غزة- كانت الحكومة قد فتحت تحقيقًا في 413 حادثة فقط، ووجدت احتمال خرقٍ للقانون في واقعة واحدة، هي قصف فرق «وورلد سنترال كيتشن» الذي أسفر عن مقتل سبعة عمال إغاثة.

وأثار هذا النهج الحقوقي انتقادات حادة، إذ اعتبرت منظمة «الحق» أنّ التركيز على كل حادثة منفردة يتجاهل «النمط العام» للهجمات، وهو معيار أساسي للحكم على التناسب في القانون الإنساني الدولي.

ورغم ذلك، زعمت الحكومة البريطانية أنها «لا تملك معلومات كافية» عن ظروف كل ضربة لتحديد وجود انتهاك، متمسكة بنص التشريع البريطاني الذي يمنع إصدار تراخيص تصدير حين توجد «مخاطرة واضحة» باستخدام السلاح في انتهاكات خطيرة.

الصناعات الدفاعية البريطانية والرابح الأكبر

تمثل مقاتلات F‑35 ركيزةً للاقتصاد الدفاعي البريطاني؛ إذ تحوز الشركات البريطانية 16.2 في المئة من مجمل عقود الباطن في البرنامج، لتأتي بريطانيا في المرتبة الثانية بعد الولايات المتحدة.

وتبرز شركة «بي إيه إي سيستمز» بوصفها أكبر مستفيد، مع عقود تفوق قيمتها 5.7 مليار دولار، إلى جانب شركات «مارتن‑بيكر» لمقاعد القذف، و«جي إي أفييشن سيستمز»، و«ألترا بي سي إس».

وبموجب الحكم الأخير، تستمر شحنات المكونات إلى مخزون التوريد العالمي، الذي يُتوقع أن تستفيد منه إسرائيل في عملياتها العسكرية، ما يثير تساؤلات جديدة عن مدى فعالية نظام تصدير الأسلحة البريطاني، وقدرته على موازنة مصالح الصناعة الدفاعية مع التزاماته الإنسانية والقانونية على الساحة الدولية.

وجهة نظر منصة العرب في بريطانيا

إنّ قرار المحكمة العليا البريطانية، الذي أقرّ شرعية تصدير مكونات مقاتلات F‑35 إلى إسرائيل رغم الأدلة الدامغة على استخدامها في قصف المدنيين الفلسطينيين، يمثل نكسة أخلاقية وقانونية فادحة في سجل المملكة المتحدة.
فبينما تتحدث الحكومة عن التزامها بالمعايير الدولية وحقوق الإنسان، تُغَلَّب اعتبارات الربح الصناعي والتبعية الاستراتيجية لحلف الناتو على أرواح عشرات الآلاف من الأبرياء الذين استشهدوا تحت القصف والعدوان الإسرائيلي.

وترى منصة العرب في بريطانيا أنّ هذا الحكم القضائي يعكس عجزًا متزايدًا في محاسبة الحكومة على سياستها الخارجية، ويُظهر انفصالًا مقلقًا بين القيم الديمقراطية المعلنة والتطبيق العملي لها عندما يتعلق الأمر بدعم الاحتلال الإسرائيلي. كما يبعث برسالة خاطئة إلى العالم مفادها أن العدالة يمكن أن تُعلّق عندما تتعارض مع مصالح اقتصادية أو سياسية، ولو كان الثمن دماء الأطفال والنساء في غزة.

وتؤكد المنصة أنّ استمرار تصدير السلاح إلى كيان متهم بارتكاب جرائم حرب يُقوّض مكانة بريطانيا الأخلاقية على الساحة الدولية، ويدعو إلى مراجعة شاملة لسياسة التراخيص العسكرية البريطانية بما يضمن ألا تكون أسلحة المملكة المتحدة أداةً في مآسي الشعوب، بل وسيلة لحفظ الأمن والسلم الدوليين، كما تدّعي الحكومة.

المصدر: الغارديان


اقرأ أيضًا:

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
2:38 am, Jul 10, 2025
temperature icon 19°C
overcast clouds
70 %
1022 mb
6 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 97%
Visibility 10 km
Sunrise 4:55 am
Sunset 9:16 pm