عشرات المجالس المحلية في بريطانيا على حافة الإفلاس لهذا السبب

تواجه المجالس المحلية في إنجلترا خطر الإفلاس الوشيك نتيجة تراكم عجز مالي ضخم في قطاع التعليم الخاص وذوي الإعاقة (Send)، وسط نظام يعاني من فشل هيكلي وتضارب في الرؤى بين الحكومة والمجالس المحلية من جهة، وأولياء الأمور والناشطين من جهة أخرى.
وكشف تحقيق أجرته صحيفة الغارديان عن أن المجالس المحلية تتجه نحو تجاوز ميزانياتها المخصصة لخدمات Send بنحو ملياري باوند خلال العام المقبل، وهو ما سيرفع العجز التراكمي إلى ما لا يقل عن 5.2 مليارات باوند بحلول 31 مارس 2026. ويُعد هذا التاريخ مفصليًا، إذ يُتوقع أن يُعاد إدراج هذا الدين، الذي جرى إخفاؤه خارج دفاتر الحسابات العامة عبر حيلة محاسبية منذ سبع سنوات، في الميزانيات الرسمية للمجالس، الأمر الذي قد يدفع العشرات منها إلى الإفلاس الفوري.
مأزق حكومي واستراتيجيات غير فعالة

ويواجه صناع القرار في وايتهول مأزقًا متفاقمًا، لا يقتصر على إدارة المديونية المتراكمة، بل يمتد إلى وضع حد للتزايد المستمر في الإنفاق على قطاع Send، في وقت تتصاعد فيه الحاجة إلى خدمات الدعم، دون بوادر على انحسارها. ورغم غياب الحلول السريعة، تظل الحاجة ملحة إلى إصلاح شامل يتجاوز المعالجات الجزئية.
وفي محاولة سابقة للسيطرة على تصاعد الإنفاق، قُدمت منح تُعرف باسم “صمامات الأمان” إلى عشرات المجالس، بلغت قيمتها ملايين الباوندات، بدعم من وزارة التعليم، بهدف تطوير آليات أكثر فعالية لإدارة الطلب المتزايد من الأسر على خطط الدعم الخاصة. غير أن معظم هذه المبادرات فشلت في تحقيق الهدف المنشود المتمثل في خفض النفقات.
من أصل 131 مجلسًا محليًا استجابوا لتحقيق الغارديان، وقّع 79 منها على اتفاقيات منح مع الوزارة، غير أن ثلاثة مجالس فقط تتوقع تحقيق توازن مالي العام المقبل. وتؤكد بعض المجالس التي نجحت نسبيًا في الاقتراب من نقطة التعادل المالي، أنها ستعود سريعًا إلى دوامة العجز بمجرد انتهاء الدعم الحكومي.
مجلس مدينة يورك يُعد الاستثناء الوحيد، إذ يتوقع أن يتحول العجز المتراكم في ميزانيته إلى فائض خلال العام المقبل، لكنه لا يُخفي شكوكه حيال الاستمرارية. وقال بوب ويب، عضو المجلس التنفيذي المسؤول عن الأطفال والشباب والتعليم: “ما لم يشهد النظام تغييرًا جذريًا، سنعود إلى العجز خلال فترة وجيزة”.
صدام متوقع مع الأهالي والناشطين

غير أن أي محاولة لتغيير النظام قد تقود إلى صدام مباشر مع أولياء الأمور والمجموعات المدافعة عن حقوق الأطفال ذوي الإعاقة. فالمجالس تطالب بتعديلات قانونية تمنحها صلاحيات أوسع لتحديد المستحقين للدعم التخصصي، واختيار أماكن تلقيهم التعليم. لكن الأسر ترى في ذلك خطوة نحو تقنين الإقصاء وتقييد الوصول إلى خطط التعليم والصحة والرعاية (EHCPs)، وهي التقييمات الرسمية التي تمنح الأطفال حقًا قانونيًا في الحصول على دعم Send.
وتقول الناشطة تانيا تيراورو، من مجموعة Special Needs Jungle: “الأهالي يصطدمون بجدار صلب وهم يحاولون الحصول على الدعم من المدارس، ويُقابلون بالرفض مرارًا”. وأضافت: “من غير المقبول تحميل الأهل مسؤولية الأزمة المالية للمجالس، في حين أن المشكلة الجذرية تكمن في عجز النظام العام عن تلبية احتياجات الطلاب”.
ودعت تيراورو الحكومة إلى شطب ديون المجالس بشكل كامل، ومواصلة هذا الإجراء إلى أن ينجح نظام جديد قائم على التدخل المبكر والشمول الحقيقي في معالجة المشكلة من جذورها.
وقد جرى تخصيص مليار باوند إضافي لخدمات Send، مع خطة لإضافة عشرة آلاف مقعد متخصص داخل المدارس العامة، كجزء من توجه حكومي أوسع لإصلاح النظام. ومن المرتقب أن تُنشر ورقة بيضاء خلال الصيف المقبل، لكن تبقى معضلة العجز المالي قائمة دون قرارات واضحة بشأن سبل معالجتها.
بين الإنقاذ المؤقت والشلل المؤسسي

في هذا السياق، وصفت جاين هايمان، مديرة شؤون Send والإدماج في مجلس مقاطعة نورفولك، النظام الحالي بأنه “منهار”، مؤكدة أنه “يضع الأهالي في مواجهة مباشرة مع المدارس”. وأشارت إلى أن عجز نورفولك من المتوقع أن يصل إلى 183 مليون باوند خلال عام، متوقعة أن تتدخل الحكومة لإنقاذ المجلس، قائلة: “لا يمكن تجاهل الوضع”.
لكن الرؤية لا تحظى بإجماع. إذ يرى مايك كوكس، نائب رئيس مجلس بورنماوث وكرايستشيرش وبول، أن الحكومة ستواصل تأجيل الحلول، في وقت يُتوقع فيه أن يرتفع العجز في المجلس إلى 168 مليون باوند بحلول 31 مارس 2026، بزيادة قدرها 60 مليون باوند خلال عام واحد. وأوضح: “الحكومة ستستمر في ركل العلبة إلى الأمام، لكن الفارق الوحيد أن العلبة ستصبح أكبر وأصعب على الركل”.
إقرأ أيَّضا
الرابط المختصر هنا ⬇