المجاعة في غزة: هل سنواصل مشاهدة سكان غزة يموتون جوعًا؟

أكد الكاتب والصحفي رمزي بارود أن الوضع في قطاع غزة اليوم يعكس بوضوح العدوان الإسرائيلي، حيث تستخدم إسرائيل الجوع كتكتيك سياسي ضد سكان غزة، وهو ما يُعد انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي. وأضاف بارود أن إسرائيل تسعى من خلال تجويع مليوني فلسطيني في غزة إلى الضغط على الفصائل الفلسطينية للتنازل سياسيًا.
الوضع الإنساني في غزة: أسوأ ما شاهدته الحرب

وأشار بارود إلى أن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) قد وصف في 23 أبريل 2024 الوضع الإنساني في غزة بأنه “الأسوأ على الإطلاق في تاريخ الحرب”، لكن على الرغم من خطورة هذا الوضع، فإن المجتمع الدولي غالبًا ما يعامل هذه التصريحات باعتبارها أخبارًا روتينية، دون اتخاذ خطوات فعّالة أو جادة لمعالجة الأزمة.
وأوضح بارود أن الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، من حيث خرقها للقوانين الدولية والإنسانية المتعلقة بالاحتلال، هي من الحقائق الثابتة، لكن هناك بعدًا جديدًا من الاستثنائية يظهر في تصرفات إسرائيل، يتمثل في قدرتها على فرض الحصار والجوع على مليوني شخص في غزة لفترات طويلة، في محاولة للضغط على الفلسطينيين. وأكد أن البعض بدأ في الدفاع عن هذا التكتيك الإسرائيلي، وهو ما يثير تساؤلات بشأن كيفية تجاهل هذا الواقع المرير.
وتواصل إسرائيل تنفيذ سياسة الحصار والعقاب الجماعي دون عقاب من المجتمع الدولي، حيث تبدو هذه الممارسات وكأنها “تجربة قاسية ومطولة” في التعامل مع السكان الفلسطينيين في غزة، في حين يتابع العالم هذا الوضع بدرجات متفاوتة من الغضب أو العجز أو التجاهل الكامل.
دور المجتمع الدولي: فرض القوانين أو تقديم المساعدات

وفيما يتعلق بدور المجتمع الدولي، شدد بارود على أهمية فرض القوانين الدولية وإجبار إسرائيل على السماح بإيصال المساعدات الإنسانية الأساسية مثل الطعام والماء إلى سكان غزة الذين يعانون من الجوع. وقال إن حتى هذه الاحتياجات الأساسية باتت بعيدة المنال بعد سنوات طويلة من التقليل من التوقعات.
وفي 28 أبريل 2024، خلال جلسات الاستماع في محكمة العدل الدولية في لاهاي، ناشد ممثلون من عدة دول المحكمة بتوجيه إسرائيل لوقف سياسة تجويع الفلسطينيين. وقال الممثل الجنوب أفريقي جايميون هندريكس إن إسرائيل “لا يجوز لها معاقبة الشعب الفلسطيني بشكل جماعي”، بينما أضاف السفير السعودي محمد سعود الناصر أن إسرائيل قد حولت غزة إلى “كومة من الأنقاض غير القابلة للعيش، وقتلت آلاف الأبرياء”.
تسليح المساعدات الإنسانية: استراتيجية إسرائيلية ممنهجة
وأشار بارود إلى أن العديد من الدول مثل الصين ومصر والجزائر وجنوب أفريقيا أكدت على ضرورة أن توقف إسرائيل سياسة تجويع الفلسطينيين. وتابع أن فيليب لازاريني، رئيس الأونروا، كان قد أكد في وقت سابق أن إسرائيل تستخدم “تسليح المساعدات الإنسانية” كجزء من هذه السياسة.
وأوضح بارود أن إسرائيل نفسها قد أعلنت عن هذه السياسة من خلال تصريحات رسمية، حيث أعلن وزير الدفاع الإسرائيلي السابق، يوآف جالانت، في 9 أكتوبر 2023 عن فرض “حصار كامل” على قطاع غزة، بعد يومين فقط من بدء الحرب، قائلاً: “نحن نفرض حصارًا كاملاً على غزة. لا كهرباء، لا طعام، لا ماء، لا وقود – كل شيء مغلق”. وأضاف بارود أن هذا التصريح لم يكن مجرد غضب عابر، بل كان جزءًا من سياسة إسرائيلية ممنهجة.
وهذا التصعيد لم يقتصر على إغلاق المعابر ومنع المساعدات، بل استهدفت القوات الإسرائيلية المدنيين الفلسطينيين الذين كانوا يتجمعون للحصول على المساعدات، حيث قصفوا شاحنات المساعدات والمخابز. وذكر بارود حادثًا مروعًا وقع في 29 فبراير 2024، حيث أسفر القصف الإسرائيلي عن استشهاد 112 فلسطينيًا وإصابة 750 آخرين في مدينة غزة.
مجازر الدقيق: استراتيجية تجويع متعمدة
كما أشار إلى ما عُرف بـ “مجازر الدقيق”، حيث استهدفت إسرائيل بشكل ممنهج المخابز ومرافق توزيع المساعدات، في محاولة للتسبب في مجاعة جماعية في غزة. وأضاف أن إسرائيل قد استهدفت أيضًا قافلة المساعدات التابعة للمطبخ المركزي العالمي في 1 أبريل 2024، ما أدى إلى مقتل ستة من عمال الإغاثة الدوليين وسائقهم الفلسطيني.
ورغم هذه المحاولات الصارمة لإجبار سكان غزة على التنازل، أوضح بارود أن سكان غزة لم يكسروا بعد، حيث بدأ مئات الآلاف منهم في العودة إلى منازلهم المدمرة في الشمال، رغم الحصار والتجويع.
نقض وقف إطلاق النار: تجويع كوسيلة حرب
وأشار إلى أن إسرائيل في 18 مارس 2024 نقضت اتفاقًا لوقف إطلاق النار كان قد تم التوصل إليه بعد مفاوضات مكثفة، وواصلت سياسة التجويع كوسيلة ضغط. ومع ذلك، لم يكن هناك أي إدانة قوية من قبل الحكومات الغربية بشأن هذا التصعيد الإسرائيلي.
وختم بارود مقاله بالتأكيد على أن استخدام التجويع كوسيلة حرب هو جريمة حرب بموجب القانون الدولي، وفقًا لنظام روما الأساسي. ولكن مع ذلك، فإن المجتمع الدولي قد فشل في تطبيق هذه القوانين أو حتى الإدانة الجادة لهذه الانتهاكات.
وأشاد بارود في ختام مقاله بالأمل في أن يدفع التعاطف البشري الأساسي، بعيدًا عن الأطر القانونية، إلى تقديم المساعدات الأساسية مثل الدقيق والسكر والماء لسكان غزة. ولكن إذا استمر فشل المجتمع الدولي في ضمان هذه المساعدات، فقد يصبح هذا الأمر محط تساؤل بشأن إنسانيتنا المشتركة لسنوات قادمة.
المصدر: morningstaronline
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇