أبرز عناوين الصحف البريطانية ليوم الثلاثاء 23 يونيو 2025

لم تمر الزيادة المفاجئة في تكلفة ترميم مجمع “جولدن لين” السكني مرور الكرام على الصحف البريطانية، بل تصدّرت العناوين الأولى وأثارت سيلًا من التحليلات والأسئلة السياسية والاقتصادية.
من التلغراف إلى فايننشال تايمز، مرورًا بـ ديلي ميل والغارديان، عبّرت التغطيات عن قلق متزايد بشأن الفجوة بين التقديرات الأولية والتكلفة النهائية، محذّرة من أزمة أوسع تتعلق بغياب الشفافية وسوء الإدارة المحلية. وفيما رأى البعض أن القضية تعبّر عن خلل إداري، ذهبت صحف أخرى إلى التشكيك في سلامة العقود، وطرحت أسئلة أكثر جرأة حول المحاسبة وحقوق السكان.
فيما يلي، نستعرض أبرز ما تناولته الصحف البريطانية بشأن هذا الملف الذي تحوّل من مشروع ترميم عقاري إلى قضية رأي عام.
أبرز عناوين الصحف البريطانية
صحيفة التلغراف:
بحسب صحيفة التلغراف، خُصّص في البداية مبلغ 29 مليون باوند لأعمال التحديث في مجمع “جولدن لين”، الذي يعود إلى خمسينيات القرن الماضي، بهدف استبدال النوافذ، تحسين العزل الحراري، وترميم الواجهات الخارجية. لكن بعد انطلاق الأعمال، كشفت مراجعة شاملة عن مشاكل هيكلية خطيرة، أدّت إلى إعادة تقدير المشروع بقيمة بلغت 105 ملايين باوند. وبهذا تضاعفت التكلفة إلى أكثر من ثلاثة أضعاف دون تحضيرٍ مسبق أو تواصل فعّال مع السكان.
صحيفة الغارديان:
أفادت صحيفة الغارديان أن السكان يعيشون حالة من الاستياء، خاصة مع غياب أي إشارات مسبقة عن هذه الزيادة الضخمة. وقال أحدهم: “قُدم لنا المشروع كتحسين ضروري، لا ككارثة مالية”. ومع الحديث عن احتمال تحميل السكان جزءًا من التكلفة عبر رسوم إضافية، يزداد القلق من أن يصبح مشروع الترميم عبئًا ماليًا على العائلات ذات الدخل المحدود.
صحيفة التايمز:
أشارت صحيفة التايمز إلى أن المجلس حمّل الظروف الاقتصادية العالمية جزءًا من المسؤولية، بما في ذلك ارتفاع أسعار مواد البناء، واضطراب سلاسل التوريد بعد “بريكست”، والتضخم المتسارع. كما أوضحت الصحيفة أن التأخيرات الناجمة عن تصاريح البناء وخلافات التعاقد ساهمت في تعقيد المشروع وتضخيم تكلفته النهائية.
صحيفة فايننشال تايمز:
ربطت فايننشال تايمز هذه الزيادة المفرطة بأزمة أوسع تعاني منها السلطات المحلية في إنجلترا، مشيرة إلى أن سنوات التقشف أدت إلى تآكل القدرة المؤسسية للمجالس على التخطيط السليم. وأكدت الصحيفة أن الفجوة المتسعة بين التقديرات الأولية والتكلفة الفعلية لمشاريع البنية التحتية تهدّد بخلق أزمة ثقة وطنية في إدارة المال العام.
صحيفة آي The i:
في تغطيتها، ركزت صحيفة آي على احتمال تحميل السكان العبء المالي، لا سيما مع غياب خطة واضحة من المجلس لتغطية العجز. وأضافت أن المجلس لم يُفصح حتى الآن عن أية ضمانات تحمي المستأجرين من تحمل نفقات إضافية، الأمر الذي يثير مخاوف حقيقية من ترحيل الفاتورة إلى الفئات الأضعف.
صحيفة ديلي ميل:
طرحت صحيفة ديلي ميل تساؤلات سياسية حول أداء المجالس المحلية، ووصفت ما جرى بأنه “نموذج مصغّر للفوضى الإدارية التي تعاني منها مؤسسات الحكم المحلي”. ودعت الصحيفة إلى إجراء مراجعة شاملة لأنظمة التخطيط والرقابة، محذّرة من أن تضاعف النفقات دون مساءلة يشكّل سابقة خطيرة في إدارة الشأن العام.
صحيفة ديلي إكسبريس:
ذهبت صحيفة ديلي إكسبريس إلى أبعد من ذلك، متسائلة عما إذا كان هناك “سوء تقدير فادح أم تواطؤ مالي؟”. وذكرت مصادر مطّلعة للصحيفة أن بعض العقود رُفعت قيمتها دون وجود مبررات فنية واضحة، مما دفع بالمجلس إلى الالتفاف على المطالبات بفتح تحقيق مالي مستقل.
ديلي ميرور:
في تغطيتها، اعتبرت ديلي ميرور أن الأرقام الجديدة بمثابة “تحذير صارخ من أن جيلًا بأكمله يُترك خلفه”، مشيرة إلى أن الأطفال في أفقر الأحياء يُتركون فريسة للأغذية الرخيصة والمصنعة دون بدائل حقيقية. وانتقدت الصحيفة “تواطؤ الحكومة مع المصالح الكبرى”، متسائلة: “كيف لدولة تعتبر نفسها متحضرة أن تسمح بأن يصبح نصف أطفالها غير قادرين على الجري أو اللعب؟”.
ذا صن:
أما ذا صن، فقد ركزت على العلاقة بين سوء النظام الغذائي والإهمال المؤسسي، وكتبت تحت عنوان: “من ساحة المدرسة إلى طوابير المستشفيات”، أن الأطفال الذين يُفترض أن يلعبوا في الحدائق ينتهي بهم الأمر في عيادات السمنة. كما تساءلت الصحيفة: “كيف تُنفق البلاد مليارات باوندات على إعلانات الأغذية الرديئة، بينما تفشل في تمويل حصص الرياضة في المدارس؟”.
ديلي ستار:
وفي تغطية أكثر بساطة لكنها لاذعة، قالت ديلي ستار إن “الأطفال البريطانيين لم يعودوا قادرين على الركض، ليس فقط بسبب وزنهم، بل لأن الحدائق مهددة بالتقليص، والأنشطة الرياضية تُختصر لصالح الرياضيات والتكنولوجيا”. وأضافت الصحيفة: “الطفولة لم تعد مساحة للّعب، بل باتت معركة ضد الشاشات والسكريات”.
صحيفة المترو:
وكتبت صحيفة المترو أن ما يثير الاستغراب أكثر من الزيادة المفاجئة في الكلفة هو “الصمت الرسمي” من جانب مجلس المدينة، رغم تزايد الاحتجاجات الشعبية. وقد بدأت حملات توقيع عرائض تطالب بتحقيق مستقل وبوقف تحميل السكان أي تكاليف إضافية حتى انتهاء التحقيق.
خاتمة وموقف:
تكشف أزمة “جولدن لين” عن أكثر من خلل في التقدير الهندسي أو المالي؛ إنها مرآة لعطب أعمق في بنية الإدارة المحلية البريطانية. حين تتضخم التكلفة إلى ثلاثة أضعاف دون تفسير شفاف، وحين يُترك المواطن في العراء أمام فاتورة لا يعلم من كتبها ولا من سيوقّعها، تصبح المساءلة ضرورة سياسية لا مجرد خيار إداري.
لندن بحاجة إلى أكثر من نوافذ جديدة وجدران مرمّمة.
إنها بحاجة إلى ترميم الثقة.
إلى مساءلة تبدأ من البلديات ولا تنتهي عند البرلمان.
إلى إدارة لا تُخفي الأرقام خلف أبواب الاجتماعات، بل تضعها في متناول الناس… لأن ما يُبنى بمال الشعب، يجب أن يُدار أمام أعين الشعب.
المصدر بي بي سي نيوز
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇