دراسة: ربع البالغين في بريطانيا يعانون من مشكلات نفسية

كشفت دراسة جديدة نُشرت بالتزامن مع أسبوع التوعية بالصحة النفسية عن مدى تفاقم الأزمة النفسية التي تشهدها بريطانيا، إذ أظهرت البيانات أن ربع البالغين في بريطانيا يعانون من مشكلات نفسية، ولا يحصلون على العلاج المناسب.
وبيّنت الدراسة أن أكثر من 14 مليون شخص بالغ في بريطانيا حاولوا الحصول على دعم نفسي خلال السنوات الخمس الماضية، وهو ما يعكس تصاعد الطلب على خدمات الصحة النفسية إلى مستويات غير مسبوقة.
ضياع وبداية غير واضحة
ورغم الاعتراف المتزايد بأهمية الصحة النفسية، فإن الطريق إلى الدعم لا يزال غامضًا لكثيرين. فقد أقر 24 في المئة من المشاركين في الدراسة بأنهم لم يعرفوا من أين يبدؤون عند شعورهم بالحاجة إلى مساعدة نفسية.
كما أشار واحد من كل ثلاثة أشخاص -أي أكثر من 4.5 مليون شخص- إلى أنهم واجهوا صعوبات في الوصول إلى الدعم من خلال خدمات الصحة الوطنية (NHS)، وهو ما يشير إلى فجوة كبيرة بين الحاجة إلى العلاج وتوفره.
“هذه أزمة صامتة”
وفي هذا السياق وصف هنري أندرسون، المؤسس المشارك لمنصة (Finbogo) التي كُلفت بإجراء هذه الدراسة، الوضع القائم بـ”الأزمة الصامتة”، مضيفًا: “هؤلاء ليسوا مجرد أرقام، بل أشخاص حقيقيون بحاجة ماسة إلى العلاج، لكن نظام الرعاية الصحية العامة يخفق في تلبية احتياجاتهم”.
ومن بين الذين تمكنوا من الحصول على دعم عبر خدمات هيئة الصحة الوطنية (NHS)، قال 47 في المئة: إنهم غير راضين عن الرعاية التي تلقوها.
وتفاوتت أسباب عدم الرضا بين أوقات الانتظار الطويلة (52 في المئة)، ونقص الخدمات النفسية في المناطق المحلية (27 في المئة)، والحيرة في اختيار نوع العلاج أو المعالج المناسب (28 في المئة).
الضغوط تتزايد على النظام الصحي
يشار إلى أن وباء كورونا وأزمة غلاء المعيشة ساهما في زيادة مستويات القلق والاكتئاب بين المواطنين، ما فاقم الضغط على خدمات الصحة النفسية العامة.
ومع أن الطلب على الدعم النفسي بلغ مستويات غير مسبوقة، لم يتمكن النظام الصحي العام من مواكبة هذا التزايد، ما أدى إلى اعتماد متزايد على وصف الأدوية باعتباره حلًّا افتراضيًّا.
ووفقًا للدراسة، قال 29 في المئة من المشاركين: إنهم تلقوا وصفات دوائية بدلًا من العلاج النفسي أو الدعم العلاجي المتخصص، وهو ما يطرح تساؤلات عن فعالية الأسلوب العلاجي المستخدم.
العلاج الخاص.. حلم بعيد المنال
أما الذين يستطيعون تحمل كلفة العلاج النفسي الخاص، فيواجهون عقبة أخرى تتمثل في صعوبة اختيار المعالج المناسب من بين آلاف المعالجين المتاحين عبر الإنترنت.
ووصفت نسبة 28 في المئة من المشاركين عملية اختيار المعالج بأنها مخيبة للآمال أو مربكة، ما يسلط الضوء على الحاجة إلى أدوات ترشد الأشخاص نحو الخيارات المناسبة لهم.
“العلاج ليس مقاسًا واحدًا للجميع”
من جانبها أكدت المعالجة النفسية ماهين حميدي، المسجلة في الجمعية البريطانية للإرشاد والعلاج النفسي (BACP)، أن العلاج النفسي يجب أن يكون مخصصًا لكل فرد على حدة.
وأضافت: “لقد تعاملت مع حالات متنوعة من الحزن، والصدمات النفسية، والتنوع العصبي، والإدمان، وسوء المعاملة. وكثير من الأشخاص الذين يصلون إليّ يكونون قد مروا بتجارب من التجاهل أو عدم القدرة على الوصول إلى خطة العلاج التي يحتاجون إليه”.
وتابعت: “الناس بحاجة إلى دعم آمن ومتخصص، لا إلى حلول عامة لا تناسب احتياجاتهم الفردية”.
تراجع الثقة بالخدمات العامة
أظهرت الدراسة كذلك تحولًا واضحًا في اتجاهات الرأي العام، إذ أشار 82 في المئة من المشاركين إلى أنهم قد يفضلون العلاج النفسي الخاص على خدمات هيئة الصحة الوطنية (NHS) إذا لم تكن هناك عوائق مالية. وهذا التوجه يُبرِز حالة من التراجع في الثقة بالخدمات الحكومية، لا سيما في ظل التأخر في المواعيد وندرة المختصين في بعض المناطق.
مبادرات جديدة لسد الفجوة
لمواجهة هذا الواقع، أُطلِقت مبادرات مثل منصة (Finbogo)، التي تستهدف مساعدة الأفراد في العثور على نقطة الانطلاق نحو العلاج النفسي المناسب. ويوضح هنري أندرسون مؤسس المنصة: “أنشأنا منصة (Finbogo) للإجابة عن السؤال الأساسي الذي يواجهه معظم الناس: من أين أبدأ؟”.
وفي السياق ذاته، قالت المعالجة النفسية ماهين حميدي: “أومن أن لكل شخص الحق في الحصول على العلاج عندما يحتاج إليه، ومن خلال معالج يستطيع فهم حالته وتقديم خطة علاج مخصصة. منصة (Finbogo) لا تستهدف استبدال هيئة الصحة الوطنية (NHS)، بل إلى دعمها وتمكين الناس من السيطرة على رعايتهم النفسية”.
المصدر: HT World
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇