الصحة البريطانية تبدأ حملة ضخمة لتوفير إبر إنقاص الوزن.. من سيحصل عليها؟

أطلقت هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية (NHS) حملة واسعة لتقديم حقن “مونجارو” (Mounjaro) لخفض الوزن، في خطوة غير مسبوقة تستهدف محاربة معدلات السمنة المتفاقمة التي تفتك بقطاع الصحة وتحمّل موازنته أعباءً ضخمة كل عام. غير أن أطباء وصيادلة بريطانيين حذّروا من أن الطلب على هذه الحقن سيتجاوز طاقة النظام الحالي، ما سيُجبر مئات آلاف المرضى على الاستمرار في الحصول على العقار عبر القطاع الخاص، وبأسعار مرتفعة.
الصحة البريطانية تُطلق حملة ضخمة بشروط مشدّدة
وبدءًا من هذا الأسبوع، سُمح للأطباء العامين في إنجلترا بوصف عقار “مونجارو”، الذي تنتجه شركة “إيلي ليلي”، للمرضى الذين يعانون من سمنة مفرطة تؤثر على صحتهم، على أن تتوافر الحقن عبر نظام الصحة الوطنية لنحو 220 ألف مريض على مدار السنوات الثلاث المقبلة.
ويأتي العقار، الذي يُوصف بلقب “كينغ كونغ الحقن التخسيسية”، بعدما أظهرت التجارب السريرية قدرته على مساعدة الأشخاص على خسارة نحو 20 في المئة من وزنهم، وذلك من خلال خفض مستويات السكر بالدم وإبطاء عملية الهضم.
لكن المرحلة الأولى من التوزيع ستُركّز على مَن تجاوز مؤشر كتلة الجسم لديهم 40 (حالة السمنة المفرطة)، على أن تترافق هذه الحالة الصحية مع أربعة أمراض على الأقل مرتبطة بالسمنة، مثل السكري من النوع الثاني، وارتفاع ضغط الدم، وأمراض القلب، أو توقف التنفس أثناء النوم.
وتمثّل هذه المرحلة أول تدخل مباشر للأطباء العامين في وصف علاجات السمنة، إذ كانت محصورة قبل ذلك بخدمات متخصصة. لكن كثيرًا من الأطباء أبدوا تخوفًا من عدم توفّر الموارد المالية والدعم اللازم لاستيعاب الطلب الكبير على العقار، محذرين من أن مواعيد الانتظار على قائمة العلاج الوطني قد تصل إلى 12 عامًا.
وبهذا الصدد قالت الدكتورة كاميلا هاوثورن، رئيسة كلية طب العموم الملكية: إن “الأطباء يُقدّرون الفوائد الصحية المحتملة للعقار، لكنهم قلقون بشأن تأثير المرحلة على العمل الطبي اليومي، وكذلك على التدريب اللازم لإدارة هذه العلاجات بفعالية”.
أما أحد الأطباء العامين من شرق ساسكس، فلم يُخفِ خشيته من “تزايد غير مبرر للطلب على العقار، ما سيؤثر سلبًا على الوقت المخصص للحالات الصحية الأخرى، ويؤخر تقديم العلاجات المُلحّة لمرضى آخرين”. وأضاف: “ليس من المنطق تقديم علاج يشمل عددًا محدودًا من الأشخاص، بينما يشمل خطر السمنة شريحة واسعة من المجتمع، بل ويؤثر على الصحة الوطنية ككل”.
فجوة صحية تهدد مئات الآلاف من البريطانيين
من جهته حذّر أوليفييه بيكار، رئيس الجمعية الوطنية للصيادلة، من أن الطلب على العقار يشهد ارتفاعًا كبيرًا قبل المرحلة الرسمية من توزيعه على النظام الوطني. وقال: “الصيادلة يجدون صعوبة متزايدة في تلبية الطلب على العقار عبر القطاع الخاص، وذلك قبل المرحلة الرسمية من توزيعه على النظام الوطني. ورغم التخطيط المبكر للحملة، تبقى المرحلة محدودة، ما سيدفع مزيدًا من المرضى لشراء العقار على نفقتهم”.
هذا وكشف تقرير أخير عن حجم الفجوة الصحية التي ستتركها المرحلة الأولى للحملة، إذ صنّف المعهد الوطني للتميّز الطبي (NICE) نحو 3.4 مليون بريطاني ضمن الفئة التي ينبغي أن تتلقى العقار وفقًا لمؤشر كتلة الجسم وحالتهم الصحية. غير أن المرحلة البطيئة للحملة من المتوقع أن تؤجل مواعيد الحصول على العقار لما يزيد على 12 عامًا، ما يزيد من الفوارق الصحية على أساس الموقع الجغرافي، حيث تصل مواعيد الانتظار للإحالة عبر الطبيب العام إلى عامين في بعض المقاطعات.
وشددت الدكتورة كلير فولر، المديرة الوطنية للرعاية الصحية الأولية بهيئة الصحة الوطنية، على ضرورة دمج العقار ضمن منظومة واسعة من خدمات الدعم الصحية، تتضمن تقديم المشورات حول النظام الغذائي المناسب، وتشجيع النشاط البدني، وتقليل خطر الإصابة بالأمراض المزمنة على المدى الطويل. وأضافت: “ليس كل مَن يعاني من السمنة مؤهلًا للحصول على العقار، لذلك من المهم أن يناقش كل مَن يقلق على تأثير الوزن على صحته الأمر مع طبيبه المختص، للحصول على الحل المناسب له”.
رأي منصة العرب في بريطانيا
ترى منصة العرب في بريطانيا أن هذه المرحلة من توفير العقاقير الصحية عبر النظام الوطني تُمثّل خطوة مهمة على طريق مكافحة السمنة وتحسين جودة حياة مئات الآلاف من المقيمين في بريطانيا، لكن تباطؤ التطبيق ومحدودية الموارد يُشكّلان تحديًا حقيقيًّا يُهدّد بتوسيع الفجوة الصحية وتعزيز مبدأ “اليانصيب الجغرافي” للحصول على العلاج المناسب. وتدعو المنصة إلى ضرورة تطوير سياسات الصحة العامة وفق مبدأ العدالة الصحية، وضخّ مزيد من الموارد والدعم، وضمان عدم اقتصار الحل على العقاقير الدوائية، بل توسيع دائرة التوعية الصحية وتحسين خدمات الدعم الغذائي والنفسي للحيلولة دون تفاقم هذه الظاهرة الصحية على مستوى المملكة المتحدة.
المصدر: آي نيوز
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇