المدن البريطانية قد تبدأ فرض رسوم على السياح.. إليك التفاصيل الكاملة

في خطوة تهدف إلى تعزيز استقلالية المدن البريطانية ماليًّا ودعم بنيتها التحتية السياحية، دعا عدد من رؤساء البلديات في إنجلترا الحكومة إلى السماح للسلطات المحلية بفرض ضريبة سياحية على الزوار، على غرار النموذج المعتمد في مدينة برشلونة وعدد من المدن الأوروبية الكبرى.
ويقود هذه المبادرة عمدة منطقة ليفربول الكبرى، ستيف روذرهام، الذي يرى في هذه الضريبة وسيلة لإطلاق مصادر تمويل محلية ضرورية لتمويل مشاريع الثقافة والسياحة، وتحقيق نمو إقليمي متوازن يقلّل الاعتماد على خزينة الدولة المركزية.
تحالف رؤساء البلديات يضغط على الحكومة
وجّه رؤساء بلديات المدن الكبرى رسالة إلى وزيرة الثقافة ليزا ناندي ووزيرة الخزانة رايتشل ريفز، طالبوا فيها بسنّ تشريعات جديدة تسمح للمدن والسلطات المحلية بفرض رسوم على الإقامات السياحية، تُدار محليًّا وتُوظف لخدمة المجتمع مباشرة.
ووقّع على الرسالة إلى جانب روذرهام كلٌّ من:
- آندي بورنهام، عمدة مانشستر الكبرى
- صادق خان، عمدة لندن
- كيم ماكغينيس، عمدة شمال شرق إنجلترا
- ريتشارد باركر، عمدة منطقة ميدلاند الغربية
- تريسي بربين، عمدة ويست يوركشاير
واقترح الموقعون أن يُدرَج هذا التعديل ضمن قانون تفويض السلطات في إنجلترا أو قانون مالي خاص، يمنح الإدارات المحلية حرية تصميم وتنفيذ ضريبة سياحية خاصة بها.
مصادر دخل جديدة بدون أعباء إضافية على الدولة
وبحسب تقديرات رؤساء البلديات، فإن فرض رسم يتراوح بين 1 و5 باوندات لليلة الواحدة في مدينة مثل مانشستر الكبرى، من شأنه أن يُدرّ دخلًا يتراوح بين 8 و40 مليون باوند سنويًّا. ويمكن توجيه هذه العائدات إلى مشاريع حيوية مثل إعادة تأهيل ملعب أولد ترافورد أو توسعة البنية التحتية لمطار المدينة.
أما منطقة ليفربول الكبرى، التي تستقطب أكثر من 60 مليون زائر سنويًّا، فقد تُحقق ضريبة سياحية فيها ما يقارب 11 مليون باوند سنويًّا. ويُذكر أن المدينة استضافت مسابقة “يوروفيجن” عام 2023، وحققت من خلالها تأثيرًا اقتصاديًّا مباشرًا قُدّر بـ54 مليون باوند.
وأشار رؤساء البلديات إلى أن هذه الرسوم ستُخصص بالكامل لإعادة الاستثمار المحلي في البنية السياحية والثقافية، ولن تُحوَّل إلى خزينة الحكومة المركزية.
مدن أوروبا سبقت بريطانيا بخطوات
أوضح المسؤولون أن هذا النوع من الرسوم يُعدّ شائعًا في غالبية الدول الأوروبية، مثل أمستردام، لشبونة، البندقية، وكذلك جزر البليار الإسبانية، حيث يُستخدم لتمويل الحفاظ على المدن وتطوير خدماتها السياحية.
وعلّق ستيف روذرهام بالقول: “منطقتنا تُعدّ رمزًا عالميًّا في الإبداع والثقافة، وتستقطب أكثر من 60 مليون زائر سنويًّا وتُسهم في اقتصاد سياحي تتجاوز قيمته 6.25 مليار باوند. لكن هذا الحضور السياحي الهائل يفرض ضغوطًا على بنيتنا التحتية. رسم بسيط على الإقامة، لا نتردد في دفعه عند السفر إلى الخارج، من شأنه أن يمنحنا القدرة على إعادة الاستثمار في عناصر الجذب ذاتها التي تجلب السياح.”
وفي السياق ذاته، قال آندي بورنهام: “في ظل الضغوط المتزايدة على الموارد الوطنية، فإن ضريبة سياحية متواضعة – ندفعها جميعًا عند زيارتنا لمدن أوروبية – تُشكّل وسيلة عادلة ومستدامة لدعم خدماتنا المحلية.”
أما كيم ماكغينيس فرأت أن *”الضريبة السياحية أصبحت أمرًا معتادًا في العالم لدرجة أننا بالكاد نلاحظها، ولا ينبغي أن يكون تطبيقها في بريطانيا خطوة كبيرة.”
دعم من المجتمع المدني
وكان تقرير صادر عن جمعية “أصدقاء منطقة ليك ديستريكت” البيئية قد دعا العام الماضي لاعتماد هذا النوع من الرسوم. وقال مايك هيل، المدير التنفيذي للجمعية: “في معظم المدن حول العالم التي تبنّت رسومًا سياحية، لاحظنا أن عدد السياح لم يتراجع، بل ارتفع، لأن المكان يصبح أفضل وأكثر تنظيمًا.”
المدن البريطانية الكبرى تُعاني من ضغوط متزايدة على بنيتها التحتية، في وقت يتراجع فيه الدعم الحكومي المحلي. وفي ظل عجز الميزانية الوطنية، لا يمكن التغاضي عن أدوات تمويلية مبتكرة تتبنّاها كبرى العواصم الأوروبية.
اذا تؤكد المنصة أن شرط النجاح في هذه الخطوة يكمن في إدارة محلية شفافة وفعّالة، تضمن توجيه العائدات نحو تحسين الخدمات العامة، لا إلى جيوب المستثمرين. كما يجب ألا تكون الضريبة عبئًا على السائح البسيط، بل وسيلة لتعزيز الجودة، والعدالة، والتوازن في القطاع السياحي البريطاني.
المصدر الغارديان
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇