الرأي العام الأوروبي ينقلب على إسرائيل: أقل من خُمس السكان يؤيدونها في استطلاع حديث
في تراجع غير مسبوق، كشف استطلاع حديث أجرته مؤسسة “يوغوف” أنّ التأييد الشعبي لإسرائيل في دول أوروبا الغربية بلغ أدنى مستوياته المسجلة منذ بدء رصد هذه المؤشرات، حيث لم تتجاوز نسبة من يحملون نظرة إيجابية تجاه إسرائيل خمس المستطلَعين في ست دول أوروبية.
ويأتي هذا التحول الكبير في المزاج الأوروبي العام في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، الذي استؤنف بعد خرق الاحتلال للهدنة المؤقتة في منتصف مارس، وسط حصار خانق يرقى إلى كارثة إنسانية تسبّبت في ظروف شبيهة بالمجاعة.
ووفقًا للتقديرات، تجاوز عدد ضحايا العدوان الإسرائيلي على غزة أكثر من 54 ألف شهيد منذ 7 أكتوبر 2023.
نسب غير مسبوقة من الرفض الشعبي
بيّنت نتائج الاستطلاع تراجع صافي الشعبية لصالح إسرائيل إلى مستويات قياسية: -44 في ألمانيا، -48 في فرنسا، -54 في الدنمارك، وهي الأدنى منذ بدء قياس هذا المؤشر عام 2016. كما سجّلت إيطاليا (-52) وإسبانيا (-55) أدنى المستويات منذ 2021، فيما بلغ صافي الشعبية في بريطانيا -46، متراجعًا بشكل طفيف عن أدنى مستوى سابق سجّلته (-49) في أواخر العام الماضي.
وفي العموم، لم تتجاوز نسبة المؤيدين لإسرائيل في أي من الدول الست حدود 13% إلى 21%، مقابل ما بين 63% و70% أعربوا عن موقف سلبي تجاهها.
شبه إجماع ضد العدوان
كما كشف الاستطلاع عن تراجع واضح في تأييد العملية العسكرية الإسرائيلية في غزة. فقد أيد ما بين 6% (إيطاليا) و16% (فرنسا) فقط الرواية القائلة إن إسرائيل “ردّت بشكل متناسب” على هجمات حماس، بينما بلغت النسبة في بريطانيا 12%.
في المقابل، رأى ما بين 29% (إيطاليا) و40% (ألمانيا) أن إسرائيل “كانت محقّة في التدخل لكنها تجاوزت الحدود وتسببت في سقوط عدد كبير من الضحايا المدنيين”، فيما قال ما بين 12% و24%، ومن بينهم 15% في بريطانيا، إن إسرائيل لم يكن ينبغي لها دخول القطاع أصلًا.
وتراجعت نسبة من يعتقدون أن العمليات العسكرية الإسرائيلية مبررة إلى نحو ربع السكان فقط في فرنسا وألمانيا والدنمارك (24%–25%)، وإلى 18% في بريطانيا، و9% فقط في إيطاليا.
تعاطف متزايد مع الفلسطينيين
ورغم بقاء نسبة من يرون هجوم حماس في 7 أكتوبر مبررًا منخفضة في جميع الدول (من 5% إلى 9%)، فإن نتائج الاستطلاع أظهرت ارتفاعًا لافتًا في نسبة المتعاطفين مع الفلسطينيين في أوروبا. إذ عبّر ما بين 18% و33% من المستطلعين عن تعاطف أكبر مع الجانب الفلسطيني، وهي أرقام سجّلت ارتفاعًا واضحًا منذ عام 2023 في جميع الدول. أما نسبة المتعاطفين مع إسرائيل فتراجعت إلى ما بين 7% و18%، وهي الأدنى منذ اندلاع الحرب.
وفي ألمانيا وحدها كانت النسب متقاربة (17% مع إسرائيل، و18% مع فلسطين)، بينما مال الرأي العام الأوروبي عمومًا بشكل واضح إلى الجانب الفلسطيني.
نظرة قاتمة للسلام
هذا وأظهرت النتائج تراجعا في تفاؤل المشاركين بإمكانية تحقيق سلام دائم في الشرق الأوسط، حيث لم تتجاوز نسبة من يعتقدون بإمكانية حدوثه خلال السنوات العشر المقبلة 29% في فرنسا، وهبطت إلى 15% فقط في الدنمارك. كما سجّلت نسبة المتفائلين تراجعًا يتراوح بين 4 و10 نقاط مئوية مقارنة بأواخر عام 2023.
ولم تكن هذه التوجهات مقتصرة على أوروبا؛ فقد أشار استطلاع أجراه مركز بيو للأبحاث في الولايات المتحدة إلى أن 53% من البالغين الأمريكيين باتوا يحملون نظرة سلبية تجاه إسرائيل، مقارنة بـ42% في مارس 2022.
كما كشف استطلاع حديث لمؤسسة Data for Progress أن 51% من الناخبين الأميركيين يعارضون إرسال قوات إسرائيلية إضافية إلى غزة أو تهجير سكانها، في حين طالب نفس النسبة بأن يدعو دونالد ترامب إلى وقف إطلاق النار، مقابل 31% فقط دعموا استمرار العملية العسكرية.
ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن نتائج هذا الاستطلاع تعكس تحولًا جوهريًا في وعي الشعوب الغربية تجاه القضية الفلسطينية، لا سيّما بعد اتضاح حجم الفظائع والجرائم التي يرتكبها الاحتلال في غزة.
وتؤكد المنصة أن هذا التحوّل اللافت في الرأي العام لا يمكن فصله عن الحراك الشعبي المتصاعد، وحملات المقاطعة، والضغط المتواصل عبر منصات التواصل الاجتماعي، التي أسهمت مجتمعة في إعادة تشكيل الوعي الغربي تجاه القضية الفلسطينية. وترى المنصة أن هذه المؤشرات تبعث على الأمل، وتستدعي مزيدًا من الثبات في رفع الصوت الحر، والضغط الشعبي لمطالبة الحكومات الغربية بالإصغاء إلى إرادة شعوبها، ووقف تصدير السلاح إلى إسرائيل، وفرض عقوبات رادعة بحق منتهكي القانون الدولي.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
23°C
