رفض حلق لحيته أنقذه من الترحيل.. مهاجر يفوز بحق البقاء في بريطانيا

في سابقة قانونية لافتة تعكس تعقيدات ملفات اللجوء في المملكة المتحدة، نجح مهاجر من طاجيكستان في كسب معركة قضائية منحته حق البقاء على الأراضي البريطانية، بعد أن أقنع المحكمة بأنه قد يتعرض للتعذيب والاضطهاد في بلاده بسبب رفضه حلق لحيته.
الرجل، الذي لم يُكشف عن اسمه لدواعٍ قانونية، استأنف قرار ترحيله بعد أن رفضت وزارة الداخلية البريطانية طلب لجوئه، مستندًا إلى أن عودته إلى طاجيكستان ستعرّضه للاعتقال القسري وحلق لحيته بالإكراه، وهي ممارسة واسعة الانتشار في البلاد.
وفي طاجيكستان، يُنظر إلى إطلاق اللحية -ولا سيما بين الشباب- باعتباره علامة على “التطرّف”، وقد شُنت خلال العقد الماضي حملات أمنية غير معلنة أفضت إلى اعتقال مئات الآلاف من الرجال، أُجبر كثير منهم على حلق لحاهم تحت الضغط، وأُخذت بصماتهم، وسُجلت بياناتهم في قواعد أمنية.
اللحية رمز ديني.. أم خطر أمني؟
في حيثيات الحكم الذي صدر مؤخرًا، قالت محكمة اللجوء البريطانية: إن من حق الرجل الحصول على “حماية دولية” داخل بريطانيا إذا كانت اللحية جزءًا من قناعته الدينية، وإن اضطر للتخلي عنها خشية التعرض للاضطهاد.
القضية أثارت جدلًا واسع النطاق داخل الأوساط السياسية والإعلامية، لا سيما في ظل تصاعد النقاشات بشأن تقييد تطبيق المادة الـ3 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، التي تضمن الحماية من التعذيب والمعاملة المهينة أو اللاإنسانية.
كانت محكمة البداية قد رفضت طلب اللجوء بذريعة أن حلق اللحية يمكن أن يُفسر بكونه خضوعًا لضغط اجتماعي لا يرتقي إلى مستوى الاضطهاد. إلا أن الاستئناف الذي تقدم به المهاجر طعن في هذا التفسير، مؤكدًا أنه لا يملك خيارًا آخر إلا حلق لحيته قسرًا في حال ترحيله، ما يجعله عرضة لانتهاك حقوقه الأساسية.
القاضي بارميندر سايني، نائب رئيس المحكمة العليا للهجرة، انتقد في قراره الأولي المحكمة الابتدائية لإخفاقها في التفريق بين ما إذا كان حلق اللحية نابعًا من “ضغط اجتماعي” أم من “خوف حقيقي من الاضطهاد”، مؤكدًا أن هذا التفصيل الجوهري كان غائبًا عن تقييم القضية.
قمع ممنهج في طاجيكستان… وسكوت دولي
أضاف القاضي أن المحكمة الابتدائية لم تأخذ بعين الاعتبار “المعطيات الموضوعية التي تشير إلى استمرار التعذيب والاعتقال التعسفي في طاجيكستان”، مستشهدًا بأمثلة متعددة عن حالات حلاقة قسرية للرجال ومصادرة حرياتهم بسبب مظهرهم الخارجي، في إطار ما وصفه مراقبون بأنه “قمع ممنهج للحريات الدينية”.
وبناءً على هذه المعطيات، قررت المحكمة إلغاء الحكم السابق وإعادة النظر في القضية أمام محكمة اللجوء الابتدائية.
خاتمة – موقف العرب في بريطانيا
ڈ
تعكس هذه القضية هشاشة أوضاع كثير من اللاجئين في بريطانيا، الذين يُجبرون على خوض معارك قانونية طويلة لإثبات حقهم في الحماية، حتى حين تكون الأسباب مرتبطة بهُويتهم الدينية أو الثقافية.
وفي وقت تزداد فيه الضغوط السياسية لتقييد العمل بالاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، تحذّر *منصة العرب في بريطانيا* من تداعيات هذه التوجهات على الفئات الضعيفة، ولا سيما القادمين من دول تُمارس فيها السلطة انتهاكات ممنهجة تحت غطاء “مكافحة التطرف”.
إن الدفاع عن حق المهاجر في حماية كرامته وهُويته ليس استثناءً قانونيًّا، بل جوهرٌ في منظومة الحقوق والحريات، ويجب أن يبقى كذلك في وجه كل محاولات التسييس أو التقييد.
المصدر ستاندرد
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇