كيف تؤثر التشريعات القانونية الحديثة والمستقبلية على حق الاحتجاج في بريطانيا؟

شهد البرلمان البريطاني العديد من المقترحات التشريعية القانونية المتعلقة بالاحتجاج في بريطانيا خلال السنوات الأخيرة، وقد قُدِّم كثير من هذه التشريعات ردًّا على تزايد الاحتجاجات المرتبطة بتدهور الظروف الببيئية والمناخية.
وأثارت هذه التشريعات القانونية الداعية للحد من المظاهرات قلق العديد من الجماعات الحقوقية مثل جماعة (Liberty)، التي أشارت إلى أن المظاهرات ضرورية للتعبير عن سخط الناس بشأن عدة قضايا، منها: ارتفاع تكاليف المعيشة وازدياد البطالة والعنصرية والمشكلات المناخية.
حق الاحتجاج في بريطانيا

ولا يحتوي الدستور البريطاني على قانون خاص بالاحتجاج السلمي، ولكنه يندرج ضمن حقوق حرية التعبير وحرية التجمع، التي ترد في المادتين الـ10 والـ11 من الاتفاقية الأوروبية لحقوق الإنسان، علمًا أن هذه الاتفاقية دمجت في القانون البريطاني المحلي، فيما يُعرَف بقانون حقوق الإنسان لعام 1998.
إضافة إلى أن قانون النظام العام الصادر عام 1986 يحدد القيود التي يمكن فرضها على الاحتجاجات في إنجلترا وويلز لتجنب الإخلال بالنظام العام.
ما الذي طرأ مؤخرًا على قوانين الاحتجاج؟

شهد عام 2022 صدور قانون الشرطة والجريمة وإصدار الأحكام، ما منح الشرطة صلاحيات إضافية لتقييد الاحتجاجات بصرف النظر عن موقعها وتوقيتها وعدد المشاركين فيها، وذلك بموجب المواد المنصوص عليها في قانون النظام العام الصادر عام 1986.
وينص القانون الصادر عام 2022 على أنه يمكن للشرطة فضّ أي اعتصام إذا تسبّب المتظاهرون بالأذى لغيرهم، إضافة إلى أن القانون لا يُعفي المتظاهرين من عقوبة مخالفة شروط الاحتجاجات لمجرد جهلهم بهذه الشروط.
هذا ويفرض القانون عقوبة السجن التي قد تصل مدتها إلى عشر سنوات على كل من يعمد إلى تشويه التماثيل والرموز أو إتلافها.
وقد أدرجت ضمن القانون جريمة جديدة، وهي التسبب بإزعاج الناس سواء عن قصد أو بغير قصد، وقد تصل عقوبتها إلى السجن عشر سنوات.
معارضة قوانين الاحتجاج

ونجح مجلس اللوردات في منع الحكومة البريطانية من إضافة ثلاثة اختصاصات جديدة إلى قانون المظاهرات، وأولى هذه الصلاحيات هي السماح للشرطة باعتقال الشخص إذا شارك في احتجاجَين أو أكثر خلال خمس سنوات، وأدين بمخالفة شروط الاحتجاجات مرة ثانية أو ثبتت إدانته بمخالفة حكم المحكمة مرة ثانية.
ومنع مجلس اللوردات الحكومة من إقرار تشريع قانوني يسمح بتوقيف المتظاهرين وتفتيشهم في مواقع محددة إذا كان يُشتبَه بحيازتهم لمواد ممنوعة.
إضافة إلى تشريع آخر يمكّن الشرطة من اعتقال المتظاهرين إذا تسبّبوا بأضرار للبنية التحتية أو عرقلوا عمل شبكة النقل.
وحاولت الحكومة البريطانية مرة أخرى إدراج هذه المواد ضمن قانون النظام العام، إلى جانب مادة أخرى تمنع المتظاهرين من التجمع في الأنفاق؛ بسبب المخاوف المتعلقة بتنظيم احتجاجات بشأن إنشاء خط سكة الحديد (HS2).
ويشمل القانون صلاحيات جديدة لوزير الخارجية تمكّنه من فرض أمر قضائي يمنع المتظاهرين من تنظيم الاحتجاجات في بعض المناطق.
وقد أخفقت الحكومة في إقرار مادة جديدة ضمن قانون النظام العام تنص على خفض الحد الأعلى من المخالفات التي يمكن للمتظاهرين ارتكابها قبل أن تُفرَض عليهم العقوبات، وحاولت الحكومة معاقبة المتظاهرين إن تسبّبوا بعرقلة حياة الناس حتى لو كانت هذه العرقلة بسيطة، علمًا أن القانون الحالي يمنع الشرطة من توقيف المتظاهرين ما لم يتسبّبوا بعرقلة كبيرة وخطورة على حياة الناس.
لكن جماعة (Liberty) الحقوقية أكدت أن الحكومة استطاعت خفض سقف الشروط التي تسمح للشرطة باعتقال المتظاهرين، وذلك عبر صيغة قانونية لا يمكن لمجلس اللوردات التصويت ضدها، ما سيمنح الشرطة صلاحيات غير محدودة لقمع الاحتجاجات اعتمادًا على غموض نص المادة.
وبهذا الصدد كتبت لجنة التدقيق في التشريعات التابعة لمجلس اللوردات ما يأتي:
لم تقدم وزارة الداخلية أي أسباب مقنعة لإعادة فرض بعض الإجراءات القانونية على المظاهرت عن طريق تشريعات ثانوية، ولا سيما أن هذه التشريعات لن تخضع للتدقيق الكافي، وقد رفض مجلس اللوردات إقرارها في التشريع الأساس، وليس لدينا دليل أو اطلاع على كيفية تطبيق مثل هذه التشريعات في الماضي.
ما الإجراءات المستقبلية؟
وبهذا الشأن قال مصدر في داونينج ستريت: إن الحكومة البريطانية ستمنع المتظاهرين من الصعود على التماثيل ومحطات الحافلات أثناء المشاركة في الاحتجاجات، وستشدد القوانين المتعلقة باستخدام الألعاب النارية وقنابل الدخان ومشاعل النار أثناء الاحتجاجات.
واقترح المصدر أن تخفض الحكومة الحد الأدنى من الشروط التي تسمح لوزاة الداخلية بحظر المسيرات والاحتجاجات؛ بسبب المخاوف المتعلقة بالسلامة العامة، وستعمل الحكومة على تشديد القوانين المتعلقة بمدح الجماعات الإرهابية المحظورة.
لكن الأكثر إثارة للجدل هو أن خفض المعايير المرتبطة بتقييم خطورة المظاهرات قد يؤدي إلى نتائج مثل تجريم أنصار حقوق المرأة، أو رافعي الشعارات المشيدة بنيلسون مانديلا، أو حتى أولئك الداعمين لاستقلال اسكتلندا.
المصدر: الغارديان
اقرأ أيضاً :
الرابط المختصر هنا ⬇
https://alarabinuk.com/?p=113663