انخفاض الإيجارات في بريطانيا لأول مرة منذ سنوات.. فرصة للسكان؟

بعد أعوام من الارتفاعات المتتالية، سجلت الإيجارات الخاصة في بريطانيا انخفاضًا للمرة الأولى منذ ما قبل جائحة كورونا، مدفوعة بتحسن المعروض العقاري في السوق، ما قد يوفر فرصة طال انتظارها للمستأجرين الذين أثقلت تكاليف السكن كاهلهم خلال أزمة المعيشة المتصاعدة.
وفقًا لأحدث بيانات رايتموف، فقد تراجع متوسط الإيجار المعلن عنه خارج لندن خلال الربع الأخير من عام 2024 ليصل إلى 1,341 باوند شهريًا، وهو الانخفاض الأول منذ عام 2019. ويعادل هذا التراجع 3 باوندات شهريًا مقارنة بالربع السابق، ورغم أن الإيجارات لا تزال أعلى بنسبة 4.7% مقارنة بالعام الماضي، إلا أن هذا الانخفاض يمثل محطة مفصلية في سوق شهد موجات متتالية من الزيادات القياسية، بلغت ذروتها عام 2022 بمعدل نمو سنوي بلغ 12%.
لندن.. استثناء من القاعدة؟

بينما شهدت المناطق خارج لندن تراجعًا طفيفًا، لم يحظَ المستأجرون في العاصمة بأي تخفيف للأعباء المالية، إذ واصلت الإيجارات ارتفاعها لتسجل مستوى قياسيًا جديدًا بلغ 2,695 باوند شهريًا. ويُرجع محللون هذه الزيادة إلى ارتفاع عدد الملاك الذين يقررون الخروج من سوق الإيجارات عبر بيع عقاراتهم، ما يقلل المعروض المتاح للمتأجرين ويدفع الأسعار إلى مستويات أعلى.
على مدار السنوات الأخيرة، دفعت تبعات الجائحة والظروف الاقتصادية غير المستقرة أعدادًا متزايدة من الأفراد إلى البحث عن مساكن جديدة، سواء لأغراض العمل أو لتحسين نمط الحياة، ما أدى إلى منافسة شديدة على الوحدات السكنية المتاحة.
إلا أن هذا الاتجاه بدأ في التراجع، حيث أشار جون بايبت، المدير الإداري لشركة Berkeley Shaw Real Estate في ليفربول، إلى أن السوق بدأ يشهد استقرارًا في مستويات الطلب نتيجة انتهاء موجة الإقبال الكبيرة بعد الجائحة، إلى جانب تحول بعض المستأجرين نحو سوق الشراء بدلاً من الإيجار.
وأكدت بيانات رايتموف أن أحد العوامل الرئيسية وراء تباطؤ نمو الإيجارات هو تحسن العرض العقاري، حيث ارتفع عدد المنازل المتاحة للإيجار بنسبة 13% مقارنة بالعام الماضي، بينما انخفض عدد المستأجرين المحتملين الذين يتواصلون مع وكلاء العقارات للبحث عن سكن بنسبة 16%.
وفي هذا الصدد، قال أليكس بلوكسهام، الشريك ورئيس قسم الإيجارات السكنية في شركة بيدويلز:
“نحن نشهد تباطؤًا في سوق الإيجارات، الذي كان واحدًا من أكثر الأسواق سخونة خلال العام الماضي، حيث اضطر المستأجرون لمواجهة منافسة شرسة وارتفاعات مستمرة في الأسعار.”
خروج الملاك من السوق.. ظاهرة تتفاقم

رغم التراجع الطفيف في بعض المناطق، لا تزال سوق العقارات في لندن تواجه موجة متزايدة من انسحاب الملاك، الذين يفضلون بيع ممتلكاتهم بدلاً من الاستمرار في تأجيرها.
وأظهرت بيانات رايتموف أن 15% من المنازل المعروضة للبيع في عام 2024 كانت مخصصة للإيجار مسبقًا، مقارنة بـ 13% في 2023. وفي لندن، كانت الظاهرة أكثر وضوحًا، حيث إن ما يقرب من 24% من العقارات المعروضة للبيع كانت مؤجرة سابقًا، مقارنة بـ 20% في 2023.
هل يمثل هذا الانخفاض فرصة حقيقية للمستأجرين؟
مع تحسن المعروض وتراجع الطلب في بعض المناطق، قد يكون السوق بصدد مرحلة من الاستقرار النسبي، وهو ما قد يخفف من الضغوط المالية التي عانى منها المستأجرون في السنوات الأخيرة.
ومع ذلك، تبقى هناك العديد من المتغيرات المؤثرة، أبرزها التشريعات الحكومية الجديدة التي قد تدفع المزيد من الملاك للخروج من السوق، بالإضافة إلى التضخم وأسعار الفائدة التي تؤثر على قرارات شراء العقارات، مما قد يعيد إشعال المنافسة في سوق الإيجارات مستقبلاً.
في ظل هذه الظروف، يبقى السؤال مفتوحًا: هل هذا التراجع مجرد هدوء مؤقت، أم بداية لتحول حقيقي في سوق العقارات البريطانية؟
إقرأ أيّضا
الرابط المختصر هنا ⬇