كيف حلل الإعلام البريطاني الهجوم على لبنان؟
شهدت لبنان، مساء الثلاثاء، سلسلة من التفجيرات التي استهدفت أجهزة اتصال محمولة من نوع البيجر يستخدمها “حزب الله”، ما أسفر عن إصابة المئات.
وأشارت التقارير الأولية إلى أن إسرائيل تمكنت من اختراق هذه الأجهزة وفجرتها في عدة مناطق، وأفادت مصادر طبية وأمنية أن عدد الجرحى بلغ أكثر من 2800 شخص، والوفيات 9 أشخاص بينهم طفلة.
كما أفادت التلغراف نقلا عن خبير سيبراني أنه من المرجح أن ما جرى في لبنان ليس هجوما سيبرانيا.
كيف تعامل الإعلام البريطاني مع الهجوم على لبنان؟
ركزت صحيفة الغارديان على تفاصيل الحادث وتداعياته الإقليمية، معتبرةً أن الانفجارات “أكبر اختراق أمني” يتعرض له حزب الله منذ بدء التصعيد العسكري بين إسرائيل وحزب الله بالتزامن مع الحرب الإسرائيلية على غزة. ونشرت وكالات الأنباء البريطانية صورًا ومقاطع فيديو على وسائل التواصل الاجتماعي تُظهر المصابين، بعضهم على الأرض وآخرون يُنقلون إلى المستشفيات. كما أظهرت التغطية سيارات الإسعاف وهي تنقل الجرحى وسط حالة من الذعر التي اجتاحت السكان.
وسلطت صحيفة الغارديان الضوء على تصريحات مسؤولين من حزب الله، الذين وصفوا التفجيرات بأنها “ضربة كبيرة” لأمن الحزب. كما أشارت التقارير إلى استمرار الانفجارات لفترة بعد التفجير الأول، بنحو 30 دقيقة، ما أدى إلى حالة من الفوضى في المناطق المتضررة. وأكد الإعلام البريطاني أن حزب الله كان قد طلب من عناصره الامتناع عن استخدام الهواتف المحمولة تفاديًا لأي خرق إسرائيلي، ما جعل التفجيرات تُعتبر نجاحًا كبيرًا للاستخبارات الإسرائيلية.
في صحيفة التلغراف، جاء تأطير الهجوم باعتباره عملية استخباراتية إسرائيلية معقدة، مع التركيز بشكل أكبر على الجوانب التقنية للهجوم وتأثيراته على القدرات العسكرية لحزب الله. هذا المنظور يقلل من حجم الخسائر البشرية، حيث يتم التركيز على الضربة الاستراتيجية لحزب الله دون إيلاء الاهتمام الكافي للدمار الأوسع الذي لحق بلبنان. وفي هذا السياق، يُنظر إلى أفعال إسرائيل على أنها دفاعية أو انتقامية، مع تجاهل كبير للأصوات اللبنانية المتضررة من التفجيرات.
أما هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) فقد حافظت على نبرة أكثر حيادية بقليل، ولكن تغطيتها أيضا تميل إلى تقديم التبريرات الإسرائيلية مع إيلاء مساحة محدودة للتداعيات السياسية الأوسع لهذا الهجوم على استقرار لبنان. وفي إطار هذا التناول، يتم تصوير حزب الله على أنه مجرد جماعة مسلحة، مما يؤدي إلى فصل بُعده الإنساني والسياق المحلي عن الشعب اللبناني والتعقيدات السياسية التي تحيط بالمنطقة. هذا التصوير يدعم بشكل غير مباشر السرديات التي تبرر العدوان الإسرائيلي باعتباره “مكافحة للإرهاب”، متجاهلة الخسائر في صفوف المدنيين وانتهاك السيادة اللبنانية.
من جهة أخرى، قدمت الإندبندنت منظورا أكثر نقدا، حيث تشير إلى احتمال التصعيد الذي قد يثيره هذا الهجوم في المنطقة المتوترة بالفعل، إلا أنها، مثل غيرها من المنصات الإعلامية البريطانية، لا تعطي الحيز الكافي لحجم الدمار في لبنان، بما في ذلك الآلاف من الجرحى. التركيز الأساسي يبقى على التحليل العسكري والجيوسياسي، مع إهمال المعاناة الأعمق للبنانيين العالقين في دوامة العنف.
هذا وأشارت وسائل الإعلام إلى إصابة السفير الإيراني في لبنان، مجتبى أماني، بجروح سطحية، واستشهاد نجل أحد النواب البرلمانيين في الهجوم. كما نقلت التقارير عن وزارة الصحة اللبنانية نداءً للعاملين في المجال الصحي بالتوجه بشكل عاجل إلى المستشفيات للمساعدة في علاج المصابين. وناشدت الوزارة المواطنين التوجه للتبرع بالدم للمساعدة في إنقاذ الجرحى.
موقف إسرائيل
تناولت البي بي سي إعلان إسرائيل تعديل أهداف الحرب لتشمل إعادة نحو 60 ألفًا من سكان شمال إسرائيل الذين نُفذ إجلاؤهم نتيجة الهجمات المتكررة من حزب الله. وأفاد وزير الدفاع الإسرائيلي، يوآف غالانت، أن الحل الوحيد لضمان عودة هؤلاء السكان هو “الهجوم العسكري”، مؤكدًا على استمرار التصعيد العسكري. كما أشارت التقارير إلى وجود تكهنات بشأن إمكانية تغيير في القيادة الإسرائيلية نتيجة خلافات داخلية بشأن مسار الحرب.
وأثارت وسائل الإعلام البريطانية المخاوف من تصاعد التوترات في المنطقة، وسط تحذيرات من أن استمرار العدوان الإسرائيلي قد يدفع نحو حرب أوسع. وتطرق بعض التقارير إلى تصريحات مسؤولين إسرائيليين بشأن استعدادات لمواجهة شاملة مع حزب الله، وهو ما أكدت عليه صحيفة “إسرائيل اليوم”، التي نقلت عن مصادر أمنية أن التوتر وصل إلى “حافة الهاوية”، مع تكهنات بنشوب صراع عسكري واسع في المستقبل القريب.
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇