الإبادة في غزة: أطفال يولدون على وقع الصواريخ
في 7 أكتوبر 2023، اندلعت حرب مدمرة على قطاع غزة، حيث شنَّ الجيش الإسرائيلي عدوانًا عنيفًا في القطاع المحاصر منذ سنوات طويلة. هذا العدوان تزامن مع حصار خانق طال جميع جوانب الحياة اليومية، ما تسبب في تفاقم الأوضاع الإنسانية بشكل غير مسبوق. القصف العشوائي، والهجمات الجوية، والحصار الذي قطع جميع سبل الوصول إلى الغذاء والدواء، خلق حالة من الذعر والرعب المستمر لسكان غزة، خاصة مع تعرض المباني السكنية والمرافق الحيوية للقصف المستمر.
وفي ظل هذا الواقع المأساوي، كانت هناك محاولات لتحقيق بعض السلام من خلال اتفاقيات لوقف إطلاق النار. وكانت الهدنة في يناير 2025 هي الأمل الوحيد لسكان غزة في الحصول على فترة من الراحة بعد أسابيع من العدوان المدمّر. ومع ذلك، لم يستمر السلام طويلاً، حيث خالفت إسرائيل اتفاق الهدنة، وفي فجر يوم الثلاثاء 18 مارس 2025 استأنف الاحتلال الإسرائيلي عدوانه على قطاع غزة وأعلن عودته للحرب وانهيار وقف إطلاق النار، وشنَّت طائرات الاحتلال الإسرائيلي غاراتٍ عدوانية واسعة النطاق على جميع أنحاء قطاع غزة، ما أدى لارتقاء أكثر من 300 شهيد وجرح المئات في أول ثلاث ساعات.
العدوان الإسرائيلي على غزة
عادت غزة لتعيش من جديد كابوس الحرب الذي لا يرحم، حيث تعرضت المنشآت المدنية والمنازل للقصف المستمر، ليواجه سكان القطاع الموت في كل لحظة. في ظل هذه الظروف، وُلد العديد من الأطفال وسط أصوات القنابل والصواريخ، ليشهدوا لحظات دخولهم إلى الحياة في مشهد يعكس مأساة إنسانية مستمرة في غزة، حيث تتقاطع البراءة مع الدمار والموت.
إحدى القصص المأساوية التي تسلط الضوء على هذه المعاناة هي قصة امرأة حامل تعرض منزلها للقصف بشكل مباشر. انفجار صاروخي قوي ضرب المنزل، ما أدى إلى تدمير جزء من المبنى ونشر الشظايا في جميع الاتجاهات، ما دفعها للاعتقاد بأنها ستكون آخر لحظاتها في الحياة. ولكن، وعلى الرغم من ذلك، كانت الصدمة الأكبر بالنسبة لها أنها كانت تخشى على حياة جنينها أكثر من خوفها على حياتها الشخصية. وسط هذا الرعب، نجت الأم، وولدت طفلها في ظروف بالغة الصعوبة، مع استمرار الانفجارات من حولها، وفي ظل غياب أي نوع من الأمان.
واقع غزة المأساوي: حياة تحت القصف والموت
كانت اللّحظات التي تسبق ولادة طفلها من أسوأ لحظات حياتها، حيث عاشت وسط انفجارات متواصلة، وفي خلفيّة هذه المعاناة، كانت يداها ترفعان دعاءً لله أن يمرّ هذا الكابوس بسلام. ومع ولادة طفلها، انبعث صوته في وسط الفوضى، مُؤكّداً أنّ الإنسان في غزّة لن يرضخ للدّمار، بل سيظلّ يقاوم رغم كلّ شيء.
لكن الحرب لم تتوقف عند هذا الحد. الأم التي كانت قد اختارت اسمه بالسلام والفرح، كان عليها الآن أن تراه ينمو وسط الدمار والموت. وأثناء محاولاتها لتوفير الاحتياجات الأساسية لطفلها، كانت أسعار السلع لا تطاق، حيث أصبحت اللحوم والخضروات والملابس من الكماليات التي لا يستطيعون الحصول عليها. الطفل لم يقتصر وضعه على المعاناة من قسوة الحرب، بل أصبح طفلًا لاجئًا لا يعرف وطنًا سوى الخوف والموت.
ولادة الأطفال في الحرب: معاناة أمهات وأبناء غزة
تروي الأم كيف عاشت في المخيمات تحت الظروف القاسية، من درجات حرارة مرتفعة في الصيف إلى برد الشتاء القارص. كانت تحاول بكل ما لديها من قوة أن توفر لابنها أقل القليل من الأمان، بينما كانت تجد نفسها وحيدة في هذا الصراع، وهي لا تملك سوى إيمانها وعزمها على البقاء. كان ذلك التحدي اليومي هو أكثر ما يميز طفولته، حيث لم يكن يفرق بين الليل والنهار، بل كان يعرف أن الصواريخ والطائرات الحربية هي جزء من حياته اليومية.
ومع مرور الوقت، أصبحت الحياة في المخيمات تمثل شكلًا من أشكال العذاب المستمر، وكان الصراع على البقاء يزداد مع كل يوم يمر. الفقر، الخوف، والألم أصبحوا رفاق هذا الطفل الذي وُلد في الحرب. مع بلوغه عامه الأول، كانت الأم تتمنى أن تمنحه حياة هادئة وسعيدة، لكن الواقع كان قاسيًا بما يكفي ليجعلها تكتشف أن هذه الحياة لا مكان فيها للسلام أو الأمان.
هذا الطفل، الذي وُلد وسط أنقاض الحرب، أصبح رمزًا لأطفال غزة الذين يولدون ويعيشون على وقع الصواريخ. هم أطفال لم يعرفوا الحياة سوى من خلال المعاناة والفقدان. مع مرور الوقت، يكتسب هؤلاء الأطفال مشهدًا مروعًا من الحياة لا ينبغي أن يعيشوه. هذه القصة تمثل صورة معاناة لا حصر لها، بل هي فقط واحدة من مئات القصص التي تعكس تأثير الحرب على أطفال غزة الذين يولدون في ظروف غير إنسانية، ويعيشون مع الحروب الّتي تجعلهم يواجهون الموت في صمتٍ.
المصدر: ميدل إيست آي
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
6°C
