دخلت جمعية سينتيبالي، التي شارك الأمير هاري في تأسيسها عام 2006 لدعم الأطفال والشباب المتعايشين مع فيروس نقص المناعة البشرية في جنوب القارة الإفريقية، في دوامة من الأزمات الإدارية والمالية التي تهدد استقرارها واستمراريتها، وسط تبادل للاتهامات بين قيادتها الحالية وأعضائها المؤسسين.
خلافات داخلية واستقالات جماعية

تفاقمت الأزمة مؤخرًا إثر استقالة جماعية شملت الأمير هاري، والأمير سيسو من ليسوتو – الشريك المؤسس – إلى جانب عدد من أمناء الجمعية، احتجاجًا على استمرار صوفي تشاندوكا في رئاسة مجلس الإدارة، رغم مطالبات متكررة بالتنحي.
وبرر المؤسسون هذه الخطوة بفقدانهم “الثقة والاطمئنان” إلى قيادة المؤسسة، في ظل ما وصفوه بانهيار العلاقة مع الرئيسة “بما لا يمكن إصلاحه”، الأمر الذي وصفوه في بيان رسمي بـ”الوضع غير القابل للاستمرار”.
وتشير مصادر مطلعة إلى أن أجواء العمل داخل الجمعية اتّسمت بالتوتر منذ خريف 2023، مع تصاعد الخلافات حول أساليب الإدارة والاستراتيجية المالية، في وقت تمر فيه الجمعية بظروف تمويلية حساسة.
رغم حصول الجمعية على دعم إضافي بقيمة 1.2 مليون باوند من أرباح مذكرات الأمير هاري Spare، إلا أن هذا المبلغ وُصف داخليًا بأنه “مفيد للغاية لكنه لا يمثل مصدر تمويل مستدام”.
وأكدت سينتيبالي أن هذا المبلغ استُخدم لدعم عمليات التوسع، لكنها أشارت إلى أنه لا يعوّض غياب “شبكة تمويل طويلة الأمد”، وهو ما دفعها إلى التعاقد مع شركة أمريكية لتطوير استراتيجية جديدة لاستقطاب مانحين في الولايات المتحدة.
وجّه أعضاء سابقون في مجلس الأمناء انتقادات حادة لإنفاق نحو 500 ألف باوند على خدمات استشارية لشركة Lebec الأمريكية، التي تولت مهمة بناء علاقات مع أثرياء ومؤسسات خيرية في الولايات المتحدة. وأعرب هؤلاء عن شكوكهم بشأن فعالية هذه الخطة، مؤكدين أنها لم تُثمر عن نتائج ملموسة.
لكن الجمعية نفت هذه الاتهامات، وأكدت أن الشركة نجحت في بناء 65 علاقة استراتيجية مع مانحين محتملين بحلول أكتوبر 2024، وأن العقد الموقع معها لمدة 12 شهرًا أدى إلى تطوير أدوات وخطط لإدخال الجمعية إلى السوق الأمريكية “بمصداقية وجدية”.
ووصفت المتحدثة باسم الجمعية التعاون مع Lebec، وهي شركة بقيادة نسائية، بأنه “محوري في مرحلة التحول”، مشيرة إلى أنها نجحت في ربط الجمعية بـ”أفراد ذوي ثروات عالية، ومكاتب عائلية، وشركات، ومؤسسات غير ربحية”.
سجال حول الألقاب والصورة العامة

أثارت رئاسة صوفي تشاندوكا لمجلس الإدارة جدلًا إضافيًا، بعد أن وُجّهت لها انتقادات لاستخدامها المتكرر للقب “دكتورة”، رغم كونه فخريًا من جامعة كوفنتري، وليس مؤهلًا أكاديميًا أو طبيًا.
وردت الجمعية على هذه الانتقادات بالتأكيد على أن “استخدام اللقب مسألة شخصية” ولا توجد قيود قانونية تمنع الحاصلين على درجات فخرية من استخدامه.
أعلنت لجنة المؤسسات الخيرية في بريطانيا أنها تدرس ما وُصف بـ”ادعاءات متبادلة” بين الأطراف المعنية، في خطوة قد تفضي إلى فتح “قضية امتثال تنظيمي” تشمل جمع الأدلة حول إدارة الجمعية، مع احتمال تصعيدها إلى تحقيق قانوني رسمي في حال توافرت الأسباب.
من جهتها، اتهمت صوفي تشاندوكا الأمير هاري بمحاولة الإطاحة بها من رئاسة المجلس، مشيرة إلى أنها قدّمت بلاغًا إلى لجنة الرقابة بشأن “حالات تنمّر، وتحرّش، وسلوك عدائي تجاه النساء”.
وفي حديث مع قناة Sky News، ربطت تشاندوكا تراجع التمويل بمغادرة الأمير هاري للمملكة المتحدة، قائلة: “كان من الواضح أننا فقدنا عددًا من الرعاة بسبب هذا الواقع الجديد”.
كما أضافت أن الأمير طلب منها إصدار بيان لدعم دوقة ساسكس بعد حادثة مزعومة في مباراة بولو لجمع التبرعات، اتُهمت خلالها الدوقة بمحاولة دفعها جانبًا خلال توزيع الجوائز. وقالت تشاندوكا إنها رفضت، مؤكدة أنها “لا ترغب في تحويل الجمعية إلى منصة علاقات عامة للدوق والدوقة”.
مخاوف من تسييس العمل الخيري

تحدثت تشاندوكا عن خلاف آخر يتعلق بنيّة الأمير هاري اصطحاب طاقم تصوير من “نتفليكس” إلى أحد أنشطة الجمعية، ما اعتبره بعض أعضاء المجلس خروجًا عن الطابع الخيري المستقل للمؤسسة.
في المقابل، رفض مقربون من الأمناء المستقيلين هذه الروايات، مؤكدين أنها “غير دقيقة ولا تعكس مجريات الأحداث الحقيقية”.
مع خروج مؤسسيها وأعضاء مجلس أمنائها، تدخل سينتيبالي مرحلة غير مسبوقة من الاضطراب التنظيمي، في وقت دعت فيه تشاندوكا إلى “إعادة توجيه الجمعية بما يتماشى مع احتياجات جنوب إفريقيا الحالية”، معتبرة أن بإمكان المؤسسة مواصلة عملها من دون مؤسسيها.
في المقابل، أعرب أحد المقربين من الأمير هاري عن شعوره بالخذلان، قائلاً: “يشعر وكأن أحد أصابعه قد قُطع”.