العرب في بريطانيا | ارتفاع سرقات الهواتف في بريطانيا.. وآبل وجوجل م...

1446 ذو الحجة 26 | 23 يونيو 2025

ارتفاع سرقات الهواتف في بريطانيا.. وآبل وجوجل من أبرز المستفيدين

مطالبات لحكومة ستارمر بفرض ضرائب على الهواتف الذكية
رجاء شعباني June 4, 2025

في وقت تشهد فيه بريطانيا تصاعدًا لافتًا في جرائم سرقة الهواتف المحمولة، يواجه عملاقا التكنولوجيا العالميان “آبل” و”غوغل” اتهامات مباشرة من قبل نواب في البرلمان البريطاني بتحقيق أرباح من وراء هذه الظاهرة، في ظل تحذيرات من أن تراخي الشركتين في اتخاذ إجراءات حاسمة يساهم في إطالة عمر السوق السوداء للهواتف المسروقة، ويغذي اقتصادًا خفيًّا تديره شبكات إجرامية عابرة للحدود.

ووفق بيانات قُدّمت إلى لجنة العلوم والتكنولوجيا في مجلس العموم، سُجِّل في لندن وحدها أكثر من 80 ألف عملية سرقة لهواتف ذكية خلال عام 2024، بزيادة تجاوزت 25 في المئة مقارنة بعام 2023. ويُقدّر أن القيمة السوقية لهذه الأجهزة بلغت نحو 20 مليون باوند، وكانت النسبة الكبرى من الأجهزة المسروقة من نوع “آيفون”.

اتهامات مباشرة للشركات

تدوير الهواتف القديمة

خلال جلسة الاستماع، دعا مسؤولون من شرطة العاصمة البريطانية “ميتروبوليتان” شركات الهواتف الذكية إلى وقف وصول الأجهزة المسروقة إلى خدماتها السحابية، بما يفقد هذه الأجهزة وظائفها الذكية ويخفض قيمتها في السوق السوداء، ومن ثَمّ يمنع سرقتها. ورغم المطالبات المتكررة منذ عام 2023، لم تُنفَّذ هذه الخطوة، وفق ما أكده دارين سكاتس، كبير مسؤولي التكنولوجيا والبيانات في الشرطة.

النائب الليبرالي الديمقراطي مارتن ريغلي وجّه انتقادات لاذعة لشركتي آبل وغوغل قائلًا: “تواصلون بيع المزيد من الهواتف، لأن الأجهزة المسروقة لا تُزال من النظام. أنتم مدينون للعالم كله بتنفيذ هذه الخطوة الآن، دون أعذار، ودون تأخير.”

في مواجهة هذه الاتهامات، دافع ممثلو الشركتين عن موقفهم، مؤكدين أن الأولوية تُمنح لحماية بيانات المستخدمين، لا لتعطيل الأجهزة فقط.

وقال سايمون وينغروف، مدير هندسة البرمجيات في غوغل، إن أنظمة الحماية المعتمدة لديهم “متينة وتؤدي وظائفها بفعالية”.

أما غاري ديفيس، المدير الأول للشؤون القانونية والتنظيمية في آبل، فأشار إلى أن قطع الاتصال بالأجهزة قد تستغله جهات خبيثة لابتزاز المستخدمين أو الاستيلاء على بياناتهم، محذرًا من أخطار محتملة تتجاوز قضية السرقة ذاتها. وأضاف:

“لا نحقق أرباحًا من معاناة الناس. بل أنفقنا مئات الملايين على تطوير أنظمة الأمان.”

لكن هذه التصريحات لم تُقنع الجميع. إذ اعتبر كيت مالثاوس، الوزير السابق لشؤون الشرطة عن حزب المحافظين، أن تردد آبل يخفي خلفه “دافعًا تجاريًّا قويًّا”. وقال: “سرقة هواتف بقيمة 50 مليون باوند سنويًّا في لندن تعني بقاء دورة بيع موازية نشطة. ولو توقفت هذه السرقات، لتراجعت مبيعات الشركة بنفس القيمة تقريبًا.”
وأشار إلى أن آبل قد تكون مستفيدة من تقديم خدمات لمستخدمي الهواتف المسروقة في أنحاء متفرقة من العالم.

جريمة منظمة وعابرة للحدود

بريطانيا الـ 54 عالميا في أسعار بيانات الهواتف المحمولة

الشرطة البريطانية أشارت إلى أن أغلب هذه السرقات تُرتكب ضمن شبكات إجرامية منظمة تنشط في بريطانيا، والجزائر، والصين، ويُنقل جزء من الأجهزة المسروقة إلى الخارج عبر وسطاء، بعد تغليفها بوسائل تمنع تتبعها، كأكياس الفاراداي أو التغليف بالورق المعدني.

وأوضح القائد جيمس كونواي من شرطة العاصمة أن بعض السرقات ينفّذها مراهقون على دراجات كهربائية عالية السرعة، ويعمد هؤلاء المراهقون إلى تنفيذ 10 إلى 20 عملية سرقة متتالية في شوارع لندن، قبل تمرير الهواتف إلى وسطاء وتسفيرها خارج البلاد.

كما أشار إلى أن معظم الأجهزة المستهدفة هي أحدث وأغلى نسخ هواتف آيفون، التي تُباع في السوق السوداء بأسعار تتراوح بين 300 و400 باوند، وهو ما يجعلها هدفًا رابحًا، لا سيما في ظل ارتفاع أسعار الهواتف في دول الدخل المنخفض.

ويُقدّر أن أكثر من 90 في المئة من الهواتف المسروقة يُعاد استخدامها، أما الباقي فيُفكّك ويُباع كقطع غيار، ولا سيما الشاشات التي تحتفظ بقيمة سوقية عالية.

تحركات أمنية محدودة

تنبيه الطوارئ

أفادت شرطة العاصمة بأن شهرَي أبريل ومايو شهدا تراجعًا بنسبة 15 في المئة في مجمل السرقات، ويُعزى هذا التراجع جزئيًّا إلى أولوية أمنية جديدة، إضافة إلى زيادة وعي المستخدمين. وجرى تعزيز قدرات المطاردة عبر شراء أسطول من الدراجات الكهربائية السريعة؛ لملاحقة منفذي جرائم الخطف والسرقة في الشوارع.

وفي مستهل الجلسة البرلمانية، كشف النائب مالثاوس أنه بينما كان متجهًا إلى البرلمان صباحًا شاهد شابين ملثمين راكبين على دراجتين يحاولان سرقة هاتف، وهو ما يعكس استفحال الظاهرة، حتى في قلب العاصمة ومحيط مؤسسات الدولة.

ترى منصة العرب في بريطانيا (AUK) أن ما كُشف خلال جلسة البرلمان يمثل أزمة متشابكة تتداخل فيها مسؤوليات الحكومة، والشركات التكنولوجية الكبرى، وأجهزة إنفاذ القانون. إذ لا يُعقل أن يُترك مصير أمن ملايين المواطنين في يد معادلات ربحية، تُغلّب حماية الأرباح على المصلحة العامة.

وإذ تؤكد المنصة ضرورة احترام الخصوصية وحماية بيانات المستخدمين، فإنها تدعو في الوقت ذاته إلى تطوير منظومة تكنولوجية توازن بين الأمان الرقمي والمسؤولية الاجتماعية، وتُلزم الشركات الكبرى باتخاذ خطوات حقيقية لحرمان الأجهزة المسروقة من الوظائف التي تتيح إعادة بيعها.

إن استمرار استهداف الأحياء الفقيرة والشرائح الشبابية في هذه السرقات يُبرِز اتساع فجوة العدالة الرقمية والأمنية. ومع غياب إجراءات حاسمة، تبقى حياة الناس وأجهزتهم عرضة للنهب في وضح النهار… والربح في المقابل محفوظ في جيوب الشركات.

 

المصدر الغارديان 


إقرأ أيّضا

اترك تعليقا

لن يتم نشر بريدك الإلكتروني.

loader-image
london
London, GB
4:34 am, Jun 23, 2025
temperature icon 18°C
broken clouds
78 %
1009 mb
16 mph
Wind Gust 0 mph
Clouds 75%
Visibility 10 km
Sunrise 4:43 am
Sunset 9:21 pm