أوين جونز: محاسبة نتنياهو قادمة.. ولكن هل سيفلت داعموه؟

أثار النائب عن حزب المحافظين، كيت مالثاوس، تساؤلات لافتة داخل البرلمان البريطاني حول حجم المسؤولية السياسية لبريطانيا تجاه ما يجري في غزة. وفي سؤاله الموجه إلى وزير شؤون الشرق الأوسط في حكومة حزب العمال، حاميش فالكونر، أكد مالثاوس أن “الجرائم تُرتكب يوميًا”، وأن “لحظة الحساب تقترب”، في إشارة واضحة إلى تزايد الضغط الأخلاقي والسياسي لوقف ما وصفه بمجازر يومية.
وأوضح النائب أن بريطانيا، بحكم التزاماتها الدولية، تقع على عاتقها “مسؤولية إيجابية” لوقف جرائم الإبادة الجماعية وغيرها من الانتهاكات الجسيمة. وبناء على ذلك، شدد على ضرورة النظر في مسؤولية الحكومة البريطانية، بما في ذلك رئيس الوزراء، ووزير الخارجية، ووزير الشرق الأوسط، عندما يحين وقت المحاسبة.
دور بريطانيا في محاسبة إسرائيل: خطوات رمزية أم جدية؟

وبينما انضمت بريطانيا إلى كل من فرنسا وكندا في التعبير عن إدانتها للمعاناة في غزة، يبدو أن الإجراءات التي اتخذتها الحكومة البريطانية حتى الآن قد تكون رمزية أكثر منها فاعلة. وزير الخارجية البريطاني، ديفيد لامي، أدان الوضع في غزة، مشيرًا إلى أنه “غير محتمل”، وأعلن تعليق محادثات التجارة مع إسرائيل، بالإضافة إلى فرض عقوبات على بعض المستوطنين الإسرائيليين المتطرفين. ومع ذلك، يرى العديد من المراقبين أن هذه الخطوات تمثل مجرد إجراءات شكلية لا تواكب حجم الجرائم التي تُرتكب في غزة، ولا تقارن بما كان يجب على بريطانيا اتخاذه كدور أكبر في محاسبة إسرائيل.
تاريخ الدعم الغربي لإسرائيل وأثره على المحاسبة القادمة
الحديث عن محاسبة إسرائيل لا يقتصر فقط على قادة إسرائيل، بل يجب أن يشمل أيضًا جميع الدول الغربية التي دعمتها في سياساتها المتعنتة.
في بريطانيا، على سبيل المثال، فإن الدعم الذي قدمته الحكومة البريطانية لإسرائيل على مر السنين، بدءًا من فترة ديفيد كاميرون، ترك آثارًا دائمة على موقفها الحالي. رغم ضغوط المجتمع الدولي على الحكومة البريطانية للتوقف عن دعم إسرائيل، لا يزال هذا الدعم قائمًا إلى حد كبير، إذ استمرت المملكة المتحدة في السماح بتصدير أجزاء من طائرات F-35 إلى إسرائيل حتى بعد تصاعد الدعوات لمحاسبة إسرائيل على جرائمها في غزة. هذا الدعم التاريخي يضع المملكة المتحدة في موقف صعب، ويجعل المحاسبة المرتقبة أوسع من مجرد محاسبة القادة الإسرائيليين.
إدانات متزايدة من داخل البرلمان البريطاني
في داخل البرلمان البريطاني، تصاعدت الأصوات التي تطالب بمحاسبة إسرائيل، وأعرب عدد من النواب المحافظين عن قلقهم من استمرار دعم إسرائيل في الوقت الذي تزداد فيه الأدلة على ارتكابها جرائم حرب في غزة. النائب إدوارد ليه، الذي يعد عضوًا في “أصدقاء إسرائيل” منذ أكثر من 40 عامًا، وجه سؤالًا مباشرًا: “متى لا تكون الإبادة إبادة؟”، بينما أشار زميله مارك بريتشارد إلى قلقه من أن المملكة المتحدة قد تكون ارتكبت خطأ تاريخيًا في استمرار دعمها لإسرائيل، مؤكداً أن هذه اللحظة ستكون محورية في حكم التاريخ على سياسات المملكة المتحدة.
دور الإعلام الغربي في تغيير الرأي العام
في المقابل، أصبح الإعلام الغربي، الذي كان في السابق داعمًا كبيرًا لإسرائيل، يتبنى موقفًا نقديًا من الحرب على غزة. صحيفة “التايمز” البريطانية، التي لطالما كانت حليفًا قويًا لإسرائيل، نشرت مؤخرًا مقالات تتساءل عن تجاهل فظائع غزة، وتعكس تحولًا في الخطاب الإعلامي تجاه إسرائيل. ويعكس هذا التحول تزايد الضغط على الحكومات الغربية لتعديل سياساتها ودعمها لإسرائيل.
إسرائيل تحت محاكمة التاريخ: كيف يمكن محاسبة داعميها؟
من غير الممكن أن تقتصر المحاسبة على قادة إسرائيل فقط. فالوضع في غزة، الذي أودى بحياة أكثر من 5,000 مدني، يشكل جريمة ضد الإنسانية في نظر العديد من المنظمات الحقوقية الدولية. تصريحات المسؤولين الإسرائيليين، مثل بيزاليل سموتريتش، الذي أعلن أن إسرائيل “تقوم بتفكيك غزة” وتركها “كأكوام من الأنقاض”، تعكس فداحة الجرائم المرتكبة في القطاع. وفي الوقت الذي يستمر فيه الهجوم الإسرائيلي، يبدو أن هناك عزوفًا عالميًا عن اتخاذ خطوات حاسمة ضد إسرائيل وداعميها في الغرب.
الحساب آتٍ ولكن هل سيتحقق؟
الحساب آتٍ، هذا لا شك فيه. ومع تصاعد الضغط الدولي على إسرائيل، يبدو أن لحظة المحاسبة قادمة. لكن السؤال الأهم هو: هل ستتحمل الدول الغربية مسؤوليتها في محاسبة إسرائيل وداعميها؟ في ظل تزايد الأدلة على الجرائم التي ارتكبتها إسرائيل، فإن المحاسبة يجب أن تشمل جميع الأطراف التي ساعدت في تسهيل هذه الجرائم، سواء كانوا من القادة الإسرائيليين أو من الدول التي دعمتهم. سيكون التاريخ هو الحكم النهائي على المواقف الغربية من إسرائيل، وستظل هذه الحقبة واحدة من أكثر الفترات إثارة للجدل في سجل السياسة الدولية.
المصدر: الغارديان
إقرأ أيضًا:
الرابط المختصر هنا ⬇
جميع المقالات المنشورة تعبّر عن رأي أصحابها ولا تعبّر بالضرورة عن رأي المنصة